42
فتوح الشام ( للواقدي )
فخرجنا إليهم واستعنا بالله عز وجل متوكلين على الله خالقنا فرزقنا الله الصبر والنصر وكتب الله على أعدائنا القهر فقاتلناهم في كل واد وسبسب وجملة من أحصيناهم ممن قتل من المشركون خمسون ألفًا وقتل من المسلمين في اليوم الأول والثاني أربعمائة وخمسون رجلًا ختم الله لهم بالشهادة منهم عشرون رجلًا من الأنصار ومن أهل مكة ثلاثون رجلًا ومن حمير عشرون والباقي من أخلاط الناس ويوم كتبت لك الكتاب كان يوم الخميس لليلتين خلتا من جمادى الآخر ونحن راجعون إلى دمشق إن شاء الله تعالى فادع لنا بالنصر والسلام عليك وعلى جميع المسلمين ورحمة الله وبركاته وطوى الكتاب وسلمه إلى عبد الرحمن بن حميد وأمره بالمسير إلى المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام وسار خالد بالمسلمين طالب دمشق.
قال الواقدي رحمة الله عليه: ولقد بلغني أن أبا بكر الصديق كان يخرج كل يوم بعد صلاة الفجر إذ أقبل عبد الرحمن بن حميد.
فلما رآه تسابقت إليه أصحابه وقالوا له: من أين أقبلت قال: من الشام وإن الله قد نصر المسلمين فسجد أبو بكر الصديق لله شكرًا وأقبل عبد الرحمن ابن حميد إلى أبي بكر وقال: يا خليفة رسول الله ارفع رأسك فقد أقر الله عينك بالمسلمين فرفع أبو بكر رأسه وقرأ الكتاب سرًا فلما فهم ما فيه قرأه على المسلمين جهرًا فتزاحم الناس يسمعون قراءة الكتاب فشاع الخبر في المدينة فهرعت الناس من كل مكان فقرأه أبو بكر ثاني مرة وتسامع الناس من أهل مكة والحجاز واليمن بما فتح الله على أيدي المسلمين وما ملكوا من أموال الروم فتسابقوا بالخروج إلى الشام ورغبوا في الثواب والأجر وأقبل إلى المدينة من أهل مكة وأكابرهم بالخيل والرماح وفي أوائلهم أبو سفيان والغيداق بن وائل وأقبلوا يستأذنون أبا بكر في الخروج إلى الشام فكره عمر بن الخطاب خروجهم إلى الشام وقال لأبي بكر: لا تأذن للقوم فإن في قلوبهم حقائد وضغائن والحمد لله الذي كانت كلمته هي العليا وكلمتهم هي السفلى وهم على كفرهم وأرادوا أن يطفوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ونحن مع ذلك نقول: ليس مع الله غالب.
فلما أن أعز الله ليننا ونصر شريعتنا أسلموا خوفًا من السيف فلما سمعوا أن جند الله قد نصروا على الروم أتونا لنبعث بهم إلى الأعداء ليقاسموا السابقين الأولين والصواب أن لا نقربهم.
فقال أبو بكر: لا أخالف لك قولًا ولا أعصي لك أمرًا.
قال وبلغ أهل مكة ما تكلم به عمر بن الخطاب فأقبلوا جمعهم إلى أبي بكر الصديق في المسجد فوجدوا حوله جماعة من المسلمين وهم يتذاكرون ما فتح الله على المسلمين وعمر بن الخطاب عن يساره وعلي بن أبي طالب عن يمينه والناس حوله فأقبلت قريش إلى أبي بكر فسلموا عليه وجلسوا بين يديه وتشاوروا فيمن يكون أولهم كلامًا فكان أول من تكلم أبو سفيان بن حرب فأقبل على عمر بن الخطاب وقال: يا عمر كنت لنا مبغضًا في الجاهلية فلما هدانا الله تعالى إلى الإسلام هدمنا ما كان في قلوبنا لأن الإيمان يهدم الشرك وأنت بعد اليوم تبغضنا فما هذه العداوة يا ابن الخطاب قديمًا وحديثًا أما آن لك أن تغسل ما بقلبك من الحقد والتنافر وإنا لنعلم أنك أفضل منا وأسبق في الإيمان والجهاد ونحن عارفون بمرتبتكم غير منكرين.
قال: فسكت عمر رضي الله عنه واستحى من هذا الكلام.
فقال أبو سفيان: إني أشهدكم أني قد حبست نفسي في سبيل الله وكذلك تكلم سادات مكة.
فقال أبو بكرة اللهم بلغهم أفضل ما يؤملون واجزهم بأحسن ما يعملون وارزقهم النصر على عدوهم ولا تمكن عدوهم فيهم {إنك على كل شيء قدير} [آل عمران: 26].
قال الواقدي: فما تقدمت أيام قلائل حتى جاء جمع من اليمن وعليهم عمرو بن معد يكرب الزبيدي رضي الله عنه يريد الشام فما لبثوا حتى أقبل مالك بن الأشتر النخعي رضي الله عنه فنزل عند الإمام علي رضي الله عنه بأهله وكان مالك يحب سيدنا عليًا وقد شهد معه الوقائع وخاض المعامع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عوم على الخروج مع الناس إلى الشام.
كتاب أبو بكر إلى خالد قال الواقدي: واجتمع بالمدينة نحو تسعة آلاف فلما تم أمرهم كتب أبو بكر كتابًا إلى خالد بن الوليد يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر خليفة رسول الله إلى خالد بن الوليد ومن معه عن المسلمين.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق