إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

119 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


119

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

ثم إن عمرًا استشار الأمراء في ذلك وكانوا لا يفعلون شيئًا إلا بمشورة بعضهم ولذلك مدحهم الله في كتابه العزيز بقوله عز وجل‏:‏ ‏{‏وأمرهم شورى بينهم‏}‏ ‏[‏الشورى 38‏]‏‏.‏ فأشاروا عليه أن يرسل خلف الأمراء والجنود المتفرقة في البحيرة شرقًا وغربًا وأن يرتب الجيوش ويقصدوا الصعيد ويتوكلوا على الله عز وجل‏.‏
قال الواقدي‏:‏ وكانت الصحابة لما فتحت مصر والوجه البحري قد تفرقوا فمنهم في الإسكندرية وأمسوس ودمياط ورشيد وبلبيس وكان أكثرهم بوسط البحيرة في المكان المعروف بالمنزلة مثل القعقاع بن عمرو التميمي وهاشم بن المرقال وميسرة بن مسروق العبسي والمسيب بن نجيبة الفزاري‏.‏
فعندها استدعى عمرو رضي الله عنه بالنجابة والسعاة وعمرو بن أمية الضمري ومثل هؤلاء رضي الله عنهم أجمعين وكتب الكتب وأرسلها للأمراء فعندها أجابوا بأجمعهم لأنهم رضي الله عنهم كانوا أشوق للقتال من العطشان للماء البارد الزلال وتركوا في البلاد والمدائن من يحفظها أو يحرسها خيفة من العدو وأقبلوا نحو مصر مسرعين ونزلوا حولها وأخبر عمرو رضي الله عنه بقدومهم فدخل دار الإمارة وهي قريبة من الجامع العمري وأقبلت السادات والأمراء يسلمون عليه وكان ذلك نهار الأربعاء عاشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين من الهجرة النبوية وقيل اثنتين وعشرين والله أعلم‏.‏
قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله‏.‏
قال‏:‏ حدثنا عبيدة بن رافع عن أبيه جحيفة عن جابر بن عبد الله الأنصاري وحدث بذلك ابن سلمة رضي الله عنه‏.‏
قالوا‏:‏ لما قدمت الأمراء والأجناد من الصحابة رضي الله عنهم أقاموا الأربعاء والخميس والجمعة فخطب عمرو رضي الله عنه بالناس‏.‏
فلما فرغ من خطبته أمر الناس أن لا يتفرقوا حتى يقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‏.‏
فقرأ عليهم الكتاب‏.‏
فلما فرغوا من قراءته تواثبوا كلهم كالأسود الضارية المشتاقة إلى فرائسها وقالوا كلهم‏:‏ سمعنا وأطعنا ولأرواحنا في سبيل الله بذلنا وللجهاد طلبنا وفي الثواب رغبنا وإلى الجنة اشتقنا ففرح عمرو بذلك وقال‏:‏ إن أمير المؤمنين قد أمرني أن أولي عليكم سيف الله والنقمة على أعداء الله صاحب القتال الشديد والبطل الصنديد خالد بن الوليد‏.‏
قال الواقدي‏:‏ وكان خالد بن الوليد صديق عمرو في الجاهلية وأسلما في يوم واحد‏.‏
ثم التفت عمرو إلى خالد وقال‏:‏ ادن مني يا أبا سليمان فدنا منه فقال عمرو‏:‏ يا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم كلكم لكم الفضل وإني لست بأفضل وفيكم من هو ذو قرابة ونسب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تعلمون ما فتح الله على يديه من البلاد وما أذل الله على يديه من الأجناد‏.‏
قال الواقدي‏:‏ فوثب الفضل بن العباس رضي الله عنه وقال‏:‏ أيها الأمير إنا بذلنا أنفسنا في رضا الله عز وجل وما نريد بذلك إلا رفعة عند الله عز وجل وإن خالدًا من أخيارنا ولو أمرت علينا عبدًا حبشيًا لامتثلنا أمره في رضا الله عز وجل فناهيك بخالد وهو سيد من سادات قريش عزيز في الجاهلية والإسلام فتهلل وجه خالد وعمرو فرحًا ثم أمرهم بالنزول جميعًا بأرض الجزيرة قريبًا من الهرم الشرقي وأقبلوا يضربون خيامهم حوله حتى تكاملت العساكر رضي الله عنهم أجمعين‏.‏
قال الراوي بسنده إلى الواقدي وابن إسحق وابن هشام‏:‏ لما تكاملت الجيوش وذلك في ربيع الآخر من السنة المذكورة صلى عمرو بأصحابه صلاة الصبح ثم قام من ساعته يمشي على قدميه وحوله جماعة من المسلمين ومعه خالد بن الوليد والمقداد بن الأسود الكندي والزبير بن العوام الأسدي والفضل بن العباس الهاشمي وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمر بن الخطاب وهاشم بن المرقال والمسيب بن نجيبة الفزاري والعباس بن مرداس وأولاد عبد المطلب وبقية السادات حتى طلع على رابية وأشرف على الجيش فلما رأى اجتماعهم سر سرورًا عظيمًا‏.‏
ثم أمر بعض الجيش فتقدمت الأمراء أصحاب الرايات وصار كل أمير يعرض جيشه وبني عمه على عمرو بن العاص فكانت عدتهم فيما ذكر والله أعلم ستة عشر ألف فارس فانتدب منهم عشرة آلاف فارس كلهم ليوث عوابس وعليهم الدروع الداودية متقلدين بالسيوف الهندية معتقلين بالرماح الخطية راكبين الخيول العربية من خيار أمة خير البرية فعند ذلك قال لهم عمرو‏:‏ يا معاشر الأمراء أصحاب الرايات والسادات الأخيار إن خالدًا أمير عليكم فاسمعوا له وأطيعوا وكونوا كلمة واحدة ونازلوا المدائن والقلاع وشنوا الغارات على السواد ولا تقاتلوا قومًا حتى تدعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإن أبوا فأداء الجزية فإن أبوا فالقتال بينكم وبينهم ‏{‏حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 87‏]‏‏.‏ وأرسلوا الطلائع ولا يكون في الطلائع إلا كل فارس كرار في الحرب والقتال وثبتوا أنفسكم ولا يغرنكم كثرة أعدائكم فأنتم الغالبون فقد ذكر الله في كتابه المكنون المبين ‏{‏كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 249‏]‏‏.‏ وأحسنوا نياتكم وثبتوا عزائمكم فأنتم الغالبون والله معكم وأنتم كلكم أهل الفضل والسابقة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلتم بين يديه ولا تحتاجون إلى وصيتي بارك الله فيكم‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق