137
مقدمة
فتوح الشام
أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )
قال فعندها ضجت الأمراء أصحاب الرايات وأقبل علج عظيم من البطارقة وطلب البراز فبرز إليه المغيرة بن شعبة فحمل عليه البطريق واقتتلا قتالًا شديدًا فضربه المغيرة بالسيف فطاح من يده وبادر عدو الله إلى المغيرة ليضربه وإذا بفارس قد أقبل بيده سيف مجذوب فلوح به إلى المغيرة وإذا هو عبد الرحمن بن أبي بكر فأخذه المغيرة وضرب به البطريق فحاد عنها وقرب من المغيرة وتجاذبا وكلما أراد المغيرة أن يسطو على العلج يمانع عن نفسه ونظر ضرار بن الأزور إلى ذلك فترجل عن جواده وسعى بين الصفوف حتى قرب من البطريق وضربه في حزامه فقطعه فسقط عدو الله وهو جاذب المغيرة إلى الأرض فعندها تكاثرت الروم على ضرار والمغيرة فأرادوا قتلهما وإذا بثلاثة فوارس قد أقبلوا واخترقوا الصفوف أحدهم عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والثاني عبد الله بن عمر بن الخطاب والثالث المقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنهم فأزالوهم عن مراكزهم وقتلوا ثلاثة من الروم وفرقوا الكتائب عنهم وضرب ضرار البطريق فقتله.
قال: ومال عبد الرحمن بن أبي بكر وركب ضرار جوادًا من خيل المقتولين وأخذوا الأسلاب هذا وعدو الله البطليوس لعنه الله تارة يكر في الميمنة وتارة يكر في الميسرة وطلب البراز.
فبرز إليه المقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنه وتعاركا وتجاولا وتطاعنا.
قال المقداد بن الأسود: قاتلت ملوكًا وفتحت قلاعًا ولاقيت حروبًا في الجاهلية والإسلام فلم أر أخدع من البطليوس ولا أشد بأسًا ولا أصعب مراسًا منه فتقاتلا حتى كل الجوادان والتفت إلي وقال: ما أجرأ فرسك كيف تقاتل عليه وهو بثلاث أرجل.
قال المقداد: فمن شفقتي على جوادي طأطأت رأسي لأنظر إلى قوائمه فضربني بالسيف ضربة قوية فقطعت الخوذة والرفادة وأثرت قليلًا في رأسي فظن الملعون أن خصمه قد قتل فلوى عنان فرسه فاستيقظ المقداد وتبعه قال: فبينما الناس في أشد القتال إذ أقبل الأمير خالد بن الوليد رضي الله عنه ومعه الأمراء المتقدم ذكرهم وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وفي أوائل القوم خالد وهو ينشد ويقول: رعى الله صبا للقا جاء يسرع وصبا على الفرسان بالرمح يقرع ومن باع لله المهيمن نفسه وكان إلى الهيجا بالأمر أطوع فويلك يا بطلوس من سيف خالد إذا اشتدت الهيجاء والحرب يرفع فلا رحم الرحمن بطلوس كافرًا ويلعنه كل الملائك أجمع فإن قدر المولى سأخرب داره وأتركها من بعده وهي بلقع بحد يماني إذا ما جذبته تذل له كل العداة وتخضع
قال الراوي
: ثم إن خالدًا رضي الله عنه حمل بمن معه واقتتلوا قتالًا شديدًا وقاتل البطليوس لعنه الله قتالًا شديدًا وقتل رجالًا وجندل أبطالًا فعندها حملت الأمراء وأصحاب الرايات وذو المروءات واقتتلوا بين الجبل والباب قريب التل الأحمر قتالًا شديدًا وعطف خالد على البطليوس وصال عليه وكلما مر إلى ميسرة يراوغه إلى الميمنة ومن الميمنة إلى الميسرة فعندها عطف خالد عليه وحازه بين الصفوف وحمل عليه فعندها فر إلى القلب وأحاط به أصحابه وقومه ووضعت الأمراء السيوف فيهم وتبعه الأمير خالد وساق جواده إلى الباب واقتحمه وتبعه قومه وانهزموا إلى الباب ودخلوه وتبعهم المسلمون واقتتلوا عند الباب وقتل من الروم نحو أربعة آلاف ودخلوا الباب وأغلقوه وأوثقوه بالأقفال وعلوا على الأسوار وأسر المسلمون نحو ألف وخمسمائة فعرضوهم على الأمير خالد وكان فيهم من كبار البطارقة فعرض عليهم الإسلام فامتنعوا فأمر بضرب رقابهم وافتقد المسلمون أصحابهم فإذا قد قتل منهم مائتان وثمانون رجلًا ختم الله لهم بالشهادة.
قال الواقدي: هذا ما جرى لهؤلاء وأما عدو الله بطليوس فإنه حمل هما وحصل له ما لا ينبغي شرحه وأمر بجمع البطارقة فلما اجتمعوا شكا لهم أمر العرب وما لقوا من الحرب وقال لهم: فما الرأي عندكم فقالوا: كلنا بين يديك فإذا أمرتنا بالقتال قاتلنا على سور بلدنا قال: سأدبر لكم أمرًا وهو تدبير من خاض الحروب وعرفها ثم أمر باجتماع الناس خاصتهم وعامتهم فاجتمعوا إليه إلا من بقي على الأبواب خوفًا من المسلمين فلما تكاملوا واجتمعوا قال: إني عزمت أن أهجم على القوم هذه الليلة وأكبسهم في أماكنهم والليل مدلهم وأنتم أعرف بمسالك البلد من غيركم فلا يبقى منكم أحد إلا ويتأهب ويخرج معي من بابه ونكبس القوم وأخرج أنا بنفسي ومن معي من باب توما وأرجو وصولي إلى مسرتي وإلا أموت بحسرتي وأبيدهم أولا بأول لعلي أن أصل إلى أميرهم فآخذه أسيرًا وأبلغ مقصدي.
قالوا: حبًا وكرامة ثم بعث فرقة إلى باب الجبل وفرقة إلى باب قندوس وفرقة إلى الباب الشرقي وانتدب معه سادات قومه ومن عرف بالشجاعة وأخذهم معه ثم أقبل على القوم قبل انصرافهم وقال: سآمر صاحب الناقوس أن يخفق لكم الناقوس خفقة عند خروجي من الباب فتخرجون جميعًا فامتثلوا ما أمرهم به وقاموا ينتظرون الإشارة وأما صاحب الناقوس فاحتمله وصعد به على السور أي البرج وفعل ما أمره به البطليوس فخرج القوم كالسلاهب وضج البطليوس في عشرين ألف فارس من الشجعان وهو يوصيهم وقال أسرعوا في مشيكم فإذا وصلتم إلى القوم فاحملوا عليهم ومكنوا السيوف والخناجر من رقابهم ومن صاح الأمان فلا تبقوا عليه إلا أن يكون أمير القوم ومن أبصر منكم الصليب الذي أخذ منا فليأخذه ومن أتى به أكرمته.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق