إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 يونيو 2014

31 فتوح الشام ( للواقدي )


31

فتوح الشام ( للواقدي )


قال الواقدي‏:‏ ولقد بلغني ممن أثق به أن وردان لما رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجمعوا وعولوا على حربهم جمع إليه الملوك والبطارقة وقال لهم‏:‏ يا بني الأصفر اعلموا أن الملك يعول عليكم وإذا انكسرتم لا تقوم لكم بعدها قائمة أبدًا وتملك العرب بلادكم وتسبي حريمكم فعليكم بالصبر ولتكن حملتكم واحدة ولا تتفرقوا واعلموا أن كل ثلاثة منا بواحد منهم واستعينوا بالصليب ينصركم فهذا ما كان من هؤلاء‏.‏

وأما خالد رضي الله عنه فإنه مشى على أصحابه وقال‏:‏ معاشر المسلمين من فيكما يحذر لنا القوم وينفرهم‏.‏

فقال ضرار بن الأزور‏:‏ أنا أيها الأمير‏.‏

فقال خالد‏:‏ أنت لها والله ولكن يا ضرار إذا أشرفت على القوم فإياك أن تحمل نفسك ما لا تطيق وأن تغزر بنفسك وتحمل على القوم فما أمرك الله بذلك فقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 195‏]‏‏.‏ قال فأطلق ضرار عنان جواده حتى أشرف على جيش الروم فرأى أثاثهم وخيامهم وشعاع البيض والطوارق والرايات كأجنحة الطيور قال وكان وردان ينظر نحو جيش المسلمين إذ نظر إلى ضرار وهو مشرف على القوم فقال للبطارقة‏:‏ إني أرى فارسًا قد أقبل ولست أشك أنه طليعة القوم فأيكم يأتيني به فانتدب من القوم ثلاثين فارسًا طلبوا ضرارًا كلما نظر إليهم ضرار ولى من بين أيديهما فتبعوه وظنوا أنه قد انهزم وإنما أراد بذلك أن يبعدهم عن أصحابهم فلما بعدوا علم أنه تمكن منهم فلوى رأس جواده إليهما وصوب السنان عليهم فأول من طعن فارسًا من القوم أرداه وثنى على الآخر فأعدمه الحياة وصال فيهم صولة الأسد على الغنم ودخل رعبه في قلوبهم فولوا منهزمين فتبعهم وهو يصرع منهم فارسًا بعد فارس إلى أن صرع منهم تسعة عشر فارسًا‏.‏

فلما رأوا ذلك وقرب هو من جيوش الروم لوى راجعًا إلى خالد ومعه أسلابهم وخيولهم وأعلمه بما كان فقال له خالد‏:‏ ألم أقل لك لا تغزر بنفسك ولا تحمل عليهم فقال‏:‏ إن القوم طلبوني فخفت أن يراني الله منهزمًا فجاهدت بإخلاص ولا جرم أن الله ينصرنا عليهم والله لولا خوفي من ملامك لأحملن على الجميع‏.‏

واعلم أن القوم غنيمة لنا‏.‏

قال فرتب خالد عسكره ميمنة وميسرة وقلبًا وجناحين فجعل في القلب معاذ بن جبل وفي الميمنة عبد الرحمن بن أبي بكل الصديق وفي الميسرة سعيد بن عامر وفي الجناح الأيسر شرحبيل بن حسنة وفي الساقة يزيد بن أبي سفيان في أربعة آلاف فارس حول الحريم والبنات والأولاد ثم التفت إلى النسوة وهن عفراء بنت غفار الحميرية وأم أبان ابنة عتبة وكانت عروسًا قد تزوج بها في هذا اليوم أبان بن سعيد بن العاص والخضاب في يدها والعطر في رأسها وخولة بنت الأزور ومزروعة بنت عملوق وسلمة بنت زارع وغيرهن من النسوة ممن عرفن بالشجاعة والبراعة‏.‏

نصيحة خالد فقال لهن خالد‏:‏ يا بنات العمالقة وبقية التبابعة قد فعلتن فعلًا أرضيتن به الله تعالى والمسلمين وقد بقي لكن الذكر الجميل وهذه أبواب الجنة قد فتحت لكن وأبواب النار قد أغلقت عنكن وفتحت لأعدائكن واعلمن أني أثق بكن‏.‏

فإن حملت طائفة من الروم عليكن فقاتلن عن أنفسكن وإن رأيتن أحدًا من المسلمين قد ولى هاربًا فدونكن وإياه بالأعمدة وأرمين بولده وقلن له‏:‏ أين تولي عن أهلك ومالك وولدك وحريمك فإنكن ترضين بذلك الله تعالى‏.‏

فقالت عفراء بنت غفار‏:‏ أيها الأمير والله لا يفرحنا إلا أن نموت أمامك فلنضربن وجوه الروم ولنقاتلن إلى أن لا تبقى لنا عين تطرف والله ما نبالي إذا رمينا الروم كله قال فجزاهن خيرًا‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق