إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

135 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )



135


مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال‏:‏ فتواثبت الفرسان إليه وسألوه فقص عليهم القصة فتواثب المسلمون إلى خيولهم فركبوها وكل يقول أنا أمضي فعندها استدعى الأمير عياض بعبد الله بن جعفر الطيار أخي علي بن أبي طالب وضم إليه ألف فارس من الصحابة رضي الله عنه من أهل الشدة وساروا أول الليل ومعهم رجل من المعاهدين يدلهم إلى أن قربوا من قرية هناك بسفح الجبل فكمنوا هناك إلى أن جن الليل إذا سمعوا حوافر الخيل فتواثبوا إلى خيولهم فركبوها وإذا بالروم أقبلوا عليهم والأسارى معهم موثقون بالحبال على ظهور خيولهم وكانت ليلة مقمرة فصاحت المسلمون بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وحمل القوم واقتتلوا قتالًا شديدًا فعندها صاح عبد الله بن جعفر رضي الله عنه‏:‏ يا قوم أيعجز أحدكم عن خصمه قال‏:‏ فتواثب الأمراء والسادات رضي الله عنهم يقتلون ويأسرون وبادر عبد الله بن جعفر إلى مقدم الجيش لعنه الله وكان عليه درع مصفح فطعنه في صدره طعنة قرشية هاشمية فأطلع السنان يلمع من ظهره وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار فلما رأى الروم ذلك انهزموا وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون وينهبون فما أصبح الصباح حتى قتل منهم نحو خمسمائة وأسروا الباقين وخلصوا المسلمين من الأسر وغنموا سلاح الروم وأموالهم وخيولهم وترك عبد الله بن جعفر الأسارى وخمسمائة من المسلمين عند القرية وأمرهم أن لا يبرحوا حتى يأتيهم وأقر عليهم عبد الله بن معقل وساروا حتى أتوا إلى محل المعركة ووجدوا القتلى وعندهم نصارى من المعاهدين يبكون وحلفوا لهم أن لا علم لهم بذلك فنزلوا عن خيولهم وأخرجوا لهم زادًا فأكلوا وواروا شهدائهم وكر عبد الله راجعًا إلى أصحابه وحملوا رؤوس القتلى ورأس عدو الله ميخائيل أمامهم وجلبوا خيولهم وأخرجوا لهم زادًا فأكلوا وساقوا الأسارى حتى وصلوا إلى العسكر بالميرة والعلوفة ومعهم من العسل والسليط‏.‏
قال‏:‏ وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وأجابتهم المسلمون إلى مثل ذلك وانقلب العسكر والروم على الأسوار ينظرون ما الخبر فرأوا تلك الرؤوس على رؤوس عدو الله ميخائيل أمامهم فصعب عليهم وكبر لديهم ولطموا على وجوههم وذهبوا إلى البطليوس وأعلموه بذلك فصعب عليه واستدعى بجواده فركبه وصعد على السور حتى أشرف على المسلمين فلما رأى ذلك عظم عليه وقال‏:‏ ما هؤلاء إنس وإنما هم جن فلما رأى المسلمون البطليوس أتوا إلى الأمير فأعلموه بذلك فركب الأمراء معه حتى أتى إلى تل هناك عال مقابل باب قندوس واستدعى بالأسارى وعرض عليهم الإسلام فأبوا فضربوا رقابهم والروم ينظرون إلى ذلك فغضب عند ذلك البطليوس غضبًا شديدًا وحمل همًا عظيمًا‏.‏
قال الراوي‏:‏ ثم إن عدو الله استشار أصحابه فيما يفعل وأنه يريد الخروج بنفسه والكبسة عليهم‏.‏
قال فنهض إليه بطريق اسمه كراكر وكان فارسًا شديدًا وقال‏:‏ أنا أيها الملك أكفيك هذا المهم وأكبس عليهم لعلي أن أنال منهم منالًا وأريد معي جماعة شدادًا فقال الملك‏:‏ خذ من شئت فانتدب معه عشرة بطارقة تحت يد كل بطريق ألف وجاؤوا إلى كنيستهم وفتحوا الإنجيل في وجوههم وساروا إلى أن وصلوا إلى الأبواب والبطليوس يحرضهم ويوصيهم بالهجمة عليهم ما داموا على غفلة‏.‏
ثم أمر الحراس بفتح الباب لهم وهو باب قندوس وكانوا ألف فارس بوابين على الباب وكان للباب ثلاثة أبراج بين كل برجين باب وشراريف وخرجوا وهم مستعدون لذلك والمسلمون على غفلة مما دبر القوم لا يدرون ما يراد بهم وكان على حرس المسلمين تلك الليلة من جهة باب قندوس زائد بن ثابت وعبيد الله بن عباس وعبد الله بن معقل والبراء بن عازب ومالك الأشتر وذو الكلاع الحميري‏.‏
قال الراوي‏:‏ حدثنا عوف بن سعد عن سعيد بن طارق الثقفي عن أبي يزيد عن مالك الأشتر قال بينما نحن نسهر تلك الليلة والمسلمون قد هجعوا في مراقدهم من شدة البرد وكثرة السهر ووضعوا أسلحتهم ومنهم من له ورد يقرؤه ومنهم من يصلي إذ رأينا فتح الباب وخرجوا كالسلاهب وبأيديهم الفوانيس ومشاعل النار وحملوا على الجيش فتبادرنا إليهم وصحنا النفير دهينا يا مسلمون ثوروا فقد غدركم القوم فلما سمع المسلمون الصياح تبادروا وثاروا من مضاجعهم كالأسود الضارية هذا يأخذ سيفه وهذا يأخذ رمحه وهذا عاري الجسد لم يمهل حتى يلبس ثيابه وهذا يشد وسطه بمئزره وهذا عليه قميص واحد وثاروا في صدور الرجال هذا وعدو الله قد عطف على جماعة من المسلمين قبل أن ينتهوا ووضع السيف في عراضهم فما أفاق بعض القوم إلا والسيف قد أطاح رأس هذا وقطع زند هذا وطعن نحر هذا وهكذا وكثر الصياح وعظم البلاء وكثر القتال وعدو الله كراكر عليه ديباجة حمراء مقصبة بالذهب تلمع من فوق الدروع وعلى رأسه بيضة عليها جوهرة تضيء كالكواكب وهو يهدر كالجمل الهائج وهو يرطن بلغته وخلفه جماعة والذين على الأسوار يصيحون ويزعقون بشعارهم ويضربون بقرونهم وبوقاتهم وطبولهم وأوقدوا مشاعلهم من أعلى السور حتى بقي مثل النهار هذا وقد ثارت الأمراء أصحاب النجدة وذوو المروءات واعتقلوا بسيوفهم وركبوا خيولهم فمنهم من ركب جواده عريانًا ومنهم من ركب بسرج بغير لجام ومنهم من أسرع ماشيًا فلله در الفضل بن العباس وابن عمه الفضل بن أبي لهب وعبد الله بن جعفر وزياد بن أبي سفيان والقعقاع بن عمرو والمسيب بن نجيبة الفزاري والمغيرة ومسلم وأبي ذر الغفاري وأبي دجانة وأبي أمامة وغفار بن عقبة وأبي زيد العقيلي ومثل هؤلاء السادات رضي الله عنهم لقد قاتلوا قتالًا شديدًا وأبلوا بلاء عظيمًا وطعن جماعة من المسلمين وجرح جماعة من المسلمين‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق