إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

140 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )



140


مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

فإذا فتحنا الأبواب دخلوا إلينا فانتدب منهم مائة رجل من خيار القوم عنهم عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وزيد بن ثابت وعقبة بن عامر ومسلم بن عقيل وزياد بن أبي سفيان وأخوه حبار والمسيب بن نجيبة وأخوه والمقداد بن الأسود ورافع وأبو رزين العقيلي ومثل هؤلاء السادات وقد اقتصرنا في أسمائهم خوف الإطالة ورتب خالد رضي الله عنه عبد الله بن جعفر والزبير بن العوام وابنه عبد الله والفضل بن العباس والفضل بن أبي لهب وضرار بن الأزور ومثل هؤلاء مقابل الباب وصبروا إلى غروب الشمس وأتوا إلى ذلك السرب ودخلوا إليه في الماء كل واحد بسراويله وسيفه وكان أولهم الأمير خالد وكل من دخل يدع سيفه وحجفته مع صاحبه حتى يدخل ويأخذهما حتى دخل ثمانون رجلًا ورجع عشرون لم يسعهم السرب وضاق عليهم فولوا وهم متأسفون لما فاتهم من الشهادة والفتح وتواثبت الأمراء المذكورون وأخفوا نفوسهم تحت الجدار إلى جزء من الليل فتبادروا إلى الباب فوجدوه موثقًا من داخله فعالجوا الأقفال والروم سكارى ففتحوا الباب افتحوا كل من وجدوه في دهليز الباب وكانوا ستين رجلًا ثم علوا على السور وجماعة منهم أخذوا المفاتيح ففتحوا الباب وثاروا على الروم فقتلوا جماعة منهم في أعلى البرج وقتلوا بطريق البرج وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير فأجابهم المسلمون بمثل ذلك ودخلوا من الباب إلى سوى المدينة وتبادرت جماعة إلى القصر فلما أحس عدو الله بذلك وأن المسلمين ملكه عليه الأبواب وضع منديلًا في عنقه وخرج وهو يقول‏:‏ الأمان الأمان وفعل جماعة كذلك فأبى خالد ووضع السيف فيهم وقاده أسيرًا وقال له‏:‏ يا عدو الله لا أمان لك عندي إلا أن تسلم وقبض على جماعة من بطارقته ووضع السيف فيهم وقتل من الروم نحو ثلاثة آلاف وقتل من المسلمين في تلك الليلة في وسط البلد مائة وأربعة وثمانون رجلًا قريبًا من سور المدينة وعند الأبواب وعند القصر وجاء عياض ومعه جماعة من الأمراء فشكا إليهم أهل البلد وقالوا‏:‏ الأمان فرق لهم الأمير عياض وصار عدو الله يتملق بين أيديهم فغلبوا على رأي خالد حتى صالحهم على ألف مثقال من الذهب الأبريز وألف ألف أوقية من الفضة البيضاء وعشرة آلاف وسق من البر والشعير والجزية من العام القابل وخالد لا يطمئن قلبه إلى شيء من ذلك وغلب الأمراء على رأيه وجاؤوه وقالوا له‏:‏ لقد أضر بنا هذا المقام بهذا البلد فما نراك إلا أشفق منا علينا ونرى من الرأي أن ترسل إلى عمرو وتعلمه بذلك وهذا الكلب وجماعته موثقون إلى أن يجيء الجواب فلما بلغه ذلك رد لهم الجواب أنهم يستوثقون منه بالأيمان ويأخذون منه ما صالحهم عليه ويتركونه ومن صاح الغوث الغوث فاتركوه وإلا نفر منكم أهل الصعيد ففعل خالد وقلبه نافر وأطلقه بعدما استوثق منهم بالأيمان في كتبهم المذكورة وأطلقوه وشرط عليهم أن لا ينزل عندهم أحد إلا من يقبض المال فخرجوا إلى ظاهر المدينة وبقي عنده فضالة بن زيد السلمي وعون بن ساعدة الكندي ومقوم بن سعيد الجهني ومائتان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج الميرة والعلوفة وصار كل يوم يركب ويتودد إلى الأمراء ووهب وأعطى ولم يترك أميرًا إلا خادعه حتى طابت نفوسهم عليه إلا خالدًا والفضل بن العباس والمقداد وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والزبير بن العوام فإنهم لم تطب نفوسهم إليه وأقاموا شهرين على ذلك وأرسل جميع الغلال إلى خزينته في هذا الزمن وخزن ما يحتاج إليه واستدعى بكبار قومه ومن يثق به واتفق رأيهم على قتل المسلمين والغدر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبروا إلى أن مضى جزء من الليل وهجم على المسلمين على حين غفلة في ألف بطريق وأوثقهم كتافًا وجعل في أفواههم الأكر وفتح الأبواب وأدخلهم المدينة وهجم على المسلمين ووضع السيف فيهم وهم رقود فما انتبهوا إلا والسيف يقطع في نحورهم وكانت وقعة عظيمة وثار خالد بمن معه وكان الزبير راقدًا فسمع الصياح‏.‏
فقال دهينا ورب الكعبة ثم ركب وركبت معه زوجته وقاتلت النساء قتالًا شديدًا وعدو الله تارة يكر ميمنة وتارة يكر ميسرة والسيف يعمل والرجال تقتل وكانت ليلة شديدة وصار خالد يقول‏:‏ يا قوم أما قلت لكم فما سمعتم لخالد والتجأ زياد بن أبي سفيان وأخوه هبار وميسرة بن مسروق وفضالة بن عبد شمس وعقيب بن يعقوب وعبادة بن تميم وجندبة الكلبي إلى تل هناك وأحاط بهم طائفة من الروم من كل مكان فقاتلوا قتالًا شديدًا وانحدر زياد رضي الله عنه من التل وتبعه أصحابه فأحدقت بهم الروم وداروا بهم كدوران السور بالمعصم وقتلوا زيادًا وجميع من ذكرنا من الأمراء وقاتلت نسيبة الأنصارية أم أبان وأسماء ابنة أبي بكر ونعمانة ابنة المنذر ونظائرهن في تلك الليلة قتالًا شديدًا وقتل جماعة من المسلمين وأتى خالد وحمل عليهم وجعل يقلب الميمنة على الميسرة والميسرة على الميمنة قال وأطبق عليهم هو وجميع الأمراء فهزموهم إلى الأبواب وقد قتلوا منهم مقتلة عظيمة وهرب عدو الله وتحصن هو وقومه وغلقوا الأبواب ولما أصبح أمر بالحصار وأمر بإحضار المأسورين وصعد بهم إلى أعلى البرج وضرب رقابهم فشق ذلك على المسلمين وصعب عليهم ما فعل عدو الله بأصحابهم وأتى خالد رضي الله عنه ومعه بقية الأمراء إلى مكان المعركة فوجدوا الشهداء مطروحين ووجدوا زيادًا رضي الله عنه وفيه عشرون طعنة بالرمح وأربعون ضربة بالسيف وإلى جانبه أخوه هبار وفي رأسه عشرون ضربة بالسيف وواحدة في فخذه فقطعته فبكى خالد عليهم بكاء شديدًا وبكى عليهم سائر الأمراء والأبطال المسلمين ونعاهم الأمير خالد بهذه الأبيات وهي له خصوصًا‏:‏ هوام دموعي كالسحائب تهمع وقلبي من فقد الأحبة يفزع وأظلمت الدنيا على نور عبرتي وكاد فؤادي بالجوى يتقطع لفقد زياد أحرق البين مهجتي وغاب صوابي وهو في الأرض يصرع لقد كان في بحر المعامع صائلًا يزلزل أركان العدا ويضعضع وقد كان مقدام الفوارس كلها بكل مكان للأعادي مقمع لحى الله يومًا فيه حانت وفاته وأجفانه مع أسهم الدمع تدمع أيا سيدًا من آل هاشم لم يزل له رتبة بالمجد والجود ترفع يعز علينا أن نراك معفرًا ورأسك من فوق الجنادل تسفع بجانبك الهبار أضحى مهبرًا طريحًا على رأس الثرى وهو مطبع ألا لعن الرحمن بطلوس قومه وألعنه مع كل قوم تجمع لقد غدر السادات من آل هاشم نجومًا وأقمارًا على الناس تطلع وصلوا عليهم وواروهم في حفرهم إلى جانب التل فإذا هم ثمانون أميرًا وثلمائة وسبعون رجلًا ختم الله لهم بالشهادة‏.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق