18
فتوح الشام ( للواقدي )
معارك الشام
قال الواقدي رحمه الله تعالى: فلما سمع جرجيس كلام خالد تأخر إلى ورائه وقد تغير لونه فقال له كلوس: يا ويلك رأيتك في بدايتك تهيم كالسبع فما لك قد تأخرت فقال: وحق المسيح ما أعلم أنه الفارس الجحجاح وبطلهم الفصاح هذا صاحب القوم الذي ملأ الشام شرًا.
فقال كلوس: يا جرجيس اسأله أن يؤخر الحرب بيننا إلى غد فالتفت إلى خالد وقال له: يا سيد قومك هذا صاحبي يريد أن يرجع إلى قومه ليشاورهم.
فقال خالد: ويحك أتريد أن تخدعني بالكلام وأقبل برمحه في وجه جرجيس.
فلما نظر جرجيس ذلك انعقد لسانه وولى هاربًا.
فلما رأى خالد ذلك طلب كلوس وحمل عليه وتطاعنا واحترز البطريق من طعنات خالد فلما نظر خالد احتراز البطريق حط يده في أطواقه وجذبه فقلعه من سرجه.
فلما نظر المسلمون فعل خالد كبروا بأجمعهم وتسابق الفرسان إلى خالد فلما قربوا منه رمى لهم البطريق وقال أوثقوه كتافًا فصار يبربر بلسانه فأتى المسلمون بروماس صاحب بصرى وقالوا له: اسمع ماذا يقول فقال لهم: يقول لكم لا تقتلوني فأني أجبت صاحبكم في المال والجزية.
فقال خالد: استوثقوا منه ثم نزل عن جواده وركب جوادًا أهداه له صاحب تدمر وعزم أن يهجم على الروم.
فقال ضرار بن الأزور: أيها الأمير دعني أنا أحمل على القوم حتى تستريح أنت.
فقال: يا ضرار: الراحة في الجنة غدًا ثم عول خالد على الحملة فصاح به البطريق كلوس وقال: وحق دينك ونبيك إلا ما رجعت إلي حتى أخاطبك فرجع خالد إليه وقال لروماس: اسأله ما يريد.
فقال: أعلمه أني صاحب الملك وقد بعثني إليكم في خمسة آلاف فارس لأردكم عن بلده وأهله ورعيته وقد تحاججت أنا وعزازير متولي دمشق وقدم إلي معه كذا وكذا وأنا أسألك بحق دينك إذا خرج إليك فاقتله وإن لم يخرج إليك فاستدعه واقتله فإنه رأس القوم.
فإن قتلته فقد ملكت دمشق.
فقال خالد لروماس: قل له إنا لا نبقي عليك ولا عليه ولا على من أشرك بالله تعالى.
ثم إنه بعد ذلك الكلام حمل وهو ينشد ويقول: لك الحمد مولانا على كل نعمة وشكرًا لما أوليت من سابغ النعم مننت علينا بعد كفر وظلمة وأنقذتنا من حندس الظلم والظلم وأكرمتنا بالهاشمي محمد وكشفت عنا ما نلاقي من الغمم فتمم إله العرش ما قد ترومه وعجل لأهل الشرك بالبؤس والنقم وألقهم ربي سريعًا ببغيهم بحق نبي سيد العرب والعجم قال الواقدي: نقد بلغني ممن أثق به أنه لما ولى جرجيس هاربًا من بين يدي خالد إلى أصحابه رأوه يرتعد من الفزع.
فقالوا له: ما وراءك.
فقال: يا قوم ورائي الموت الذي لا يقاتل والليث الذي لا ينازل وهو أمير القوم وقد آلى على نفسه أن يطلبنا أينما كنا وما خلصت روحي إلا بالجهد فصالحوا الرجل قبل أن يحمل عليكم بأصحابه فلا يبقي منكم أحدًا فقالوا له: ما يكفيك أنك انهزمت وقد هموا بقتله فبينما هم كذلك إذ أقبل أصحاب كلوس على عزازير وهم خمسة آلاف وصاحوا به وقالوا له: ما أنت عند الملك أعز من صاحبنا وقد كان بيننا وبينك شرك فاخرج أنت إلى خالد واقتله أو أسره وخلص لنا صاحبنا وإلا وحق المسيح والمذبح والذبيح شننا عليك الحرب فقال عزازير وقد رجع به مكره ودهاؤه: يا ويلكم أتظنون أني جزعت من الخروج إلى هذا البدوي من أول مرة ولكني ما تأخرت عن الخروج إليه وتقاعدت عن قتاله حتى يتبين عجز صاحبكم وسوف ينظر الفريقان أينا أفرس وأشجع وأثبت في مقام القتال إذا نحن تشابكنا بالنصال.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق