إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يونيو 2014

99 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


99

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال فتابوا بأجمعهم فلما جن الليل اجتمع يوقنا بعياض وحدثه بأمر طاريون وما وافقته عليه وأنها قد وهبت نفسها لله تعالى ومضت تدبر كيف تعمل في تسليم البلد للمسلمين وإني وعدتها أن أسير إليها وأعينها على ذلك‏.‏
فقال عياض‏:‏ إذا كان الأمر كذلك فيجب علينا أن نطلع عليه خالدًا وأصحابه‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ افعل ما فيه الصواب فأرسل إلى خالد ومعاذ وقيس والمسيب بن نجيبة وعمرو بن معد يكرب وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم وحدثهم بالحديث وقال لهم‏:‏ ما ترون من الرأي فتح أرمينية وأخلاط وقف وأنظر قال خالد‏:‏ أصلح الله الأمير‏.‏
إذا كان الأمر كذلك فابعث يوقنا رسولًا ونحن معه فإذا حصلنا هناك يفعل الله ما يريد والحاضر يرى ما لا يراه الغائب‏.‏
قال‏:‏ فسيروا على بركة الله تعالى فتأهبوا وساروا وسار مع يوقنا خمسة وثلاثون من الصحابة وعشرون من أصحاب يوقنا فلما وصلوا أخلاط ونظرت إليهم الروم والأرمن علموا أنهم رسل فأعلموا بذلك الملك وأنهم رسل من العرب فأمر بإحضارهم فأتتهم الحجاب إلى باب رومية وهو باب بدليس فرأوهم على خيولهم‏.‏
فقالوا لهم‏:‏ ادخلوا فأخذوهم إلى دار الإمارة وأعلموا الملك بوسطيوس بذلك فأمر بإحضارهم فلما توسطوا الدهليز أراد الغلمان أن يأخذوا أسلحتهم‏.‏
فقال خالد‏:‏ إنا قوم لا نسلم سيوفنا لغيرنا وإن الله بعث نبينا بالسيف وقد قلدنا إياه ولسنا نزيل ما خلصنا الله ورسوله به فدخل الحجاب وأعلموا الملك بما قال خالد‏.‏
فقال الملك‏:‏ دعوهم يدخلوا كيف شاؤوا لئلا يظنوا أنا نخافهم وإنما ذاك ناموس الملك فدخلوا بهم فلما رآهم وسلموا عليه جلسوا على الأرض كأنهم السباع وكل منهم قد جعل يده على مقبض سيفه وقد بلغ الملك ما هم عليه من الدين والزهد في الدنيا فأوصى أصحابه أن لا يأمروهم بأن يصقعوا له فإنهم لا يجيبونهم لذلك‏.‏
قال فلما استقر بهم الجلوس قال لهم ترجمانه‏:‏ يا هؤلاء بما أتيتم إلينا‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ إن أمير جيوش المسلمين بأرض بدليس قد بعثنا إليكم رسلًا ندعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله أو تدخلوا فيما دخل فيه الناس وتؤذوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون فأعلم الترجمان الملك بما قاله يوقنا‏.‏
حدثنا قدامة أنه لم يكن بينهم ترجمان وإنما كان المتكلم يوقنا بالرومية وهو لسان القوم‏.‏
قال الراوي‏:‏ حدثني من أثق به‏.‏
قال كان الترجمان بينهم لأن الملك أرمني لا يفهم إلا بلسان الأرمن ويوقنا كان روميًا لا يفهم لسانًا آخر فلما بلغه الترجمان غضب وقال‏:‏ وحق المسيح والإنجيل لا نعطيهم ولا ندخل في دينهم أو نموت عن آخرنا ولا يحسبوا أننا مثل من لاقوا من جيوش الروم ولنا الشدة والبأس والقوة والمراس ونحن نرمي عن الأقواس بالنشاب والعرب تسميه قاطع الشهوات والأسباب وأنا أبعث إلى صاحب خوى وسلواس وأستنصر عليهم بأسراغوص ملك المرج ونردهم على أعقابهم ونستخلص منهم البلاد وليس عندنا جواب غير هذا‏.‏
قال‏:‏ فبلغهم الترجمان ما قاله‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ ليأذن لنا بالانصراف لنعلم صاحبنا بهذا الجواب‏.‏
فقال الملك‏:‏ بيتوا عندنا هذه الليلة وفي غد تنصرفون وأمر بهم أن ينزلوا في المكان الفلاني فخرجوا من عنده إلى المكان الذي أمر به فنزلوا به ينتظرون ما يكون من الجارية طاريون‏.‏
قال ولما خرج الصحابة من عنده ركب من وقته إلى بيعة يوحنا واجتمع بابنته وقال لها‏:‏ إن العرب قد وجهوا إلي رسولًا ومعه جماعة وقالوا لي كذا وكذا وأجبتهم بكذا وكذا فما ترين من الرأي‏.‏
فقالت‏:‏ أيها الملك أين هم قال‏:‏ عوقتهم هذه الليلة حتى أشاورك في أمرهم‏.‏
فقالت‏:‏ أريد أن أنظر من هم فإنه لا يخفى علي أمرهم إن كانوا من وجوه العرب النافذ أمرهم فأمرني أن أتحدث معهم وأطيب قلبهم بأنك تصالحهم وأطمعهم بذلك فإذا اطمأنوا بذلك أمرتك بالقبض عليهم واتركهم عندك حتى لا يكون لهم خلاص فإذا قبضت عليهم ترسل إلى صاحبهم تقول له متى تقدمت إلينا مرحلة واحدة بعثت إليك برؤوسهم فإذا سمع ذلك لا يتقدم ويقع الصلح على أن نسلم إليه أصحابه وينصرك المسيح ويطول عمرك ويرفع قدرك وينصرفون عنك وما ثم رأي أوفق من هذا‏.‏
فقال لها‏:‏ يا بنية المسيح يطيل عمرك ويرفع قدرك فقومي إليهم ودعي هذه البيعة والزمي البيعة التي في دارنا فإنك كلما أقمت ههنا كان أخوف بنا وإن كان مقصودك العبادة ففي أي مكان كنت فيه فإن لك معبدًا فلما سمعت قوله قالت‏:‏ لست أبرح من ههنا حتى يأمرني بترك هذا المكان فأرسل فقال البترك‏:‏ قد أذنت لك أن تتعبدي حيث شئت وقد استوهبت ذنوبك مع المسيح وغفر لك‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق