37
فتوح الشام ( للواقدي )
فقال: حبًا وكرامة ثم إنه مضى وقال في نفسه: إن وردان قد عزم أن يلحق بولده ثم أقبل حتى إنه وقف قريبًا من المسلمين ونادى برفيع صوته وقال: يا معاشر العرب حسبكم من القتل وسفك الدماء فإن الله تعالى يسألكم عن سفكها وأريد أن يخرج إلي أمير العرب حتى أخاطبه بما أرسلت به.
قال فما استتم كلامه حتى خرج إليه خالد رضي الله عنه وهو كأنه شعلة نار.
فلما نظر إليه داود النصراني قال له: يا عربي على رسلك فما خرجت أحارب ولا أنا من رجال الحرب وما أنا إلا رسول.
فلما سمع خالد مقالته قرب منه.
وقال: أذكر مسألتك واستعمل الصدق تنج فمن صدق نجا ومن كذب هلك فقال: صدقت يا عربي إن أميرنا وردان كاره سفك الدماء وقد رأى شدتكم ولا يريد حربكم وقد نظر إلى من قتل من جماعته فكره أن يحاربكم وقد رأى أن يدفع لكم مالًا ويحقن به دماء الناس لكن بشرط أن يكون بينك وبينه كتاب وتشهد عليك كبراء قومك أنك لا تتعرض له ولا لأحد من أصحابه ولا لحصن من حصونه فإن فعلت ذلك وثق بقولك وهو يسألك أن تقطع الحرب بقية يومك فإذا أصبحت فاخرج بنفسك ولا يكن معك أحد ويخرج هو أيضًا منفردًا فننظر ما تتفقان عليه عسى أن تحقنا دماء الناس بيننا وبينكم.
قال فلما سمع خالد ما نطق به داود قال له: إن كان ما أخبر به صاحبكم يريد به حيلة أو مكيدة فنحن والله جرثومة الخداع وما مثلنا يأتي بحيلة ولا بخديعة فإن كان ذلك ضميره واعتقاده فما هو إلا قرب أجله وانقطاع عمره وهلاك جموعكم والانفصال بيننا وبينكم وإن كان ذلك حقًا من قوله فلست أصالحه إلا إذا أدى الجزية عن جماعته.
وأما المال فلست براغب فيه إلا على ما ذكرته لكم وعن قريب نأخذ أموالكم ونملك بلادكم.
فقال داود وقد عظم عليه كلام خالد: ما يكون الأمر إلا كما ذكرت فإذا توافقتم كان الانفصال بيننا وها أنا راجع فأذكر له ما ذكرت ثم لوى راجعًا وقد امتلأ قلبه رعبًا من خالد وفزع منه فزعًا شديدًا ثم قال في نفسه: صدق والله أمير العرب وأنا أعلم والله أن وردان أول مقتول ونحن من بعده وما لي إلا أن أصدق أمير العرب وآخذ لي ولأهلي منه أمانًا ثم رجع إلى خالد وقال له: يا أمير إني قد أضمرت على سر وأريد أن أبديه لك لأني أعلم أن البلاد لكم إن وردان قد نوى على شيء فقال خالد: وما هو فقال: خذ لنفسك الحذر وكن مستيقظًا فإنه قد أضمر لك كيدًا ثم أخبره بالقصة من أولها إلى آخرها ثم قال لخالد: أريد منك الأمان لي ولأهلي.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق