إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يونيو 2014

95 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


95

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

فقال أهل المدينة‏:‏ فإذا عفوتم عنا نرجع إلى دينكم فأسلم أكثرهم وضربت الجزية على من لم يسلم في العام القابل على كل بالغ أربعة مثاقيل ذهبًا وأخذوا سلاحهم وحملوا لهم شطر أموالهم فحملها وبنى البيعة المعروفة جامعًا وأقام في آمد اثني عشر يومًا وولى عليه صعصعة العبدي ومعه خمسمائة من بني عمه ومن العرب‏.‏
فتوح اليمانية وجبل الجودي قال‏:‏ وارتحل عياض إلى الحصون وهي حصون الجبابرة وأنفذ إلى أهلها فأسلموا وأرسل النعمان بن معرف إلى أهل أنكل فاسلموا وسميت باليمانية لأنها فتحت على يد حذيفة بن اليمان ومضى عياض إلى الجابية ففتحها صلحًا ونزد إلى أهل جبل الجودي والسيوان وذي الفرض‏.‏
فأخذوا من المسلمين صلحًا وعهدًا على تقرير بينهم وأرتحل المسلمون حتى نزلوا على الهتاج فأبى أهله أن يسلموا وعولوا على القتال ونصبوا الرعادات والمجانيق فنظر عياض إلى ذلك فعظم عليه‏.‏
وقال‏:‏ هذا حصن منيع ومتى تركناه ومضينا عنه أغاروا على أهل هذه البلاد وأذاقوهم الشر وقد لزمنا من أسلم ومن صالحنا ألزم لنا فلا نحيد عنه حتى نفتحه إن شاء الله تعالى فقال خالد‏:‏ انزلوا بنا عليه ولعل أن يأتي من عرضيات الأمور ما لم يكن في حساب‏.‏
قال الواقدي‏:‏ وكان صاحب الهتاج شيطانًا مريدًا جبارًا عنيدًا وكان اسمه يانس بن كليوس وكان قد تزوج بميرونة ابنة بزيونة ابنة بريول بن كالوص صاحب قلب والحصن الحديد وكانت قد زفت إليه وأقامت عنده سنة ثم إنها مضت إلى زيارة أبيها وأمها وأقامت عندهما شهرًا فلما خرجت من عندهما ومضت إلى الهتاج عند زوجها فبينما هي في نصف الطريق إذ بلغها المسلمين قد نزلوا على الهتاج فجلست في مكانها ولم تبرح وكان عدو الله يحبها ولا يجد له عنها صبرًا فلما رأى المسلمين وقد نزلوا عليه علم أنه لا يقدر أن يجتمع بالجارية اتفق رأيه أن يصالح المسلمين حيلة منه ومكرًا وخديعة حتى تحصل زوجته عنده ويغدر ولا يعطي أحدًا طاعة فأرسل إلى عياض يقول له إنك لو أقمت علينا بقية عمرك لما قدرت علينا ولكن صالحنا سنة كاملة شمسية فإن أنت فتحت ما بقي من ديار بكر فنحن نوجع إلى طاعتك وإن لم تقدر على فتح البلاد فلا طاعة لك علينا والسلام وأرسل إلى عياض رجلًا من متنصرة العرب من ربيعة الفرس وكان ذلك الرجل مدبر بلاد الهتاج هو وبنو عمه وكان اسمه مرهف بن واقد وكان ميله إلى العرب أكثر من الروم فلما أتى الرسالة إلى عياض أجابه إلى الصلح لئلا يطول مقامهم فلما هم مرهف بالرجوع قال لعياض‏:‏ أما والله أيها الأمير ما كنت بالذي أدع النصيحة للعرب وأستعملها للعلوج وهذا العلج قد اتفق رأيه على كذا وكذا فإن كنت ترحل وتكمن لزوجته وتأخذها ومن معها وتطلب منه البلد فإنه يسلم لوقته فافعل‏.‏
فقال عياض‏:‏ ما كنا نقول قولًا ولا نفي به ولعل الله ينظر إلى صدق نياتنا فيفتحه علينا‏.‏
حدثني مالك بن بشر بن عامر وكان ممن حضر فتوح الشام وديار بكر وديار ربيعة‏.‏
قال‏:‏ بينما مرهف يحدث عياضًا إذا بغبرة قد أقبلت فقال عياض لميسرة بن مسروق‏:‏ اركب وانظر ما هذه الغبرة‏.‏
فركب ومضى هو وجماعة من الصحابة وعاد ميسرة وهو يقول‏:‏ أبشر أيها الأمير بالفتح قال‏:‏ وما الخبر يا ابن مسروق‏.‏
قال‏:‏ هذا جيش ابن هبيرة المازني قد أغار على البلاد وأتى بالأموال والرجال‏.‏
قال فظهر البشر في وجه عياض وجعل يتطاول إلى قدوم ابن هبيرة المازني حتى وصل وسلم على عياض وعلى المسلمين وعرض عليه الغنائم ومرهف بن واقد يتأملها إلى أن عرضت عليه جارية رومية تخجل الشمس منها وعليها زي الملوك فأطرق المسلمون إلى الأرض يستعملون الأدب مع الله في قوله‏:‏ ‏{‏قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 30 ‏]‏ 0 فلما نظر إليها مرهف قال‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله وأن دينكم الحق وقولكم الصدق‏.‏
فقال له عياض‏:‏ ما بالك أيها الرجل‏.‏
قال‏:‏ هذه زوجة يانس صاحب الهتاج وقد طرحها الله في أيديكم فسجد عياض شكرًا لله فلما رفع رأسه قال‏:‏ ‏{‏ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب‏}‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ 2 3‏]‏‏.‏
قال الواقدي‏:‏ وكانت ميرونة قد خرجت من عند أهلها ومعها جماعة من بنات البطارقة فرافق طريق قيس بن هبيرة تلك الأرض فأخذها ومن معها وأتى بها إلى عياض‏.‏
فقال عياض لمرهف‏:‏ ارجع إلى يانس واكتم إسلامك وأخبره بما رأيت واستعمل النصح للمسلمين وقل له إن أراد أهله فليسلم لنا هذه القلعة ومهما أردنا منه‏.‏
قال فرجع مرهف إلى يانس وحدثه بما جرى فعظم ذلك عليه وكبر لديه وقال لمرهف‏:‏ ما الذي ترى من الرأي‏.‏
قال‏:‏ اعلم أن هؤلاء القوم ما قالوا قولًا إلا وفوا به وبذلك نصروا علينا ومن الرأي أن نسلم لهم القلعة ويعطوك زوجتك وجميع مالك وأنا الضامن لك منهم ذلك‏.‏
فقال‏:‏ يا أنس انزل إليهم وائتني بعشرة رجال يحلفون لي على ما أريد فإن أجابوني إلى ذلك سلمت إليهم القلعة ولا تأتني إلا بمن يقبل قوله ويشكر فعله حتى أستوثق منهم نفسي ولعله يكون الرجل الذي شاع ذكره بالشجاعة وفتح البلاد والشام - يعني خالد بن الوليد - وإنما أراد الملعون ذلك حتى يقبض عليهم ويخلص بهم زوجته‏.‏
قال فنزل إلى عياض وأخبره بذلك وبما قاله يانس‏.‏
فقال عياض‏:‏ يا مرهف يريد الملعون أن يخدعنا ونحن ثمرة الخداع ونرجو من الله أن يرجع مكره عليه ولديه ثم قرأ ‏{‏إن الله لا يصلح عمل المفسدين‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ ا 8‏]‏‏.‏
قال خالد‏:‏ دعنا أيها الأمير نصعد إليه والله الموفق للصواب‏.‏

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق