إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 يونيو 2014

19 فتوح الشام ( للواقدي )


19

فتوح الشام ( للواقدي )

ثم إنه في الحال ترجل عن جواده ولبس لامته وركب جوادًا يصلح للجولان وخرج إلى قتال سيدنا خالد بن الوليد الفارس الصنديد رضي الله عنه فلما قرب منه قال‏:‏ يا أخا العرب ادن مني حتى أسألك وكان الملعون يعرف العربية فلما سمع خالد ذلك قال‏:‏ يا عدو الله ادن أنت على أم رأسك ثم هم أن يحمل عليه‏.‏

فقال‏:‏ على رسلك يا أخا العرب أنا أدنو منك فعلم خالد أن الخوف داخله فأمسك عنه حتى قرب منه‏.‏

فقال‏:‏ يا أخا العرب ما حملك أن تحمل أنت بنفسك‏.‏
‏.‏
أما تخشى الهلاك فلو قتلت بقيت أصحابك بلا مقدم‏.‏

فقال خالد‏:‏ يا عدو الله قد رأيت ما فعل الرجلان من أصحابي لو تركتهم لهزموا أصحابك بعون الله تعالى وإنما معي رجال وأي رجال يرون الموت مغنمًا والحياة مغرمًا ثم قال له خالد‏:‏ من أنت‏.‏

فقال‏:‏ أو ما سمعت باسمي أنا فارس الشام أنا قاتل الروم والفرس أنا كاسر عساكر الترك‏.‏

فقال خالد‏:‏ ما اسمك فقال‏:‏ أنا الذي تسميت باسم ملك الموت اسمي عزرائيل‏.‏

قال الواقدي‏:‏ فضحك خالد من كلامه وقال‏:‏ يا عدو الله تخوفني أن الذي تسميت باسمه هو طالبك ومشتاق إليك ليرديك إلى الهاوية‏.‏

فقال له البطريق‏:‏ ما فعلت بأسيرك كلوس‏.‏

فقال‏:‏ هو موثق بالقيود والأغلال‏.‏

فقال له عزازير‏:‏ وما منعك من قتله وهو داهية من دواهي الروم‏.‏

فقال خالد‏:‏ منعني من ذلك أني أريد قتلكم جميعًا فقال عزازير‏:‏ هل لك أن تأخذ ألف مثقال من الذهب وعشرة أثواب من الديباج وخمسة رؤوس من الخيل وتقتله وتأتيني برأسه‏.‏

فقال له خالد‏:‏ هذه ديته فما الذي تعطيني أنت عن نفسك‏.‏

قال‏:‏ فغضب عدو الله من ذلك وقال‏:‏ ما الذي تأخذ مني‏.‏

قال‏:‏ الجزية وأنت صاغر ذليل‏.‏

فقال عزازير‏:‏ كلما زدنا في كرامتكم زدتم في إهانتنا فخذ الآن لنفسك الحذر فإني قاتلك ولا أبالي فلما سمع خالد كلام عزرائيل حمل عليه حملة عظيمة كأنه شعلة نار فاستقبله البطريق وقد أخذ حذره وكان عزازير ممن يعرف بالشجاعة في بلاد الشام فلما نظر خالد إلى عدو الله أظهر شجاعته وبراعته تبسم‏.‏

فقال عزازير‏:‏ وحق المسيح لو أردت الوصول إليك لقدرت على ذلك ولكنني أبقيت عليك لأني أريد أن أستأسرك ليعلم الناس أنك أسيري وبعد ذلك أطلق سبيلك على شرط أنك ترحل من بلادنا وتسلم لنا ما أخذت من بلاد الشام فلما سمع خالد كلام عزازير قال له‏:‏ يا عدو الله قد داخلك الطمع فينا وهذه العصابة قد ملكوا تدمر وحوران وبصرى وهم ممن باعوا أنفسهم بالجنة واختاروا دار البقاء على دار الفناء وستعلم أينا من يملك صاحبه ويذل جانبه ثم إن خالدًا أرى البطريق أبواب الحرب‏.‏
قال‏:‏ فندم عزازير على ما كان منه من الكلام وقال‏:‏ يا أخا العرب أما تعرف الملاعبة‏.‏

فقال خالد‏:‏ ملاعبتي الضرب في طاعة الرب ثم إن الملعون هاجم خالدًا ولوح إليه بسيفه وضربه به فلم يقطع شيئًا فذهل عدو الله من جولان خالد وثباته وعلم أنه لا يقدر عليه ولا على ملاقاته فولى هاربًا وكان جواده أسبق من جواد خالد‏.‏

قال عامر بن الطفيل رضي الله عنه‏:‏ وكنت يوم حرب دمشق في القلب وشاهدنا ما جرى بين خالد وعزازير لما ولى هاربًا وقصر جواد خالد عن طلبه فوقع في قلبي الطع وقال‏:‏ كأن البدوي خاف مني وما لي إلا أن أقف حتى يمحقني وآخذه أسيرًا ولعل المسيح ينصرني عليه فلما وقع ذلك في نفسه وقف حتى لحق به خالد وقد جلل فرسه العرق فلما قرب منه صاح عزازير وقال‏:‏ يا عربي لا تظن أني هارب خوفًا منك وإنما أبقيت عليك خوفًا على شبابك فارحم نفسك وإن أردت الموت أسوقه إليك أنا قابض الأرواح أنا ملك الموت فعدما ذلك ترتجل عن جواده وسحب السيف وسار إليه كأنه الأسد الضاري‏.‏

فلما نظر عزازير إلى ذلك وإلى ترجل خالد زاد طمعه فيه وحام حوله وهم إليه يريد أن يعلو رأسه بالسيف فزاغ خالد عنها وصاح فيه وضرب قوائم فرسه بضربة عظيمة فقطعها فسقط عدو الله على الأرض ثم ولى هاربًا يريد أصحابه فسبقه خالد‏.‏

وقال‏:‏ يا عدو الله إن الذي تسميت باسمه قد غضب عليك واشتاق إليك وها هو قد أقبل عليك يقبض روحك ليؤديك إلى جهنم ثم هجم عليه وهم أن يجلد به الأرض ونظرت الروم إلى صاحبها وهو في يد خالد فهموا أن يحملوا على خالد ويخلصوه من يده إذ قد أقبلت جيوش المسلمين وأبطال الموحدين مع الأمير أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه كان قد سار من بصرى فوجده وقد أخذ عزازير في تلك الساعة فلما نظرت عساكر دمشق إلى جيوش المسلمين قد أقبلت داخلهم الجزع والفزع فوقفوا عن الحملة‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق