إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

125 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


125

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

فاتفق رأيهم أن يسيروا ألف فارس طليعة وأقر عليهم قيس بن الحرث ومعه جماعة من أمرائهم‏.‏
منهم رفاعة بن زهير المحاربي والقعقاع بن عمرو التميمي وعقبة بن عامر الجهني وذو الكلاع الحميري رضي الله عنهم وصاروا يسيرون في وسط البلاد وبقية العساكر قريبة منهم فمن أطاعهم وطلب الأمان أمنوه وصالحوه ووضعوا عليه الجزية ومن أبى قاتلوه ومن أسلم تركوه وسار خالد ببقية الجيش يريدون أهناس فإنها كانت أعظم مدائن الوجه القبلي بعد الكورة وكانت حصينة آهلة بالخيل والآلة والعدة ولما أحس بطريقها بمجيء الصحابة إليهم جمع البطارقة وقد انكسرت جنودهم وخمدت نيرانهم وكلمتهم بانهزام جيوشهم وشاورهم في أمرهم وقال لهم‏:‏ خذوا أهبتكم وقاتلوا عن حريمكم وأموالكم وإلا صرتم عبيدًا للعرب يفعلون بكم ما يختارون وإن شئتم صالحناهم حتى يعلم ما يكون من بطارقته فأجابوه وقالوا‏:‏ لا نسلم البلاد حتى نغلب ونجمع أموالنا في هذه المدينة الحصينة ونقاتل فإن غلبنا عولنا على الحصار واتفق رأيهم على ذلك فكان الذي أجابهم إلى ذلك خرج بنفسه وأمواله ومن لم يجبهم إلى ذلك أقام وكذلك بطارقة البهنسا‏:‏ منهم من انتقل إلى البهنسا بماله وأولاده ومنهم من أقام ببعض المدائن ممن عولوا على الإقامة والحصار والقتال‏.‏
وسار خالد بالجيش حتى قرب من أهناس وبين يديه الطلائع والأمراء وهم يشنون الغارات على السواحل والبلاد فمن خرج إليهم وصالحهم وعقد معهم صلحًا صالحوه ولهم الميرة والعلوفة والضيافة ومن أبي دعوه إلى الإسلام فإن أبى طلبوا منه الجزية فان أبوا شنوا عليهم الغارة حتى وصلوا قريبًا من أهناس وبلغ الخبر إلى عدو الله‏.‏
فقال‏:‏ لا بد من لقائهم وقتالهم حتى أنظر ما يكون من أمرهم ثم خرج إلى ظاهر المدينة قريبًا من السور ولم يبعد عنها وكان للمدينة أربعة أبواب فأغلق ثلاثة وفتح الباب الشرقي وأخرج الخيام والسرادقات وأكثر من العدة والزينة وقال‏:‏ إن دخلنا المدينة من غير قتال طمعت العرب في جانبنا‏.‏
ثم فرق بطارقته وعرض جيشه فكانت عدتهم خمسين ألفًا وقال اثبتوا وقاتلوا عن حريمكم ولا تكونوا أول جند أخذوا وأقاموا يتأهبون للقتال وينتظرون قدوم الصحابة رضي الله عنهم‏.
  قال الواقدي
‏:‏ وأما خالد فلما قرب من أهناس استدعى بالزبير بن العوام وضم إليه ألف فارس من الأمراء وغيرهم وأمره بالمسير ثم استدعى بالفضل بن العباس وضم إليه ألف فارس وسار على أثره ثم استدعى بميسرة بن مسروق العبسي وضم إليه ألف فارس وسار على أثره ثم استدعى بزياد بن أبي سفيان وضم إليه ألف فارس وسار على أثره ثم استدعى بمالك الأشتر النخعي وضم إليه ألف فارس وسار على أثره وسار خالد ببقية الجيش‏.‏
قال‏:‏ حدثنا عون بن سعيد‏.‏
قال‏:‏ حدثنا هاشم بن نافع عن رافع بن مالك العلوي‏.‏
قال‏:‏ كنت في خيل الزبير بن العوام رضي الله عنه لما توسطنا البلاد وتعرضنا لأهلها وشننا الغارة على السواد فوجدنا قطيعًا من الغنم ومعها رعاة فلما أحسوا بنا تركوها ومضوا فسقناهم ثم سرنا قليلًا وإذا بنساء وصبيان مشرفة ونصارى من القبط وغيرهم فلما رأونا فروا وكانا معهم عشرون فارسًا من العرب المتنصرة من جذام ومعهم بطريق من البطارقة عليه الزينة الفاخرة فلما عاينونا فروا من بين أيدينا فأطلقنا الغارة عليهم فما كان غير بعيد حتى أدركناهم وقبضنا عليهم وسألناهم فأجابوا بأنهم من قرى شتى وأنهم يريدون أهناس فعرضنا عليهم الإسلام فامتنعوا فأردنا قتلهم فمنعنا من ذلك الزبير رضي الله عنه وقال‏:‏ حتى يحضر الأمير خالد ويفعل ما يريد‏.‏
قال‏:‏ وسرنا حتى قربنا من أهناس ورأينا المضارب والخيام والسرادقات فأعلن الزبير بالتهليل والتكبير وكبر المسلمون حتى ارتجت الأرض لتكبيرهم وخرجت الروم إلى ظاهر خيامهم ينظرون إلينا وعدو الله مارنوس بن ميخائيل ينظر إلينا والحجاب والنواب وأرباب الدولة من البطارقة حوله وعليهم أقبية الديباج وعلى رؤوسهم التيجان المكللة وبأيديهم العمد المذهبة والسيوف وهم محدقون به عن يمينه وشماله‏.‏
قال‏:‏ فلما أقبلنا عليهم تصايحوا ورطنوا بلغتهم وأعلنوا بكلمة كفرهم واستقلونا في أعينهم ولما قرب الزبير من القوم هز الراية وأنشد يقول‏:‏ أيا أهل أهناس الطغاة الكوافر ويا عصبة الشيطان من كل غادر أتتكم ليوث الحرب سادات قومها على كل مشكول من الخيل ضامر فإن لم تجيبوا سوف تلقون ذلة ونقتل منكم كل كلب وفاجر قال الراوي‏:‏ ثم نزلنا من القوم فلم يكن غير قليل حتى أقبل الفضل بن العباس رضي الله عنه وحوله السادات الأماجد فكبر وكبروا معه وهز الراية وأنشد يقول‏:‏ أيا أهل أهناس الكلاب الطواغيا أتتكم ليوث الحرب فأصغوا مقاليا أقروا بأن الله لا رب غيره وألا تروا أمرًا عظيما مدانيا أقروا بأن الله أرسل أحمدًا نبيًا كريمًا للخلائق هاديا قال الراوي‏:‏ ثم نزل قريبًا من أصحابه فلم تكن إلا ساعة حتى أقبل الأمير ميسرة بن مسروق العبسي وكبر هو والمسلمون فأجابه المسلمون فهز الراية وأنشد يقول‏:‏ أتينا لأهناس بكل غضنفر على كل صاهل من الخيل أجرد ونخرب أهناسًا ونقتل أهلها إذا خالفوا دين النبي محمد قال الراوي‏:‏ ونزل قريبًا من الفضل ولما كان غروب الشمس أقبل زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه بمن معه وكبر هو والمسلمون وهز الراية وأنشد يقول‏:‏ هلموا إلى أهناس يا آل هاشم ويا عصبة المختار نسل الأعاظم ودونكم ضرب السهام بشدة وقطع رؤوس ثم فلق جماجم لننصر دينا للنبي محمد نبي الهدى المبعوثمن آل هاشم قال الراوي‏:‏ وبات المسلمون رضي الله عنهم يقرؤون القرآن ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يتحارسون حتى لاح الفجر ثم أقبل المقداد رضي الله عنه بأصحابه وكبر هو والمسلمون ولما قرب من أصحابه هز الراية وأنشد يقول‏:‏ أنا الفارس المشهور في كل موطن وناصر دين النبي محمد لعل ننال الفوز عند إلهنا فيا فوز من أضحى نزيل المؤيد ونقتل عباد الصليب جميعهم بأسمر خطى وعضب مهند قال الراوي‏:‏ ونزل بإزاء الفضل وتكلم الأمراء المتقدم ذكرهم‏.‏
قال‏:‏ ولما رأونا ظنوا ألن ليس وراءنا أحد وقعدنا ذلك اليوم ولم نكلمهم ولم يكلمونا‏.‏
فلما كان اليوم الثاني عند طلوع الشمس إذا بالغبار قد طلع والقتام قد ارتفع من خيول عادية وعليها فوارس حجازية وكبر المسلمون ورفعوا راياتهم الإسلامية وأعلامهم المحمدية فسمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصياح فخرج الأمراء إلى لقائهم وإذا في أوائلهم خالد بن الوليد رضي الله عنه وإلى جانبه غانم بن عياض الأشعري وأبو ذر الغفاري وأبو هريرة الدوسي واسمه عبد الرحمن وبقية الأمراء المهاجرون والأنصار فلما رأت الروم ذلك من قريب دخل الرعب في قلوبهم ونزل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبًا من أهناس كل منهم في مركزه وأقاموا ذلك اليوم فلما كان اليوم الثالث جمع خالد الأمراء وأصحاب الرايات واستشارهم فيمن يمضي إلى بطريق أهناس‏.‏
فقال المقداد‏:‏ أنا له‏.‏
فقال خالد‏:‏ أنت له فخد من شئت‏.‏
فأخذ معه ضرار بن الأزور وميسرة بن مسروق العبسي وقال لهم خالد‏:‏ ادعوه إلى الإسلام فإن أبى فالجزية فإن أبى فالقتال واحرصوا على أنفسكم‏.‏
قال الراوي‏:‏ وساروا إلى القوم حتى قربوا من العسكر وهم يدوسون بخيولهم أطناب الخيام والسرادقات فصاحت بهم الحجاب‏:‏ من تكونون‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق