إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 يونيو 2014

4 فتوح الشام ( للواقدي )


4

فتوح الشام ( للواقدي )


قال الواقدي‏:‏ لقد بلغني أن الثمانية آلاف المذكورة من الروم لم ينج منهم أحد لأن العرب التقطوهم بسبق الخيل وبعد الشام من تبوك ثم إن المسلمين أخذوا أموال وخيامهم ثم سلموا على شرحبيل ومن معه وجمعوا المال والغنائم‏.‏

فقالوا‏:‏ نبعث الجميع إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فرضوا بذلك وبعثوا الجميع إلا العدة والسلاح وبعثوا مع الغنائم والأموال شداد بن أوس رضي الله عنه في خمسمائة فارس ولما وصل بالمال إلى المدينة المنورة وعاين المسلمون أموال المشركين رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير محمد صلى الله عليه وسلم وسمع الصديق بقدوم شداد بن أوس رضي الله عنه ومن معه من المسلمين ففرح بذلك فرحًا شديدًا ثم أقبلوا إلى الصديق وأعلموه بالفتح بعد أن سلموا عليه فسجد لله عز وجل ثم كتب كتابًا إلى أهل مكة يستدعيهم إلى الجهاد مضمونه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر إلى أهل مكة وسائر المؤمنين فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

أما بعد‏:‏ فإني قد استنفرت المسلمين إلى الجهاد وفتح بلاد الشام وقد كتبت إليكم وإلى المسلمين أن تسرعوا إلى ما أمركم به ربكم تبارك الله وتعالى‏:‏ إذ يقول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏انفروا خفافًا وثقالًا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون‏}‏‏.‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 1‏]‏‏.‏

وهذه الآية فيكم وأنتم أحق بها وأهلها وأول من صدق وقام بحكمها من ينصر دين الله فالله ناصره ومن بخل استغنى الله عنه والله غني حميد فسارعوا إلى جنة عالية قطوفها دانية أعدها الله للمهاجرين والأنصار فمن اتبع سبيلهم كتب من الأولياء الأخيار وحسبنا الله ونعم الوكيل‏.‏

قال‏:‏ وختم الكتاب ودفعه إلى عبد الله بن حذافة فأخذه وسار حتى وصل مكة وصرخ في أهلها فاجتمعوا إليه فدفع إليهم الكتاب فقرأوه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سمعوه قال سهل بن عمرو والحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل

وقالوا‏:‏ أجبنا داعي الله وصدقنا قول نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فأما عكرمة فإنه قال‏:‏ إلى متى نبسط لأنفسنا وقد سبقنا القوم إلى المواطن وقد فاز من فاز بالصدق وإن كنا تأخرنا عن السبق فاللحاق السباق فلعلنا نكتب في الحال‏.‏

‏.‏
ثم خرج عكرمة بن أبي جهل في بني مخزوم وخرج الحارث بن هشام معهم وتلاحق أهل مكة خمسمائة رجل وكتب أبو بكر للطائف فخرجوا في أربعمائة رجل‏.‏

قال الواقدي‏:‏ خرج بهم سعيد بن خالد بن سعيد بن العاص وكان غلامًا نجيبًا وذلك أن سعيد بن خالد أتى إلى الصديق رضي الله عنه‏.‏

فقال‏:‏ يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك أردت أن تعقد لأبي خالد راية ويكون قائدًا من قواد جيشك فتكلم فيه المتكلمون فعزلته حين رجع من بعثتك وقد حبس نفسه في سبيل الله عز وجل ولم أزل مجيبًا دعوتك في بعثتك فهل لك أن تقدمني على هذا الجيش فوالله لا يراني الله وانيا أبدًا ولا عاجزًا عن الحرب قال‏:‏ وكان سعيد بن خالد غلامًا نجيبًا أنجب من أبيه وأفرس فعقد له أبو بكر راية ودفعها إليه وأمره على ألفين من العرب‏.‏

قال‏:‏ فلما سمع عمر بن الخطاب كلام سعيد بن خالد وأنه خير من أن يكون أميرًا كره له ذلك وأقبل على الصديق رضي الله عنه‏.‏

وقال‏:‏ يا خليفة رسول الله عقدت هذه الراية لسعيد بن خالد على من هو خير منه ولقد سمعته يقول عندما عقدتها على رغم الأعادي والله لتعلم أنه ما يريد بالقول غيري والله ما تكلمت في أبيه‏.‏

قال الواقدي‏:‏ فثقل ذلك على أبي بكر وكره أن لا يعقد له وكره أيضًا أن يخالف عمر لمحبته له ونصحه ومنزلته عند النبي صلى الله عليه وسلم ووثب قائمًا ودخل على عائشة رضي الله عنها وأخبرها بخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وما كان من كلامه‏.‏

فقالت عائشة‏:‏ قد علمت أن عمر ينصر الدين ويريد النصر لرب العالمين وما في قلب عمر بغض للمسلمين‏.‏

قال‏:‏ فقبل قول عائشة رضي الله عنها ثم دعا بأزد الدوسي وقال له‏:‏ امض إلى سعيد بن خالد وقل له‏:‏ رد علينا رايتك‏.‏

قال‏:‏ فردها وقال‏:‏ والله لأقتلن تحت راية أبي بكر حيث كان فإني قد حبست نفسي في سبيل الله‏.‏

قال الواقدي‏:‏ ولقد بلغني أن الصديق حال تفكره فيمن يقدم طليعة الجيش‏.‏

قال‏:‏ فتقدم إليه سهل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل وهشام بن الحارث وقالوا‏:‏ اشهدوا أننا قد حبسنا أنفسنا في سبيل الله فلا نرجع عن القتال أبدًا‏.‏

فقال أبو بكر‏:‏ اللهم بلغهم أفضل ما يؤملون‏.‏

ثم إن أبا بكر دعا عمرو بن العاص‏.‏

فسلم إليه الراية وقال‏:‏ قد وليتك على هذا الجيش يعني أهل مكة والطائف وهوازن وبني كلاب فانصرف إلى أرض فلسطين وكاتب أبا عبيدة وأنجده إذا أرادك ولا تقطع أمرًا إلا بمشورته‏:‏ امض بارك الله فيك وفيهم‏.‏

قال‏:‏ فأقبل عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏

وقال له‏:‏ يا أبا حفص أنت تعلم شدتي على العدو وصبري على الحرب فلو كلمت الخليفة أن يجعلني أميرًا على أبي عبيدة وقد رأيت منزلتي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني أرجو أن يفتح الله على يدي البلاد ويهلك الأعداء‏.‏

قال عمر رضي الله عنه‏:‏ ما كنت بالذي أكذبك وما كنت بالذي أكلمه في ذلك فإنه ليس على أبي عبيدة أمير ولأبي عبيدة عندنا أفضل منزلة منك وأقدم سابقة منك والنبي صلى الله عليه وسلم قال فيه‏:‏ ‏(‏أبو عبيدة أمين الأمة‏)‏‏.‏ قال عمرو‏:‏ ما ينقص من منزلته إذا كنت واليًا عليه‏.‏

قال عمر بن الخطاب‏:‏ ويلك يا عمرو إنك ما تطلب بقولك هذا إلا الرياسة والشرف فاتق الله ولا تطلب إلا شرف الآخرة ووجه الله تعالى فقال عمرو بن العاص‏:‏ إن الأمر كما ذكرت‏.‏

ثم أمر الناس بالمسير تحت رايته فساروا وتقدم أهل مكة وتبعهم بنو كلاب وطيئ وهوازن وثقيف وتخلف المهاجرون والأنصار ليسيروا مع أبي عبيدة بن الجراح‏.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق