9
فتوح الشام ( للواقدي )
فقال لأصحابه: إني أرى أشباحًا على ذروة هذا الجبل ونحن في هذا الوادي ثم قال: كونوا في أماكنكم ثم نزل عن فرسه وتقلد سيفه والتحف بإزاره وقال: اعلموا أن القوم ما علموا بنا ولو نظروا إلينا ما ثبتوا في أماكنهم فمن منكم يبذل نفسه ويصنع كما أصنع قالوا: كلنا لك قال: فطافوا في الجبل حتى أشرفوا على القوم وهم في أماكنهم فعند ذلك قال: خذوهم بارك الله فيكم فأسرع إليهم المسلمون فقتلوا منهم ثلاثين وأسروا أربعة فسألهم خالد بن سعيد عن حالهم فإذا هم من أنباط الشام فقالوا: نحن من أهل هذا البقيع والجامعة وكفار القرية وقد عظم علينا دخول العرب إلى بلادنا وقد فزعنا منهم فزعًا عظيمًا وقد هرب أكثرنا إلى الحصون والقلاع وقد اعتصمنا نحن بهذا الجبل لأنه ليس في الرستاق أحصن منه فعلونا عليه وأنتم كبستمونا.
قال خالد: فما بلغكم عن جيش الروم.
قالوا: بأجنادين وهذا البطريق أقبل إلينا ليأخذ الميرة والعلوفة وقد جمعوا له الدواب والبغال والحمير تحمل الميرة وهم مع ذلك خائفون أن تلحقهم خيل العرب وهذا خبر قومنا ولا شك أنهم رحلوا من يومهم قال: فلما سمع خالد بن سعيد مقالتهم قال: غنيمة للمسلمين ورب الكعبة ثم قال: اللهم انصرنا عليهم.
ثم سأل على أي طريق سار القوم قالوا: على هذه الطريق التي أنتم عليها لأنها أوسع الطرق كلها وأما الميرة فإنها مجموعة من حول البلاد فلما سمع خالد كلامهم قال لهم: أسلموا فقالوا له: ما نعرف إلا دين الصليب ونحن فلاحون قال: فهم خالد بقتلهم.
فقال رجل من أصحابه: دعهم يدلونا على الطريق إلى ميرة القوم فأجابوهم إلى ذلك وساروا وهم يدلونهم إلى تل عظيم.
قال: فتوافق القوم وهم يحملون دوابهم حول التل ومعهم ستمائة لابس من القوم فلما نظر خالد إلى ذلك قال لأصحابه: أعلموا أن الله تعالى قد وعدكم بالنصر على عدوكم وفرض عليكم الجهاد وهذا جيش العدو أمامكم فارغبوا في ثواب الله تعالى واسمعوا ما قال الله عز وجل: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص} [الصف: 4]. وها أنا أحمل فاحملوا ولا يخرج أحد عن صاحبه.
ثم إن خالدًا حمل وحمل أصحابه قال: فلما رأونا استقبلونا وانهزم من كان مع الدواب من الفلاحين وصبرت الخيل لقتالنا ساعة من النهار قال: فبينما ذو الكلاع الحميري يشجع أصحابه ويقول: يا أهل حمير أبواب الجنة فتحت والحور العين قد تزخرفت وإذا بصاحب القوم قد لقيه خاد فعرفه بلامته وحسن زيه.
قال: فاستقبله وصرخ فيه فأرعبه ثم قال: يا لثأر ولدي سعيد وطعنه طعنة صادقة فجندله صريعًا كأنه برج من حديد وما بقي أحد إلا قتل من الروم.
قال: فلما رأى الروم ذلك ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار وقتل منهم ثلاثمائة وعشرون فارسًا وولى الباقون منهزمين وتركوا الأثقال والبغال والميرة وأخذ المسلمون الجميع بعون الله تعالى.
قال: وأطلق سراح الفلاحين وعاد خالد ومن معه بالغنائم والميرة إلى عمرو بن العاص ففرح بسلامتهم وشكر فعلهم وكتب كتابًا إلى أبي بكر الصديق وذكر له ما جرى مع الروم وبعث الكتاب مع أبي عامر الدوسي رضي الله عنه وأخذه وقدم به المدينة وأعطاه أبا بكر الصديق رضي الله عنه.
فلما قرأه على المسلين فرحوا وضجوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير ثم إن أبا بكر استخبر عن أبي عبيدة.
فقال له عامر: إنه قد أشرف على أوائل الشام ولم يجسر على الدخول إليها وإنه سمع أن جيوش الملك قد اجتمعت من حول أجنادين وهم أمم لا تحصى وقد خاف على المسلمين أن يتوسط بهم عدوهم.
يتبع
http://img137.imageshack.us/img137/913/w6w20060221105143ce8876fe3aa9j.gif
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق