41
فتوح الشام ( للواقدي )
قال: فصاح عدو الله عندما وثق من خالد وقال لأصحابه: بادروا الآن الصليب قد مكنني من أمير العرب فما استتم كلامه حتى بادر إليه الصحابة كأنهم عقبان يتقدمهم ضرار بن الأزور وقد رموا النشاب عنهم وجردوا سيوفهم وضرار عاري الجسد بسراويله قابض على سيفه وهو يزأر كالأسد وأصحابه من ورائه فالتفت عدو الله ونظر إلى القوم وهم يتسابقون إليه وهو يظن أنهم قومه حتى أنهم وصلوا إليه ونظر في أوائلهم ضرار بن الأزور.
فقال لخالد: سألتك بحق معبودك أن تقتلني أنت بيدك ولا تدع هذا الشيطان يقتلني.
فقال خالد: هو قاتلك لا محالة فهز ضرار سيفه وقال: يا عدو الله أين خديعتك من خديعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال خالد: اصبر يا ضرار حتى آمرك بقتله ثم وصل إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهزوا سيوفهم في وجهه ومرادهم أن يقتلوه ونظر عدو الله إلى ما دهمه فوقع إلى الأرض وهو يشير بإصبعه الأمان الأمان.
فقال خالد: يا عدو الله لا نعطي الأمان إلا لأهل الأمان وأنت أظهرت لنا المكر والخديعة {والله خير الماكرين} [آل عمران: 45]. فلما سمع ضرار كلام خالد لم يمهله دون أن ضربه على عاتقه فخرج السيف يلمع من علائقه ثم أخذ التاج من على رأسه.
وقال: من سبق إلى شيء كان أولى به ولد أدركته سيوف المجاهدين فقطعوه إربًا إربًا وتبادروا إلى سيفه فأخذوه ثم إن خالدًا قال لأصحابه: إني أريد أن تحملوا على الروم لأنهم مشتاقون إلى أصحابهم.
قال فأخذوا رأس عدو الله وردان وتوجهوا نحو عسكر الروم.
فلما وصل خالد الصفوف نادى: يا أعداء الله هذا رأس صاحبكم وردان.
.
أنا خالد بن الوليد أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إنه رمى الرأس وحمل عليهم وحمل المسلمون.
فلما رأى الروم رأس وردان ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار ولم يزل السيف يعمل فيهم من وقت الصباح إلى الغروب.
قال عامر بن الطفيل الدوسي: كنت مع أبي عبيدة ونحن نتبع المنهزمين إلى طريق غزة إذ أشرف علينا خيل فظننا أنها نجدة من عند الملك هرقل فأخفنا على أنفسنا وإذا بالغبرة قد قربت منا فإذا هي عسكر قد أرسلها أبو بكر قال الواقدي: وكان الروم بأجنادين تسعين ألفًا فقتل منهم في ذلك اليوم خمسون ألفًا وتفرق من بقي منهم فمنهم من انهزم إلى دمشق ومنهم من انهزم إلى قيسارية وغنم المسلمون غنيمة لم يغنم مثلها وأخذوا منهم صلبان الذهب والفضة فجمع خالد ذلك كله مع تاج وردان إلى وقت القسمة وقال خالد: لست أقسم عليكم شيئًا إلا بعد فتح دمشق إن شاء الله تعالى وكانت الوقعة بأجنادين لليلة ست خلت من جمادى الأول سنة ثلاث عشرة من الهجرة النبوية وذلك قبل وفاة أبي بكر بثلاث وعشرين ليلة ثم إن خالدًا رضي الله عنه كتب كتابًا إلى أبي بكر يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد المخزومي إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام عليك.
أما بعد فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأزيد حمدًا وشكرًا على المسلمين ودمارًا على المتكبرين المشركين وانصداع بيعتهم وإنا لقينا جموعهم بأجنادين وقد رفعوا صلبانهم وتقاسموا بدينهم أن لا يفروا ولا ينهزموا.
.
.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق