106
مقدمة
فتوح الشام
أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )
قال الواقدي: أخبرنا يوسف بن عمر قال الأسدي عن طلحة ومحمد قالوا: إن أول من فتح الحرب رستم وطلب البراز فخرج إليه نجيبة فقتله فخرج زهير فقتله فأراد القعقاع أن يخرج وإذا بفارس قد أقبل إلى رستم وهو كالريح في هبوبها فصاح برستم صيحة أدهشته وطعنه في خاصرته فأطلع السنان من الخاصرة الأخرى فنظر إليه سعد فإذا هو أبو محجن وقد صنع ذلك برستم قال المتوكل عليه: سألتك بالله أن تتركه.
قال الواقدي: حدثنا يوسف بن عبد الأعلى قال: حدثنا عمر بن إبراهيم عن عبد الله بن المبارك قال: لما نزل سعد بن أبي وقاص على القادسية وقاتل عسكر الفرس وانهزمت الفيلة إلى المدائن وكان سعد رضي الله عنه يتنكر في الليل ويمشي في عسكره فمر في بعض الليالي برجال من ثقيف فوجد أبا محجن وهو يشرب ويترنم على خمرته فلما رآه غضب وقال له: لقد ذهب أجرك ونقص قدرك بعد جهادك للكافرين تتعرض لغضب رب العالمين أترضى لنفسك بذلك ثم إنه حده وقيده وجعل عليه من يحفظه فلما كان من الغد ووقع الزحف وبرز فارس العجم وكان منه ما ذكرناه عاد إلى القيد فلما قتل رستم بمشاهدة الناس أتى إليه سعد ليعلم حقيقة الأمر فوجده في القيد.
فقال له يا أبا محجن: أنت صاحب الفيلة.
فقال: الفضل لله ولرسوله فأقسم عليه فحدثه بحديثه.
فقال له: إذا كان هذا صنيعك فاذهب فقد عفوت عنك ومن قال الواقدي: حدثنا زائدة عن جده مروان بن أوس.
قال: كنت بالقادسية وشهدت فتحها فلما قتل رستم وولده عجزشير وولت الفرس على عقبهم لا يلتفت أحد منهم إلى ما وراءه من الأموال والأصحاب وما لهم قصد إلا السلامة لأنفسهم وأتى نساء المسلمين ومعهم الماء فحزن بين القتلى والجرحى فمن وجدنه من المسلمين فيه الرمق سقينه الماء ونضحن على وجهه وينقلن من قتل من العرب إلى العرب ويتركن رمم الفرس.
قال الواقدي: حدثنا سليمان بن بشر عن أم كثير امرأة همام بن الحرث قالت: شهدت القادسية مع سعد فلما نزل النصر وانهزمت الفرس شددنا ثيابنا وأخذنا الماء وابتغينا القتلى فمن كان من المسلمين سقيناه ورفعناه ومن كان من المشركين أخذنا ما عليه.
حدثنا الحرث عمن أدرك ذلك.
قال: لم يكن من قبائل العرب أكثر نساء من نساء بجيلة والنخع وكانوا في ألف وسبعمائة امرأة.
قال: وأخذت المسلمون عدة لم يروا مثلها وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد وسفيان بن سليم والمهلب بن غزوان والقادح بن عنبسة ونعمان بن نعيم وأربعون رجلًا من المهاجرين والأنصار وسنذكر من قتل مضن كانوا يقرؤون القرآن إذا جن الليل كدوي النحل.
قال وأخذ المسلمون من الأموال ما لم ير مثله ولما كان بعد الفتح بيوم جاءت النجدة التي بعثها عياض بن غنم من أرض الموصل وجاء من شهد الفتوحات بالشام مع عامر بن الجراح وكان الذين قدموا سبعمائة فلما وصلوا إلى عين التمر استعجل للنصرة فترك الجيش وسار في سبعين فارسًا وأتت بقية السبعمائة بعد ذلك وكان معه قيس بن عبد يغوث وقيس بن أبي حازم وسعيد بن نزار ومالك الأشتر النخعي فتقدم هاشم وقيس معه في السبعين.
قال الواقدي: حدثنا إبراهيم بن بشار.
قال: أخبرنا محمد بن علي عن سليمان بن أرقم أن عدة القتلى بالقادسية تسعة وثمانون رجلًا وكان المشهور منهم قيس وعطارد وهشام ومذعور ومقرب الأسود وعمرو بن قيس والنعمان.
قال الواقدي: وبلغنا عن رجل من تميم عن امرأة منهم قالت: شهدت القادسية وضم للنساء لكل منهن ثلاثة وثلاثون مثقالًا من العنبر ومثلها مسك وأما الكافور فما كنا نعبأ به إلا من عرفه وكانت العرب تقول للسوقة: هل لكم من ملح طيب وكانوا يعطون كيل كافور بكيل ملح وأن رجلًا من العساكر عجن عجينًا وجعل فيه من الكافور وجعل يفوقه بعد خبزه ويقول: ما لهذا الملح لا يطعم في العجين وأن رجلًا ممن له خبرة بالملح قال: أعطيكم جراب ملح يطعم طعمه.
قال فأخذوه وأعطوه ملء جرابه كافورًا غال وأن سعدًا لما هزم الله العدو على يديه جمع الأموال كلها وكان الذي يقبض الأموال سليمان بن ربيعة.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق