260
تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها
الجزء الثاني في بداوة سيناء
الفصل الخامس في صناعتهم
أما الصناعة فيعرفون منها ما هو خليق بلوازمهم وأهمها :
" غزل الصوف " وهو خاص بالنساء وقد تضع المرأة الصوف على رأسها والمغزل في يدها وتغزل وهي ماشية .
" الحياكة " وهي خاصة بالنساء فهن يحكن بيوت الشعر , والأغطية , والفرش , والغفور , والغراير أو الفراد , والإخراج , والمزاود , والمخالي , والمراير , وغير ذلك من لوازم الخيام والأثاث والملبس . يحكنها من شعر المعزي وصوف الضأن ووبر الإبل , وقد رأيت بعض النساء يحكن بيوت الشعر بأنوال بسيطة إلى الغاية والنول عبارة عن عارضتين من خشب متقابلتين ومرفوعتين قليلا عن الأرض بينهما " مدة " . ص 360
نيج من الصوف داخلة في " مشط " من التيل فتجلس المرأة الحائكة في طرف المدة وفي يدها قرن غزال تدخل به " اللحمة " والحياكة بهذا النول بطيئة جدا حتى أن المرأة تشتغل النهار بطوله فلا تحيك أكثر من مترين .
" الصباغة " وهي من شغل نسائهم يصبغن خيوط الصوف التي تدخل في حياكة الأخراج ألوانا حمرا وخضرا وصفرا بمواد يستخرجنها من بعض الأعشاب البرية , وأمهر بدو سيناء في حياكة الأخراج نساء التياها . وثمن الخرج جنيه أو أكثر .
" الخياطة والتطريز " ولأكثر نسائهم مهارة خاصة فيهما .
" عمل البارود " قالوا يأتون بالصفصاف من وادي العربة وبملح البارود من جهة حسما على يوم شرقي العقبة . ويشترون الكبريت من مصر أو الشام . ويصنعون البارود على نسبة رطل من ملح البارود لأقة صفصاف وأوقية كبريت . وقد سألت خبيرا منهم عن كيفية صنعه فقال : تذيب ملح البارود بالماء بنسبة فنجان ملح لخمسة فناجين ماء , ثم تغليه على النار حتى يتبخر الماء كله فتتركه إلى أن ينشف . ثم تحرق
ص 361
خشب الصفصاف في حفرة حتى يصير فحما وتغطيه بالصاج ثم تجعل مزيجا من ملح البارود المغلي وفحم الصفصاف على نسبة اثنين من الملح إلى واحد من فحم الصفصاف . وتضيف إلى المزيج من الكبريت سدس كمية فحم الصفصاف أو ثلث كمية ملح البارود , وتدق المزيج في جرن من خشب بيد من حجر حتى يتم مزجه فتجربه بتقريب شئ منه إلى النار فإذا التهب فاعلم أنه " طاب " وإلا فعد إلى دقه حتى يطيب . ثم تسقيه ماء وأنت تدقه حتى يصير رطبا فتضعه على غربال وتدحرجه عليه ثم تضعه في يقصعة وتشمسه حتى ينشف فإذا به البارود الذي نستعمله .
" عمل الرصاص " وهم يشترون الرصاص من السويس ويسكبونه بقوالب عندهم
" عمل الفحم " ويصنعون الفحم من خشب السيال والرتم والطرفا ويدخلونه في المتجر وأفضله فحم السيال . ثم فحم الرتم . ثم فحم الطرفا . فحمل الجمل من فحم السيال بعشرين غرشا صاغا ومن الطرفا بعشرة غروش صاغ .
" الحراثة " وهم يحرثون الأرض على الإبل بمحاريث كالمحاريث المصرية كما مر .
" البناء والنجارة واصلاح السلاح " ولأهل مدن سيناء معرفة في صناعة البناء والنجارة , ولبعضهم مهارة في إصلاح السيوف والبنادق يشتغلون بها في المدن والبادية ص 362
" حجارة الرحى " ويصنعون في باديتهم حجارة الرحى فيأخذون منها كفايتهم ويدخلون ما يفيض عنهم في المتجر . ويتخرجون " القلي " من نبته ويتجرون به .
" الصيد " ولبعض البدو مهارة في صيد التيتل والغزال والأرنب يصيدونها لأجل لحمها وجلدها وقرونها ويجعلون صيدها صناعة لهم . كذلك صيد الطير في بلاد العريش كما مر . وكثيرون من أهل المدن والشطوط البحرية يصيدون السمك , وبعض سكان شواطئ خليج العقبة يغوصون على اللؤلؤ . ولبعضهم معرفة في عمل الشباك .
" قص الأثر " هذا ولبدو سيناء مهارة عجيبة في قص الأثر , من ذلك أن " مصريا بن نابغ القراشي " حضر إلى السويس بتجارة من الفيروز سنة 1900 فباعها وقفل راجعا بالثمن إلى بلاده . وكان يرقبه في السويس سلام أبو سعيد من فرنجة مزينة فسبقه وكمن له عند مطخ النسر جنوبي عيون موسى حتى أقبل على هجينه فرماه برصاصة أصابت رأسه فخر قتيلا . فجره إلى شاطئ البحر واعتقل هجينه بجانبة وتركه فتفقده قومه فوجدوه ميتا بعد ستة أيام من الحادثة وجمله لا يزال معتقلا بجانبه فاقتفوا آثار أقدام القاتل فحكموا أنها آثار أقدام رجل من فرنجة مزينة فذهبوا إلى الفرنجة وقالوا احضروا غريمنا لنثأر منه وإلا فما بيننا إلا الحرب فأنكروا الجريمة أولا ثم اعترف القاتل بها فقتلوه رميا بالرصاص على رأسه كما قتل رجلهم وانطفأ الشر .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق