إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 أبريل 2014

1218 قصة الحضارة ( ول ديورانت ) قصة الحضارة -> الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> الثورة الاجتماعية -> الثورة الصاعدة الفصل السابع عشر الثورة الاجتماعية 1522 - 1536 1- الثورة الصاعدة





1218


قصة الحضارة ( ول ديورانت )

 قصة الحضارة -> الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> الثورة الاجتماعية -> الثورة الصاعدة

الفصل السابع عشر


الثورة الاجتماعية


1522 - 1536


1- الثورة الصاعدة


لقد كان الفرسان المسغبون ينتظرون في صبر نافد فرصة مواتية للثورة على الأمراء والبطارقة والممولين. وكان شارل الخامس بعيداً عن البلاد في أسبانيا عام 1522، وفرق سيكينجن ينتابها القلق بسبب تعطلها عن العمل، وكانت الأراضي الغنية التي تمتلكها الكنيسة مباحة ويمكن الاستيلاء عليها بسهولة. وكان هوتن يدعوا للعمل، وكان لوثر قد دعا الشعب الألماني إلى تطهير الأرض من مضطهديه.
وفي الثالث عشر من أغسطس وقد عدد من الفرسان في لاندوا تعهداً بالعمل الموحد، وحاصر سيكينجن مدينة تريز وقذفها بمنشورات تحرض الناس على الانضمام إليه لخلع كبير الأساقفة الحاكم، ولكنهم لم يحركوا ساكناً، وجمع كبير الأساقفة فرقاً، وقادها بنفسه، ثم قام بخمس هجمات مضادة، فرفع سيكينجن الحصار عن المدينة وتراجع إلى قلعته في لاندوشتول. وهاجم كبير الأساقفة القلعة بعنف، وأصيب سيكينجن بجرح قاتل وهو يدافع عنها، ثم استسلم في اليوم السادس من مايو عام 1523 ومات في اليوم السابع من مايو. وخضع الفرسان للأمراء وسرحوا الجنود العاملين بجيوشهم الخاصة وتشبثوا في قسوة يائسة بالضرائب الإقطاعية المفروضة على الفلاحين التي كانوا يعتمدون عليها في معاشهم.

وتنبأ لوثر بهذا التصدع فتنصل من الثورة قبل فوات الأوان (19 ديسمبر سنة 1522) واستمر نجمه في صعود. وكتب الأرشيدوق فرديناند لأخيه الإمبراطور (1522) "غن قضية لوثر تمتد جذورها عميقة في الإمبراطوريّة بأسرها إلى حد أنه ليس هناك شخص واحد من كل ألف في عصمة منها"(1). وكان الرهبان والقساوسة يقبلون زرافات إلى مذبح الزوجية الجديد. وترددت في كنيستي لورنز وزيبالدوس بنورمبرج "كلمة الله" - وهي العبارة التي أطلقها المصلحون على عقيدة تقوم على الكتاب المقدس فحسب. وأخذ الوعاض الإنجيليون ينتقلون بحرية في أرجاء شمالي ألمانيا ويستولون على منابر قديمة ويشيدون منابر جديدة، ولم ينددوا بالبابوات والأساقفة باعتبارهم "خدماً للشيطان" فحسب، ولكنهم نددوا أيضاً بالسادة الزمنيين باعتبارهم "مستبدين ظالمين"(2). ومهما يكن من أمر فإن السادة الزمنيين كانوا هم أنفسهم ممن اهتدوا بهدى العقيدة الجديدة: فيليب الهسي وكازيمير البراندنبرجي وأولريخ الفيرتيمبرجي وأرنست اللينيبرجي وجو صاحب ساكسونيا. بل إن إيزابيلا شقيقة الإمبراطور كانت من أتباع لوثر.
وكان الأستاذ القديم لشارل قد أصبح الآن البابا أدريان السادس (1521) فأرسل إلى مجلس النواب في نورمبرج (1522) طلباً بالقبض على لوثر واعترافاً صادقاً بالأخطاء التي تردت فيها الكنيسة: "إننا نعلم تمام العلم أن أموراً كثيرة تستحق المقت قد تجمعت حول منصب البابا منذ سنين عديدة. وقد أسيء استخدام الأشياء المقدسة واعتدي على القوانين حتى إنه في كل شيء كان هناك تغيير إلى الأسوأ، فلا عجب إذا كان المرض قد زحف من الرأس إلى الأعضاء، من البابوات إلى مَن يلونهم في المناصب. لقد حِدْنا نحن جميعاً، من البطارقة ورجال الدين، عن الطريق المستقيم، ومنذ عهد بعيد لم يعمل واحد منا عملاً صالحاً، لا أحد بتاتاً... ولذلك... فإننا سوف نبذل كل ما في طاقتنا من جهد لإصلاح المحكمة الرومانية قبل

كل شيء آخر، وهي التي ربما كانت سبباً في كل هذه الشرور... إن العالم بأسره يتوق إلى مثل هذا الإصلاح"(3).
ووافق المجلس على أن يطلب من الأمير المختار فردريك كبح جماح لوثر، ولكنه تساءل لماذا يجب أن يدان لوثر لأنه أشار إلى المظالم التي ارتكبها رجال الدين والتي أيدتها السلطات وقت ذلك. وعندما وجد المجلس أن اعتراف البابا ليس فيه ما يكفي من التفاصيل أرسل له قائمة خاصة ضمنها مائة مظلمة من ألمانيا ضد الكنيسة واقترح أن ينظر بعين الاعتبار إلى هذه الشكاوى، وعلاجها بواسطة مجلس وطني يعقد في ألمانيا برئاسة الإمبراطور.
واستمع المجلس النيابي نفسه، وكانت تغلب عليه طائفة النبلاء، في عطف إلى الاتهامات الموجهة ضد الاحتكاريين بأنهم يثيرون على حساب الشعب وكتبت إحدى اللجان إلى المُدن الكبرى في ألمانيا تطلب منها إبداء رأيها فيما إذا كانت الاحتكارات ضارة وهل يجب تنظيمها أو القضاء عليها. وردت مدينة أولم بأنها شر مستطير وأن المؤسسات التجارية يجب أن تكون مقصورة على الأب وابنه وزوج ابنته، أما أوجسبورج موطن آل فوجر فأنها قدمت دفاعاً كلاسياً عن المشروعات التجارية الكبيرة وحرية التجارة وعن الأرامل والأيتام:
"إن العالم المسيحي (أم ينبغي أن نقول العالم بأسره؟) غني بسبب العمل، وكلما اتسع حجم العمل في بلد ما ازداد رخاء شعبه... وحيث يكثر عدد التجار تزداد فرص العمل... ومن المستحيل تحديد حجم الشركات... فكلما اتسع حجم معاملاتها وازداد عددها كان هذا خيراً لكل إنسان. وإذا لم يكن للتاجر مطلق الحرية في القيام بأعماله في ألمانيا فإنه سوف ينطلق إلى مكان آخر فتخسر ألمانيا... وإذا لم يستطع القيام بالعمل بعد أن يتجاوز قدراً معيناً فماذا هو صانع فائض أمواله؟... من الخير أن يترك التاجر وشأنه، وألا توضع أية قيود على مقدرته أو على رأس ماله،

إن بعض الناس يتحدثون عن تحديد طاقة الربح في الاستثمارات. وهذا سوف... يؤدي إلى ظلم فادح وضرر بالغ بإبعاد معاش الأرامل والأيتام وبقية المعذبين الذين يستمدون دخلهم من الاستثمارات في هذه الشركات"(4).
وأصدر المجلس النيابي تشريعاً بألا يزيد رأسمال الشركات عن 50000 جيلدر وإلزامها بتوزيع الأرباح كل سنتين وتقديم حساب علني، وألا يُقرض المال بفوائد ربوية، وألا يشتري تاجر أكثر من قدر معيّن من أية سلعة في أي فصل من فصول السنة، وأن تحدد الأسعار بمقتضى القانون. واستعان التجار بشارل الخامس فأيدهم لأسباب سبق بيانها. ولما كان كثير من حكام المُدن يشاطرون في أرباح الاحتكارات فإن مراسيم نورمبرج سرعان ما أصبحت حبراً على ورق.
وأرسل كليمنت السابع، البابا الجديد، إلى جلسة تالية للمجلس النيابي (يناير عام 1524) الكاردينال لورزو كامبيجيو ومعه مطالب جديدة بالقبض على لوثر، وسخرت الجماهير من القاصد الرسولي في أوجسبورج واضطر إلى دخول نورمبرج سراً حتى يتجنب المظاهرات المعادية، وكان من حظه الإذلال عندما رأى 3000 شخص من بينهم شقيقة الإمبراطور يتلقون القربان المقدس بكلا نوعيه من راعٍ من أتباع لوثر. فحذر المجلس النيابي من أن الثورة الدينية إذا لم تقمع في مهدها فإنها سوف تقوض دعائم السلطة المدنية وتهدم النظام، ولكن المجلس النيابي رد عليه بأن أية محاولة لقمع الحركة اللوثرية بالقوة سوف تنتهي بـ "ثورة وعصيان ومذبحة... ودمار شامل"(5) وبينما كانت تدور المداولات بدأت الثورة.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق