إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

1115 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون دولة بني أبي الحسن الكلبيين


1115

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


دولة بني أبي الحسن الكلبيين

بقية أخبار صقلية ودولة بني الحسن الكلبيين بها من العرب المستبدين بدعوة العبيديين وبداية أمرهم وتصاريف أحوالهم

ولما استولى عبيد الله المهدي على أفريقية ودانت له، وبعث العمال في نواحيها بعث على جزيرة صقلية الحسن بن محمد بن أبي خنزير، من رجالات كتامة، فوصل إلى مأزر سنة سبع وتسعين في العساكر، فولى أخاه على كبركيت؛ وولى على القضاء بصقلية إسحق بن المنهال.. ثم سار سنة ثمان وتسعين في العساكر إلى ومش فعاث في نواحيها ورجع. ثم شكا أهل صقلية سوء سيرته وثاروا به 



وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي معتذرين فقبل عذرهم وولى عليهم أحمد بن قهرب. وبعث سرية إلى أرض قلورية فدوخوها ورجعوا بالغنائم والسبي. ثم أرسل سنة ثلاثمائة ابنه علياً إلى قلعة طرمين المحدثة ليتخذها حصناً لحاشيته وأمواله حذراً من ثورة أهل صقلية فحصرها ابنه ستة أشهر. ثم اختلف عليه العسكر فأحرقوا خيامه، وأرادوا قتله فمنعه العرب، ودعا هو الناس إلى المقتدر فأجابوه. وقطع خطبة المهدي، وبعث الأسطول إلى إفريقية، ولقوا أسطول المهدي وقائده الحسن بن ابي خنزير فقتلوه، واحرقوا الأسطول. وسار أسطول بن قهرب إلى صفاقس فخربوها وانتهوا إلى طرابلس، وانتهى الخبر إلى القائم بن المهدي. ثم وصلت الخلع والألوية من المقتدر إلى ابن قهرب. ثم بعث الجيش في الأسطول إلى قلورية فعاثوا في نواحيها ورجعوا. ثم بعث ثانية أسطولاً إلى إفريقية فظفر به أسطول المهدي فانتقض أمره، وعصى عليه أهل كبركيت، وكاتبوا المهدي. ثم ثار الناس بابن قهرب آخر الثلاثمائة وحبسوه، وأرسلوه إلى المهدي فأمر بقتله على قبر ابن خنزير في جماعة من خاصته. وولى على صقلية أبا سعيد بن احمد، وبعث معه العساكر من كتامة فركب إليها البحر فنزل في طرابنة، وعصى عليه أهل صقلية بمن معه من العساكر فامتنعوا عليه، وقاتله أهل كبركيت وأهل طرابنة فهزمهم وقتلهم. ثم استأمن إليه أهل طرابنة فأمنهم وهدم أبوابها. وأمره المهدي بالعفو عنهم. ثم ولى المهدي على صقلية سالم بن راشد، وأمده سنة ثلاث عشرة بالعساكر فعبر البحر إلى أرض انكبردة فدوّخها، وفتحوا فيها حصوناً ورجعوا. ثم عادوا إليها ثانية وحاصروا مدينة ادرنت أياماً، ورحلوا عنها. ولم يزل أهل صقلية يغيرون على ما بأيدي الروم من جزيرة صقلية وقلورية، ويعيثون في نواحيها. وبعث المهدي سنة إثنتين وعشرين جيشاً في البحر مع يعقوب بن إسحق فعاث في نواحي جنوة ورجعوا. ثم بعث جيشه من قابل ففتحوا مدينة جنوة، ومروا بسردانية فأحرقوا فيها مراكب وانصرفوا. ولما كانت سنة خمس وعشرين انتقض أهل كبركيت على أميرهم سالم بن راشد، وقاتلوا جيشه، وخرج إليهم سالم بنفسه فهزمهم، وحصرهم ببلدهم. واستمد القائم فأمدّه بالعساكر مع خليل بن إسحق، فلما وصل إلى صقلية شكا إليه أهلها من سالم بن راشد، واسترحمته النساء والصبيان. وجاءه أهل كبركيت وغيرها من أهل صقلية بمثل ذلك فرق لشكواهم، ودس إليهم سالم بأن خليلا إنما جاء للانتقام منهم بمن قتلوا



 من العساكر فعاودوا الخلاف، واختط خليل مدينة على مرسى المدينة، وسماها الخالصة. وتحقق بذلك أهل كبركيت ما قال لهم سالم، واستعدوا للحرب فسار إليهم خليل منتصف ست وعشرين، وحصرهم ثمانية أشهر يغاديهم بالقتال ويراوحهم؛ حتى إذا جاء الشتاء رجع إلى الخالصة، واجتمع أهل صقلية على الخلاف، واستمدوا ملك القسطنطينية فأمدهم بالمقاتلة والطعام. واستمد خليل القائم فامده بالجيش فافتتح قلعة أبي ثور وقلعة البلوط، وحاصر قلعة بلاطنو إلى أن انقضت سنة سبع وعشرين فارتحل عنها وحاصر كبركيت. ثم حبس عليها عسكرا للحصار مع أبي خلف بن هارون ورحل عنها، وطال حصارها إلى سنة تسع وعشرين فهرب كثير من أهل البلد إلى بلد الروم، واستأمن الباقون فأمنهم على النزول عن القلعة. ثم غدر بهم فارتاع لذلك سائر القلاع وأطاعوا، ورجع خليل إلى إفريقية آخر سنة تسع وعشرين، وحمل معه وجوه أهل كبركيت في سفينة، وأمر بخرقها في لجة البحر فغرقوا أجمعين. ثم ولى على صقلية عطاف الأزدي. ثم كانت فتنة أبي يزيد، وشغل القائم والمنصور بأمره فلما انقضت فتنة أبي يزيد، عقد المنصور على صقلية للحسن بن أبي الحسن الكلبي من صنائعهم ووجوه قواده، وكنيتة أبو الغنائم، وكان له في الدولة محل كبير. وفي مدافعة أبي يزيد غناء عظيم. وكان سبب ولايته أن أهل بليرم كانوا قد استضعفوا عطافاً واستضعفهم العدو لعجزه، فوثب به أهل المدينة يوم الفطر من سنة خمس وثلاثين، وتولى كبر ذلك بنو الطير منهم، ونجا عطاف إلى الحصن، وبعث للمنصور يعلمه ويستمده فولى الحسن بن علي على صقلية، وركب البحر إلى مأزر، وأرسى بها فلم يلقه أحد منهم. وأتاه في الليل جماعة من كتامة واعتذروا إليه عن الناس بالخوف من بني الطير. وبعث بنو الطير عيونهم عليه واستضعفوه وواعدوه أن يعودوا إليه فسبق ميعادهم، ودخل المدينة، ولقيه حاكم البلد وأصحاب الدواوين، واضطر بنو الطير إلى لقائه، وخرج إليهم كبيرهم إسمعيل، ولحق به من انحرف عن بني الطير فكثر جمعه. ودس إسمعيل بعض غلمانه فاستغاث بالحسن من بعض عبيده أنه أكره امرأته على الفاحشة، يعتقد أن الحسن لا يعاقب مملوكه فتخشن قلوب أهل البلد عليه. وفطن الحسن لذلك فدعا الرجل




 واستحلفه على دعواه، وقتل عبده فسر الناس بذلك، ومالوا عن الطيري وأصحابه، وافترق جمعهم. وضبط الحسن أمره، وخشي الروم بادرته فدفعوا إليه جزية ثلاث سنين. وبعث ملك الروم بطريقاً في البحر في عسكر كبير إلى صقلية، واجتمع هو والسردغرس. واستمدّ الحسن بن علي المنصور فأمده بسبعة آلاف فارس وثلاثة آلاف وخمسمائة راجل، وجمع الحسن من كان عنده وسار براً وبحراً. وبعث السرايا في أرض قلورية، ونزل على أبراجه فحاصرها وزحف إليه الروم فصالحه على مال أخذه، وزحف إلى الروم ففروا من غير حرب. ونزل الحسن على قلعة قيشانة فحاصرها شهراً، وصالحهم على مال ورجع إلى قلورية فعبر إلى خراجة فلقي الروم والسردغرس فهزمهم، وامتلأ من غنائمهم، وذلك يوم عرفة سنة أربعين وثلاثمائة. ثم ثار إلى خراجة فحاصرها حتى هادنه ملك الروم قسطنطين. ثم عاد إلى ربو وبنى بها مسجداً وسط المدينة، وشرط على الروم أن لا يعرضوا له، وأن من دخله من الاسرى أمن. ولما توفي المنصور وملك ابنه المعز سار إليه الحسن، واستخلف على صقلية ابنه أحمد، وأمره المعز بفتح القلاع التي بقيت للروم بصقلية فغزاها، وفتح طرمين وغيرها سنة إحدى وخمسين، وأعيته رمطة فحاصرها فجاءها من القسطنطينية أربعون ألفا مددا. وبعث أحمد يستمد المعز فبعث إليه المدد بالعساكر والأموال مع أبيه الحسن. وجاء مدد الروم فنزلوا بمرسى مسينة، وزحفوا إلى رومطة، ومقذم الجيوش على حصارها الحسن بن عمار وابن أخي الحسن بن علي فأحاط الروم بهم. وخرج أهل البلد إليهم، وعظم الأمر على المسلمين فاستماتوا، وحملوا على الروم وعقروا فرس قائدهم منويل فسقط عن فرسه، وقتل جماعة من البطارقة معه. وانهزم الروم وتتبعهم المسلمون بالقتل، وامتلأت ايديهم من الغنائم والأسرى والسبي. ثم فتحوا رمطة عنوة وغنموا ما فيها، وركب فلّ الروم من صقلية وجزيرة رفق في الأسطول ناجين بأنفسهم فاتبعهم الأمير أحمد في المراكب فحرقوا مراكبهم، وقتل كثير منهم، وتعرف هذه الوقعة بوقعة المجاز، وكانت سنة أربع وخمسين وأسر فيها ألف من عظمائهم، ومائة بطريق. وجاءت الغنائم والأسارى إلى مدينة بليرم حاضرة صقلية،



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1114 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون خروج زيادة الله إلى المشرق:


1114

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


خروج زيادة الله إلى المشرق:

ولما وصل الخبر إلى زيادة الله بوصول الشيعي إلى قمودة، حمل أمواله وأثقاله، ولحق بطرابلس معتزماً على الشرق. وأقبل الشيعي إلى إفريقية، وفي مقدمته عروبة بن يوسف وحسن بن أبي خنزير؛ ووصل إلى رقادة في رجب سنة ست وتسعين، وتلقاه أهل القيروان وبايعوا لعبيد الله المهدي كما ذكرناه في أخبارهم ودولتهم. وأقام زيادة الله بطرابلس سبعة عشر يوماً، وانصرف ومعه إبراهيم بن الأغلب. وكان نمي عنه أنه أراد الاستبداد لنفسه بالقيروان بعد خروج زيادة الله فاعرض عنه، واطرحه وبلغ مصر فمنعه عاملها عيسى البرشدي من الدخول إلا عن أمر الخليفة، وانزله بظاهر البلد ثمانية أيام. وانصرف إلى ابن الفرات وزير المقتدر يستأذن له في الدخول فأتاه كتابه بالمقام في الرقة، حتى يأتيه رأي المقتدر فأقام بها سنة. ثم جاءه كتاب المقتدر بالرجوع إلى إفريقية. وأمر النوشزي بإمداده بالرجال والمال لاسترجاع الدعوة بإفريقية، ووصل إلى مصر فأصابته بها علة مزمنة، وسقط شعره. ويقال أنه سم، وخرج إلى بيت المقدس ومات بها. وتفرّق بنو الأغلب، وانقطعت أيامهم، والبقاء لله وحده. والله سبحانه وتعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1113 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون ابنه أبو مضر زيادة الله:



1113

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


ابنه أبو مضر زيادة الله:

ولما أطلق زيادة الله من الاعتقال اجتمع أهل الدولة، وبايعوا له فقتل الخصيان الذين قتلوا أباه، وأقبل على اللذات واللهو ومعاشرة المضحكين والصفاعين، وأهمل أمرر الملك واستقل. وكتب إلى أخيه أبي خول على لسان أبيه يستقدمه، وقدم فقتله، وتتل عمومته وإخوته. وقوي أمر الشيعي، وانتقل زيادة الله إلى رقادة ليلاً لئلا يخالفه الشيعي إليها. وفتح الشيعي مدينة سطيف فسرّح زيادة الله العساكر لحربه، وعقد عليها لإبراهيم بن حبيش من صنائعه فخرج في أربعين ألفاً، وأقام بقسطيلة ستة أشهر فاجتمعت إليه مائة ألف، وزحف إلى كتامة، وتلقوه بأجانة فاخترمت عساكره وولت الهزيمة عليه. وانتهى إلى باغاية، ثم انتقل إلى القيروان، وافتتح أبو عبد الله مدينة طبنة، وقتل فتح بن يحيى المسالتي، وكان بها. ثم فتح يلزمة، وهدم سورها. ثم وصل عروبة بن يوسف من أمراء كتامة إلى باغاية، وأوقع بالعساكر التي كانت بها مجمرة لحربهم بنظر هارون بن الطبني. وأرسل أبو عبد الله الشيعي إلى تيحيسن فحاصرها، ثم افتتحها صلحاً. وكثر الارجاف بالقيروان ففتح زيادة الله ديوان العطاء، واستلحق واستركب وأجمع الخروج فخرج إلى الاربس سنة خمس وتسعين، فلما انتهى إليها تخوف غائلة الشيعي، وأشار عليه أهل بيته بالرجوع فرجع إلى رقادة، وقدم على العساكر إبراهيم بن أبي الأغلب من وجوه أهل بيته. ثم زحف أبو عبد الله إلى باغاية ففتحها صلحاً، وهرب عاملها. ثم سرّب أبو عبد الله الجيوش فبلغت مجانة، واوقعوا بقبائل نفزة، واستولوا على تيفاش. وزحف ابن أبي الأغلب إلى تيفاش فمنعه أهلها، وهزموا طلائعه فافتتحها، وقتل من كان بها. ثم خرج أبو عبد الله الشيعي في عساكر كتامة إلى باغاية ثم إلى سكاية؛ ثم إلى سبيبة، ثم إلى حمودة فاستولى على جميعها، وأمن أهلها ورحل ابن ابي الأغلب من الأربس. ثم سار أبو عبد الله إلى قسطيلة وقفصة فأمّنهم، ودخلوا في دعوته، وانصرف إلى باغاية، ثم إلى انكجان. وزحف ابن أبي الأغلب إلى باغاية فقاتلها، وامتنعت عليه، ورجع إلى الأربس. ثم زحف أبو عبد الله إلى الأربس سنة ست وتسعين في جمادى ومر بشق بنارية، وأمن أهلها إلى قمودة.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1112 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون ابنه أبو العباس عبد الله بن إبراهيم أخي محمد أبي الغرانيق:


1112

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


ابنه أبو العباس عبد الله بن إبراهيم أخي محمد أبي الغرانيق:

ولما هلك إبراهيم سنة تسع وثمانين كما قدمناه، قدم حافده زيادة الله بالجيوش على أبيه أبي العباس عبد الله لقام بأمر إفريقية، وعظم غناؤه، وكتب إلى العمال كتاباً يقرأ على الناس بالوعد الجميل والعدل والرفق والجهاد واعتقل إبنه زيادة الله هذا لما بلغه عنه من اعتكافه على اللذات واللهو، وأنه يروم التوثب عليه، وولى على صقلية مكانه محمد بن السرقوسي. وكان أبو العباس حسن السيرة عادلاً بصيراً بالحروب، وكانت أيامه صالحة، وكان نزوله بتونس. ولما توفي استولى أبو عبد الله الشيعي على كتامة، ودخلوا في أمره كافة، وزحف إلى ميلة فافتتحها، وقتل موسى بن عياش. وكان فتح بن يحيى أمير مسالة من كتامة حارب أبا عبد الله طويلاً، ثم غلبه، واستولى على قومه فنزع فتح إلى أبي العباس، وحرضه على قتال يكزاخول، وانما كان يكرّ على جفنة إذا نظر وزحف إليه من تونس سنة تسع وثمانين، ودخل سطيف ثم يلزمه، وقتل من دخل في دعوتهم. ولقيه أبو عبد الله الشيعي فانهزم وهرب من تاوزرت إلى انكجان، وهدم أبو خول قصر الشيعي، ثم قاتلهم يوماً إلى الليل فانهزم عسكر أبي خول، ولحق بتونس، ورجع بكتامة إلى مواضعهم. ولما دخل أبو خول بأبيه جدد له العسكر وأعاده ثانية، وانتظمت إليه القبائل، وسار حتى نزل سطيف. ثم ارتحل منها إلى لقائهم. وزحف إليه أبو عبد الله فهزمه، ورجع إلى سطيف، ثم ارتحل منها إلى لقائهم. وفي أثناء ذلك صانع زيادة الله بعض الخدم على قتل أبيه أبي العباس فقتل نائما في شعبان سنة تسعين ومائتين، وأطلق زيادة الله من اعتقاله.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1111 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون ظهور الشيعي بكتامة:


1111

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


ظهور الشيعي بكتامة:

وفي أيامه ظهر أبو عبد الله الشيعي بكتامة يدعو للرضا من آل محمد، ويبطن الدعوة لعبيد الله المهدي من أبناء إسمعيل الإمام، واتبعه كتامة، وهو من الأسباب التي دعته للتوبة والاقلاع، والخروج إلى صقلية. وبعث إليه موسى بن عياش صاحب صلة ا بالخبر، وبعث إبراهيم رسوله إلى الشيعي بانكجان يهدده ويحذره فلم يقبل، وأجابه بما يكره. فلما قربت أمور أبي عبد الله، وجاء كتاب المعتضد لإبراهيم كما قدمناه أظهر التوبة، ومضى إلى صقلية، وكانت بعده بإفريقية حروب أبي عبد الله الشيعي مع



 قبائل كتامة، حتى استولى عليهم واتبعوه، وكان إبراهيم قد أسر لابنه أبي العباس في شأن الشيعي ونهاه عن محاربته، وأن يلحق به إلى صقلية إن ظهر عليه.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1110 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون إبراهيم بن أحمد أخو أبي الغرانيق:


1110

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


إبراهيم بن أحمد أخو أبي الغرانيق:

ولما توفي أبو الغرانيق ولي أخوه إبراهيم، وقد كان عهد لابنه أبي عقال، واستحلف أخاه إبراهيم أن لا ينازعه ولا يعرض له، بل يكون نائباً عنه إلى أن يكبر فلما مات عدا عليه أهل القيروان وحملوه على الولاية عليهم، لحسن سيرته وعدله فامتنع، ثم أجاب وترك وصية أبي الغرانيق في ولده أبي عقال، وانتقل إلى قصر الإمارة وقام بالأمر أحسن قيام ". وكان عادلا حازماً فقطع البغي والفساد، وجلس لسماع شكوى المتظلمين فأمنت البلاد، وبنى الحصون والمحارس بسواحل البحر، حتى كانت النار توقد في ساحل سبتة للنذير بالعدو فيتصل إيقادها بالإسنكدرية في الليلة الواحدة وبنى سور سوسة. وفي أيامه كان مسير العباس بن أحمد بن طولون مخالفاً على أبيه صاحب مصر سنة خمس وستين فملك برقة من يد محمد بن قهرب قائد ابن الأغلب ثم ملك لبدة، ثم حاصر طرابلس، واستمدّ ابن قهرب بقوسة فأمدوه ولقي العباس بن طولون بقصر حاتم سنة سبع وستين فهزمه، ورجع إلى مصر. ثم خالفت 



وزداجة ومنعوا الرهن، وفعلت مثل ذلك هوارة، ثم لواتة، وقتل ابن قهرب في حروبهم فسرح إبراهيم ابنه أبا العباس عبد الله إليهم في العساكر سنة تسع وستين فأثخن فيهم. وفي سنة ثمانين كثر الخوارج، وفرّق العساكر إليهم فاستقاموا، واستركب العبيد السودان واستكثر منهم فبلغوا ثلاثة آلاف. وفي سنة إحدى وثمانين انتقل إلى سكنى تونس، واتخذ بها القصور ثم تحرك إلى مصر سنة ثلاث وثمانين لمحاربة ابن طولون، واعترضته نفوسة فهزمهم وأثخن فيهم. ثم انتهى إلى سرت فانفضت عنه الحشود فرجع، وبعث إبنه أبا العباس عبد الله على صقلية سنة سبع وثمانين فوصل إليها في مائة وستين مركباً. وحاصر طرابة وانتقض عليه بليرم وأهل كبركيت، وكانت بينهم فتنة فأغراه كل واحد منهم بالآخرين. ثم اجتمعوا لحربه، وزحف إليه أهل بليرم في البحر فهزمهم واستباحهم، وبعث جماعة من وجوه إلى أبيه، وفرّ آخرون من أعيانهم إلى القسطنطينية، وآخرون إلى طرميس فاتبعهم وعاث في نواحيها. ثم حاصر أهل قطانية فامتنعوا عليه فأعرض عن قتال المسلمين. وتجهز سنة ثمان وثمانين للغزو فغزا دمقش ثم مسيني. ثم جاء في البحر إلى ربو ففتحها عنوة، وشحن مراكبه بغنائمها، ورجع إلى مسيني فهدم سورها. وجاء مدد القسطنطينية في المراكب فهزمهم، وأخذ لهم ثلاثين مركباً. ثم أجاز إلى عدوة الروم وأوقع بأمم الفرنجة من وراء البحر. ورجع إلى صقلية. وجاء في هذه السنة رسول المعتضد بعزل الأمير إبراهيم لشكوى أهل تونس به فاستقدم ابنه أبا العباس من صقلية، وارتحل هو إليها مظهرا لغربة الانتجاع. هكذا قال ابن الرقيق. وذكر أنه كان جائراً ظلوماً سفّاكاً للدماء، وأنه أصابه أخر عمره ماليخوليا أسرف بسببها في القتل فقتل من خدمه ونسائه وبناته ما لا يحصى. وقتل ابنه أبا الأغلب لظن ظنه به. وافتقد ذات يوم منديلا لشرابه فقتل بسببه ثلاثمائة خادم. وأمّا ابن الأثير فاثنى عليه بالعقل والعدل



 وحسن السيرة، وذكر أن فتح سرقوسة كان في أيامه على يد جعفر بن محمد أمير صقلية، وأنه حاصرها تسعة أشهر، وجاءهم المدد من قسطنطينية في البحر فهزمهم. ثم فتح البلد واستباحها. واتفقوا كلهم على أنه ركب البحر من إفريقية إلى صقلية فنزل طرابنة، ثم تحول عنها إلى بليرم ونزل على دمقش وحاصرها سبعة عشر يوما. ثم فتح مسيني وهدم سورها. ثم فتح طرميس آخر شعبان من سنة تسع وثمانين، ووصل ملك الروم بالقسطنطينية ففتحها. ثم بعث حافده زيادة الله ابن ابنه أبي العباس عبد الله إلى قلعة بيقش فافتتحها، وابنه أبو محرز إلى رمطة فأعطوه الجزية. ثم عبر إلى عدوة البحر وسار في برّ الفرنج، ودخل قلورية عنوة فقتل وسبى ورهب منه الفرنجة. ثم رجع إلى صقلية ورغب منه النصارى في قبول الجزية فلم يجب إلى ذلك. ثم سار إلى كنسة فحاصرها، واستأمنوا إليه فلم يقبل. ثم هلك وهو محاصر لها آخر تسع وثمانين لثمان وعشرين سنة من إمارته فولى أهل العسكر عليهم حافده أبا مضر ليحفظ العساكر والأمور، إلى أن يصل ابنه أبو العباس، وهو يومئذ بإفريقية فأمن أهل كنسة قبل أن يعلموا بموت جدّه، وقبل منهم الجزية، وأقام قليلاً حتى تلاحقت به السرايا من النواحي. ثم ارتحل وحمل جدّه إبراهيم فدفنه في بليرم، وقال ابن الأثير حمله إلى القيروان فدفنه بها.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1109 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون بقية أخبار صقلية:



1109

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


 بقية أخبار صقلية:

وفي سنة ثمان وعشرين سار الفضل بن جعفر الهمداني في البحر ونزل مرسى مسينة وحاصرها فامتنعت عليه، وبث السرايا في نواحيها فغنموا. ثم بعث طائفة من عسكره وجاؤوا إلى البلد من وراء جبل مطل عليه، وهمك مشغولون بقتاله فانهزموا، وأعطوا باليد ففتحها. ثم حاصر سنة إثنتين وثلاثين مدينة لسى، وكاتب أهلها بطريق صقلية يستمدونه فاجابهم، وأعطاهم العلامة بإيقاد النار على الجبل. وبلغ ذلك الفضل بن جعفر فأوقد النار على الجبل، وأكمن لهم من ناحيته فخرجوا، واستطرد لهم، حتى جاوزوا الكمين فخرجوا عليهم فلم ينج منهم إلا القليل، وسلموا البلد على الأمان. وفي سنة ثلاث وثلاثين أجاز المسلمون إلى أرض انكبردة من البر الكبير، وملكوا منها مدينة وسكنوها وفي سنة أربع وثلاثين صالح أهل رغوس،



 وسلموا المدينة للمسلمين فهدموها بعد أن حملوا جميع ما فيها. وفي سنة ثلاث وثلاثين توفي أمير صقلية محمد بن عبد الله بن الأغلب، واجتمع المسلمون بعده على ولاية العباس بن الفضل بن يعقوب بعد موت أميرهم. وكتب له محمد بن الأغلب بعهده على صقلية، وكان من قبل يغزو ويبعث السرايا، وتأتيه الغنائم. ولما جاءه كتاب الولاية خرج بنفسه، وعلى مقدمته عمه رياح فعاث في نواحي صقلية، وردد البعوث والسرايا إلى قطانية وسرقوسة وبوطيف ورغوس فغنموا وخربوا وحرقوا، وافتتح حصونا جمة، وهزم أهل قصريانة، وهي مدينة ملك صقلية. وكان الملك قبله يسكن سرقوسة فلما فتحها المسلمون كما ذكرناه انتقل الملك إلى قصريانة واخبر أن العباس كان يردد الغزو إلى نواحي سرقوسة وقصريانة شاتية وصائفة فيصيب منهم، ويرجع بالغنائم والأسارى. فلما كان في شاتية منها أصاب منهم أسارى، وقدمهم للقتل فقال له بعضهم وكان له قدر وهيبة استبقني وأنا أملك قصريانة، ودلهم علي عورة البلد فجاؤهاليلاً، ووقفهم باب صغير فدخلوا منه. فلما توسطوا البلد، وضعوا السيف، وفتحوا الأبواب ودخل العباس في العسكر فقتل المقاتلة وسبى بنات البطارقة، وأصاب فيها ما يعجز الوصف عنه وذل الروم بصقلية من يومئذ. وبعث ملك الروم عسكراً عظيماً مع بعض بطارقته، وركبوا البحر إلى مرسى سرقوسة فجاءهم العباس من بليرم فقاتلهم وهزمهم وأقلع فلهم إلى بلادهم بعد أن غنم المسلمون من أسطولهم ثلاثة أو أكثر، وذلك سنة سبع وثلاثين. وافتتح بعدها كثيراً من قلاع صقلية، وجاء مدد الروم من القسطنطينية وهو يحاصر قلعة الروم فنزلوا سرقوسة، وزحف إليهم العباس من مكانه وهزمهم ورجع إلى قصريانة فحصنها وانزل بها الحامية. ثم سار سنة سبع وأربعين إلي سرقوسة فغنم ورجع واعتل في طريقه فهلك منتصف سنته. ودفن في نواحي سرقوسة، واحرق النصارى شلوه، وذلك لإحدى عشرة سنة من إمارته. واتصل الجهاد بصقلية والفتح، واجاز المسلمون إلى عدوة الروم في الشمال وغزوا ارض قلورية وانكبرده، وفتحوا فيها حصوناً وسكن بها المسلمون. ولما توفي العباس اجتمع الناس على إبنه عبد الله، وكتبوا إلى صاحب إفريقية، وبعث عبد الله السرايا ففتح القلاع؛ وبعد خمسة أشهر من ولايته وصل خفاجة بن سفيان من إفريقية على صقلية في منتصف ثمان وأربعين، وأخرج ابنه محموداً في سرية إلى سرقوسة فعاث في نواحيها، وخرج إليهم الروم فقاتلهم وظفر  



ورجع. ثم فتح مدينة نوطوس سنة خمس وخمسين وسار إلى سرقوسة وجبل النار، واستأمن إليه أهل طرميس ثم غدروا فسرح إبنه محمداً في العساكر وسبى أهلها. ثم سار خفاجة إلى رغوس وافتتحها، وأصابه المرض فعاد إلى بليرم. ثم سار سنة ثلاث وخمسين إلى سرقوسة وقطانية فخرّب نواحيها، وأفسد زرعها، وبعث سراياه في أرض صقلية فامتلأت أيديهم من الغنائم. وفي سنة أربع وخمسين وصل بطريق من القسطنطينية لأهل صقلية فقاتله جمع من المسلمين وهزموه، وعاث خفاجة في نواحي سرقوسة، ورجع إلى بليرم. وبعث سنة خمس وخمسين إبنه محمداً في العساكر إلى طرميس، وقد دله بعض العيون على بعض عوراتها فدخلوها وشرعوا في النهب. وجاء محمد بن خفاجة من ناحية أخرى فظنوه مدداً للعدو فأجفلوا، ورآهم محمد مجفلين فرجع. ثم سار خفاجة إلى سرقوسة فحاصرها وعاث في نواحيها، ورجع فاغتاله بعض عسكره في طريقه وقتله، وذلك سنة خمس وخمسين وولى الناس عليهم ابنه محمداً. وكتبوا إلى محمد بن أحمد أمير إفريقية فأقرّه على الولاية، وبعث إليه بعهده.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1108 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون أخوه أبو الغرانيق بن أبي إبراهيم بن أحمل:


1108

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


أخوه أبو الغرانيق بن أبي إبراهيم بن أحمل:

ولما توفي زيادة الله كما قدّمناه، ولي مكانه أخو محمد ويلقب بأبي الغرانيق فغلب عليه اللهو والشراب. وكانت في أيامه حروب وفتن. وفتح جزيرة مالطة سنة خمس وخمسين. وتغلب الروم على مواضع من جزيرة صقلية، وبنى محمد حصوناً ومحارس على ساحل البحر بالمغرب على مسيرة خمسة عشر يوماً من برقة إلى جهة المغرب وهي الآن معروفة. ثم توفي أبو الغرانيق منتصف إحدى وستين لإحدى عشرة سنة من ولايته.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1107 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون ابنه زيادة الله الأصغر بن أبي إبراهيم بن أحمل.


1107

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


ابنه زيادة الله الأصغر بن أبي إبراهيم بن أحمل.

ولما توفي أبو إبراهيم ولي مكانه إبنه زيادة الله، ويعرف بزيادة الله الأصغر فجرى على سنن سلفه، ولم تطل أيامه. وتوفي سنة خمسين لحول من ولايته.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1106 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون ابنه أبو إبراهيم أحمد بن أبي العباس محمد:



1106

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


ابنه أبو إبراهيم أحمد بن أبي العباس محمد:

لما توفي أبو العباس محمد بن أبي عقال سنة إثنتين وأربعين، ولي مكانه ابنه أبو إبراهيم أحمد فأحسن السيرة، وأكثر العطاء للجند، وكان مولعاً بالعمارة فبنى بإفريقية نحواً من عشرة آلاف حصن بالحجارة والكلس وأبواب الحديد. واتخذ العبيد جنداً؛ وخرج عليه بناحية طرابلس خوارج من البربر فغلبهم عاملها وهو يومئذ أخوه عبد الله بن محمد بن الأغلب، سرح إليهم أخاهما زيادة الله يحاربهم، واستلحمهم وكتب إلى أخيه أبي إبراهيم بالفتح. وفي أيامه افتتحت قصريانة من مدن صقلية في شوال سنة أربع وأربعين، وبعث بفتحها إلى المتوكل، وأهدى له من سبيها. ثم توفي إبراهيم هذا سنة تسع وأربعين لثمان سنين من ولايته.



يتبع 
 يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1105 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون ابنه أبو العباس محمد بن الأغلب في إبراهيم:


1105

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


ابنه أبو العباس محمد بن الأغلب في إبراهيم:

ولما توفي أبو عقال الأغلب ولي بعده إبنه أبو العباس، ودانت له إفريقية، وشيد مدينة بقرب تاهرت، وسفاها العباسية وذلك سنة سبع وعشرين، وأحرقها أفلح بن عبد الوهاب بن رستم. وكتب إلى صاحب الأندلس يتقرّب إليه بذلك فبعث إليه بمائة ألف درهم. وفي أيامه ولي سحنون القضاء سنة أربع وثلاثين بعد عزل ابن الجواد، وضربه سحنون فمات، ومات سحنون سنة أربعين ومائتين، وثار عليه أخوه أبو جعفر وغلبه. ثم اتفقا على أن يستوزره فاستبد عليه، وقتل وزارءه ومكث على ذلك. ثم أقام أبو العباس محمد بأمره، واستبد سنة ثلاث وأربعين بعد أن استعد لذلك رجالاً، وحارب أخوه أبو جعفر فغلبه محمد وانتقض عليه، وأخرجه من إفريقية إلى مصر سنة ست وأربعين ومائتين لستة عشر شهراً من ولايته.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1104 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون أخوهما أبو عقال الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب:


1104

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


أخوهما أبو عقال الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب:

ولما توفي زيادة الله بن إبراهيم تولى أخوه الأغلب، ويكنى أبا عقال فأحسن إلى الجند، وأزال المظالم، وزاد العمال في أرزاقهم وكفهم عن الرعية. وخرج عليه بقسطيلة خوارج زواغة ولواتة ومكناسة، وقتلوا عاملها بها، وبعث إليهم العساكر فقتلهم واستأصلهم. وبعث سنة أربع وعشرين سرية إلى صقلية فغنموا وعادوا ظافرين. وفي سنة خمس وعشرين استأمن للمسلمين عدة حصون من صقلية فأمنوهم، وفتحوها صلحاً. وسار أسطول المسلمين إلى قلورية ففتحوها ولقوا أسطول 



القسطنطينية فهزموهم وفم سنة ست وعشرين سارت سرايا المسلمين بصقلية إلى قصريانة، ثم حصن القيروان، واثخنوا في نواحيها كما نذكر. ثم توفي الأغلب بن إبراهيم في ربيع من سنة ست وعشرين ومائتين، لسنتين وسبعة أشهر من إمارته.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1103 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون أخوه زيادة الله:


1103

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


أخوه زيادة الله:

ولما توفي أبو العباس ولي مكانه أخوه زيادة الله وجاءه التقليد من قبل المأمون، وكتب إليه يأمره بالدعاء لعبد الله بن طاهر على منابره فغضب من ذلك، وبعث مع الرسول بدنانير من سكة الأدارسة يعرض له بتحويل الدعوة. ثم استأذنه قرابته في الحج وهم أخوه الأغلب وأبناء أخيه أبي العباس محمد وأبو محمد بهر وإبراهيم أبو الأغلب. فأذن لهم، وانطلقوا لقضاء فرضهم فقضوه، وأقاموا بمصر حتى وقعت بين زيادة الله وبين الجند الحروب فاستقدمهم، واستوزر أخاه والأغلب وهاجت الفتن. واستولى كل رئيس بناحية فملكوها عليه كلها، وزحفوا إلى القيروان فحصروه. وكان فاتحة الخلاف زياد بن سهل بن الصقلية، خرج سنة سبع ومائتين وجمع وحاصر مدينة باجة فسرح إليه العساكر فهزموه، وقتلوا أصحابه. ثم انتقض منصور الترمذي بطبنة، وسار إلى تونس فملكها، وكان العامل عليها إسمعيل بن سفيان، وسفيان أخو الأغلب فقتله لتستخلص له طاعة الجند. وسرح زيادة الله العساكر من القيروان مع غلبون ابن عمه ووزيره، اسمه الأغلب بن عبد الله بن الأغلب، وتهددهم بالقتل أن انهزموا فهزمهم منصور، وخشوا على أنفسهم ففارقوا الوزير غلبون، وافترقوا على إفريقية، واستولوا على باجة والجزيرة وصطفورة والاربس وغيرها. واضطربت أفريقية، ثم اجتمعوا إلى منصور، وسار بهم إلى القيروان فملكها، وحاصره في العباسية أربعين يوماً، وعمروا سور القيروان الذي خربه إبراهيم بن الأغلب. ثم خرج إليه زيادة الله فقاتله فهزمه، ولحق بتونس. وخرب زيادة الله سور القيروان. 



ولحق قواد الجند بالبلاد التي تغلبوا عليها. فلحق منهم عامر بن نافع الأزرق بسبيبة. وسرح زيادة الله سنة تسع ومائتين عسكراً مع محمد بن عبد الله بن الأغلب فهزمهم عامر وعادوا، ورجع منصور إلى تونس. ولم يبق على طاعة زيادة الله من إفريقية إلا تونس والساحل وطرابلس ونفزاوه. وبعث الجند إلى زيادة الله بالأمان، وأن يرتحل عن إفريقية وبلغه أن عامر بن نافع يريد نفزاوة، وأن برابرتها دعوه فسرح إليهم مائتي مقاتل لمنع عامر بن نافع فرجع عامراً عنها، وهزمه إلى قسطيلة ورجع. ثم هرب عنها واستولى سفيان على قسطيلة وضبطها. وذلك سنة تسع ومائتين. واسترجع زيادة الله قسطيلة والزاب وطرابلس، واستقام أمره. ثم وقدت الفتنة بين منصور الطبندي وبين عامر بن نافع، لأن منصوراً كان يحسده ويضغن عليه فاستمال عامر الجند وحاصره بقصره بطبندة، حتى استأمن إليه على أن يركب إلى الشرق. وأجابه إلى ذلك وخرج منصور من طنبدة منهزماً. ثم رجع فحاصره عامر حتى استأمن إليه ثانياً على يد عبد السلام بن المفرّج من قوّاد الجند، وأخذ له الأمان من عامر على أن يركب البحر إلى المشرق فأجابه عامر وبعثه مع ثقاته إلى تونس وأوصى إبنه. وكان يغريه أن يقتله إذا مر به فقتله، وبعث برأسه ورأس إبنه. وأقام عامر بن نافع بمدينة تونس إلى أن توفي سنة أربع عشرة. ورجع عبد السلام بن المفرج إلى باجة فأقام بها إلى أن انتقض فضل بن ابي العين بجزيرة شريك، سنة ثمان عشرة ومائتين فسار إليه عبد السلام بن المفرج الربعي، وجاءت عساكر زيادة الله فقاتلوهما، وقتل عبد السلام. وانهزم فضل إلى مدينة تونس وامتنع بها وحاصرته العساكر حتى اقتحموها عليه، وقتلوا كثيراً من أهلها وهرب آخرون حتى أمنهم زيادة الله وعادوا. وفي سنة تسع عشرة ومائتين فتح أسد بن الفرات صقلية. كانت صقلية من عمالات الروم وأمرها راجع إلى صاحب قسطنطينية، وولي عليها سنة إحدى عشرة ومائتين بطريقاً اسمه قسنطيل، واستعمل على الأسطول قائداً من الروم حازماً شجاعاً فغزا سواحل أفريقية وانتهبها. ثم بعد مدة كتب ملك الروم إلى قسنطيل يأمره بالقبض 



على مقدم الأسطول وقتله. ونمى الخبر إليه بذلك فانتقض، وتعصب له أصحابه، وسار إلى مدينة سرقوسة من بلاد صقلي فملكها، وقاتله قسنطيل فهزمه القائد، ودخل مدينة نطانية فأتبعه جيشاً أخذوه وقتلوه واستولى القائد على صقلية فملكها وخوطب بالملك. وولى على ناحية من الجزيرة رجلاً إسمه بلاطة، وكان ميخاييل ابن عم بلاطة على مدينة بليرم فانتقض هو وابن عمه على القائد، واستولى بلاطة على مدينة سرقوسة. وركب القائد في أساطيله إلى إفريقية مستنجداً بزيادة الله فبعث معهم العساكر، واستعمل عليهم أسد بن الفرات قاضي القيروان فخرجوا في ربيع سنة اثنتي عشرة فنزلوا بمدينة مأزر، وساروا إلى بلاطة ولقيهم القائد، وجميع الروم الذين بها استمدّهم فهزموا بلاطة والروم الذين معه، وغنموا أموالهم. وهرب بلاطة إلى فلونرة فقتل، واستولى المسلمون على عدة حصون من الجزيرة ووصلوا إلى القلعة الكرات، وقد اجتمع بها خلق كثير فخادعوا القاضي أسد بن الفرات في المراودة على الصلح وأداء الجزية، حتى استعدوا للحصار، ثم امتنعوا عليه فحاصرهم وبعث السرايا في كل ناحية، وكثرت الغنائم. وحاصروا سرقوسة براً وبحراً، وجاءه المدد من إفريقية وحاصروا بليرم. وزحف الروم إلى المسلمين وهم يحاصرون سرقوسة قد بعثوهم، واشتذ حصار المسلمين بسرقوسة. ثم أصاب معسكرهم الفناء، وهلك كثير منهم، ومات أسد بن الفرات أميرهم ودفن بمدينة قصريانة، ومعهم القائد الذي جاء يستنجدهم فخادعه أهل قصريانة وقتلوه. وجاء المدد من القسطنطينية فتصافوا مع المسلمين وهزموهم، ودخل فلهم إلى قصريانة. ثم توفي محمد بن الحواري أمير المسلمين وولي بعده زهير بن عوف. ثم محض الله المسلمين فهزمهم الروم مرات، وحصروهم في معسكرهم حتى جهدهم الحصار، وخرج من كان في كبركيب من المسلمين بعد أن هدموها وساروا إلى مأزر. وتعذر عليهم الوصول إلى إخوانهم وأقاموا كذلك إلى سنة أربع عشرة إلى أن اشرفوا على الهلاك فوصلت مراكب أفريقية مددأ وأسطول من الأندلس خرجوا للجهاد. واجتمع منهم ثلاثمائة مركب فنزلوا الجزيرة، وافرج الروم عن حصار المسلمين، وفتح المسلمون مدينة بليرم بالأمان سنة سبع عشرة. ثم ساروا سنة تسع عشرة إلى مدينة قصريانة وهزموا الروم 



عليها سنة عشرين.ومئتين ثم بعثوا إلى طرميس. ثم بعث زيادة الله الفضل بق يعقوب في سرية إلى سرقوسة فغنموا. ثم سارت سرية أخرى واعترضها بطريق صقلية فامتنعوا منه في وعر وخمل من الشعراء، حتى يئس منهم وانصرف على غير طائل فحمل عليهم أهل السرية وانهزموا، وسقط البطريق عن فرسه فطعن وجرح، وغنم المسلمون ما معهم من سلاح ودواب ومتاع. ثم جهز زيادة الله إلى صقلية إبراهيم بن عبد الله بن الأغلب في العساكر، وولاه أميراً عليها فخرج منتصف رمضان، وبعث أسطولا فلقي أسطولاً للروم فغنمه، وقتل من كان فيه. ا آخر إلى قصورة فلقي أسطولاً فغنمه وسارت سرية إلى جبل النار والحصون التي في نواحيها وكثر السبي بأيدي المسلمين. وبعث الأغلب سنة إحدى وعشرين أسطولا نحو الجزائر فغنموا وعادوا. وبعث سرية إلى قطلبانة وأخرى إلى قصريانة كان فيهما التمحيص على المسلمين، ثم كانت وقعة أخرى كان فيها الظفر للمسلمين. وغنم المسلمون من أسطولهم تسع مراكب، ثم عثر بعض المسلمين على عورة من قصريانة فدل المسلمين عليها، ودخلوا منها البلد، وتحصن المشركون بحصنه حتى استأمنوا وفتحه الله، وغنم المسلمون غنائمه، وعادوا إلى بليرم إلى أن وصلهم الخبر بوفاة زيادة الله فوهنوا اولاً، ثم انشطوا وعادوا لي الصبر والجهاد وكانت وفاة زيادة الله منتصف سنة ثلاث وعشرين ومائتين لإحدى وعشرين سنة ونصف من ولايته.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1102 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون ابنه أبو العباس عبد الله:


1102

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


ابنه أبو العباس عبد الله:

ولما توفي إبراهيم بن الأغلب عهد لابنه عبد الله، وكان غائباً بطرابلس والبربر يحاصرونه كما ذكرناه، وأوصى ابنه الآخر زيادة الله أن يبايع له بالإمارة ففعل، وأخذ له البيعة 



على الناس بالقيروان. وكتب إليه بذلك فقدم أبو العبّاس عبد الله في صفر سنة سبع وتسعين، ولم يرع حق أخيه فيما فعله. وكان ينتقصه ولم يكن في أيامه فتنة بما مهد له أبوه الأمر. وكان حائراً حتى قيل أن مهلكه كان بدعوة حفص بن حميد من الأولياء الصالحين من أهل حمّود ومهريك، وفد عليه في جماعة من الصالحين يشكو ظلامة فلم يصغ إليهم فخرج حفص يدعو عليه، وهم يؤمنون فأصابته قرحة في أذنه عن قريب هلك منها في ذي الحجّة سنة إحدى ومائتين لخمس سنين من ولايته.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1101 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون إبراهيم بن الأغلب:


1101

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


إبراهيم بن الأغلب:

ولما استوثق الأمر لمحمد بن مقاتل، كره أهل البلاد ولايته، وداخلوا إبراهيم بن الأغلب في أن يطلب من الرشيد الولاية عليهم فكتب إبراهيم إلى الرشيد في ذلك، على أن يترك المائة ألف دينار التي كانت من مصر إلى أفريقية وعلى أن يحمل هو من إفريقية أربعين ألفاً. وبلغ الرشيد غناءه في ذلك، واستشار فيه أصحابه فأشار هرثمة بولايته فكتب له بالعهد إلى إفريقية، منتصف أربع وثمانين فقام إبراهيم بالولاية، وضبط الأمور. وقفل ابن مقاتل إلى المشرق، وسكنت البلاد بولاية ابن الأغلب وابتنى مدينة العباسية قرب القيروان، وانتقل إليها بجملته. وخرج عليه سنة ست وثمانين بتونس حمديس من رجالات العرب، ونزع السواد فسرّح إليه ابن الأغلب عمران بن مجالد في العساكر فقاتله، وانهزم حمديس، وقتل من أصحابه نحو عشرة آلاف. ثم صرف همه إلى تمهيد المغرب الأقصى، وقد ظهر فيه دعوة العلويّة بإدريس بن عبد الله. وتوفي ونصّب البرابرة أبنه الأصغر، وقام مولاه راشد بكفالته، وكبر إدريس، واستفحل أمره براشد فلم يزل إبراهيم يدسّ إلى البربر، ويسرًب فيهم الأموال حتى قتل راشد، وسيق رأسه إليه. ثم قام بأمر إدريس بعده بهلول عبد الرحمن المظفر من رؤس البربر فاستفحل أمره، فلم يزل إبراهيم يتلطّفه ويستميله بالكتب والهدايا، إلى أن انحرف عن دعوة الأدارسة إلى دعوة العبّاسيّة فصالحه إدريس، وكتب إليه يستعطفه بقرابته من رسول الله  ? فكفّ عنه. ثم خالف أهل طرابلس على إبراهيم بن الأغلب سنة تسع وثمانين، وثاروا 



بعاملهم سفيان بن المهاجر، وأخرجوه من داره إلى المسجد وقتلوا عامه أصحابه. ثم أمنوه على أن يخرج من طرابلس فخرج سفيان لشهر من ولايته، واستعملوا عليهم إبراهيم بن سفيان التميمي فبعث إليهم إبراهيم بن الأغلب العساكر، وهزمهم، ودخل طرابلس عسكره. ثم استحضر إبراهيم الذين تولّوا كبر ذلك فحضروا في ذي الحجًة آخر السنة، وعفا عنهم وأعادهم إلى بلدهم. ثم انتقض عمران بن مجالد الربعيّ سنة خمس وتسعين على ابن الأغلب. وكان بتونس، واجتمع معه على ذلك قريش بن التونسي، وكثرت جموعهما. وسار عمران إلى القيروان فملكها، وقدم عليه قريش من تونس، وخندق إبراهيم على نفسه بالعبّاسيّة فحاصروه سنة كاملة، كانت بينه وبينهم حروب كان الظفر في آخرها لابن الأغلب. وكان عمران يبعث إلى اشد بن الفرات القاضي في الخروج إليهم وامتنع. ثم بعث الرشيد إلى إبراهيم بالمال فنادى في الناس بالعطاء، ولحق به أصحاب عمران، وانتقض أمره ولحق بالزاب فأقام به إلى أن توفي ابن الأغلب. ثم بعث إبراهيم على طرابلس ابنه عبد الله سنة ست وتسعين فثار عليه الجند وحاصروه بداره. ثم أمّنوه على أن يخرج عنهم فخرج، واجتمع إليه الناس، وبذل العطاء وأتاه البربر من كل ناحية. وزحف إلى طرابلس فهزم جندها ودخل المدينة. ثم عزله أبوه وولّى سفيان بن المضاء فثارت هوارة بطرابلس، وهجم الجند فلحقوا بإبراهيم بن الأغلب وأعاد معهم ابنه عبد الله في ثلاثة عشر ألفاً من العساكر ففتك بهوّارة، وأثخن فيهم وجدد سور طرابلس. وبلغ الخبر إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم فجمع البربر، وجاء إلى طرابلس فحاصرها وسد عبد الوهاب باب زناتة، وكان يقاتل من باب هوارة. ثم جاءه الخبر بوفاة أبيه فصالحهم على أن يكون البلد والبحر لعبد الله، وأعمالها لعبد الوهاب، وسار إلى القيروان. وكانت وفاة إبراهيم في شوال سنة ست وتسعين.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1100 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون محمد بن مقاتل الكعبي:



1100

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


محمد بن مقاتل الكعبي:

ثم بعث الرشيد على إفريقية محمد بن مقاتل الكعبيّ وكان صنيعته فقدم القيروان في رمضان سنة إحدى وثمانين، فكان سيئ السيرة فاختلف عليه الجند، وقدّموا مخلّد بن مرّة الأزديّ فبعث إليه العساكر فهزم وقتل. ثم خرج عليه بتونس تمام بن تميم التميّمي سنة ثلاث وثمانين، واجتمع إليه الناس، وسار إلى القيروان فخرج إليه محمد بن مقاتل، ولقيه فانهزم أمامه ورجع إلى القيروان، وتمام في اتباعه إلى أن 



دخل عليه القيروان، وأمّنه تمام علي أن يخرج عن إفريقية، فسار محمد إلى طرابلس، وبلغ الخبر إلى إبراهيم بن الأغلب بمكانه من الزاب فانتقض لمحمد، وسار بجموعه إلى القيروان، وهرب تمام بين يديه إلى تونس، وملك القيروان. واستقدم محمد بن مقاتل من طرابلس، وأعاده إلى إمارته بالقيروان آخر ثلاث وثمانين، وزحف تمام لقتالهم فخرج إليه إبراهيم بن الأغلب بأصحابه فهزمه، وسار في اتباعه إلى تونس. واستأمن له تمام فأمّنه، وجاء به إلى القيروان وبعث به إلى بغداد فاعتقله الرشيد.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1099 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون خزيمة بن أعين:


1099

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


خزيمة بن أعين:

ولما بلغ الرشيد مقتل الفضل بن روح، وما وقع بإفريقية من الإضطراب، ولّى



 مكانه خزيمة بن أعين، وبعث إلى ابن الجارود يحيى بن موسى لمحلّه عند أهل خراسان. ويقال يقطين يرغبه في الطاعة فأجابه بشرط الفراغ من العلاء بن سعيد. وعلم يقطين أنه يغالطه فداخل صاحبه محمد بن الفارسيّ، واستماله فنزع عن ابن الجارود. وخرج ابن الجارود من القيروان فراراً من العلاء في محرّم سنة تسع وسبعين لسبعة أشهر من ولايته وسار للقاء ابن الفارسيّ من القيروان، وتزاحفا للقتال فدعا ابن الجارود ابن الفارسي إلى و من أصحابه يغتاله في خلوتهما فقتله، وانهزم أصحابه وسابق العلاء بن سعيد ويقطين إلى القيروان فسبق إليها العلاء، وملكها وفتك في أصحاب ابن الجارود. ولحق ابن الجارود بهرثمة فبعث به إلى الرشيد، وكتب إليه أن العلاء بن سعيد هو الذي أخرجه من القيروان فأمره بأن يبعث بالعلاء فبعث به مع يقطين، فاعتقل ابن الجارود واحسن إلى العلاء إلى أن توفي بمصر. وسار هرثمة إلى القيروان فقدمها سنة سبع وسبعين فأمن الناس وسكنهم، وبنى القصر الكبير بالمنستير لسنة من قدومه، وبنى السور على طرابلس مما يلي البحر. وكان إبراهيم بن الأغلب عاملاً على الزاب وطبنة فهاداه، ولاطفه فعقد له على عمله فقام بأمره وحسن أثره. ثم خرج عليه عياض بن وهب الهوّاري، وكليب بن جميع الكلبيّ، وجمعا الجموع فسرّح هرثمة إليهما يحيى بن موسى من قواد الخراسانية ففرّق جموعهما، وقتل كثيراً من أصحابهما، ورجع إلى القيروان. ولما رأى هرثمة كثرة الثوار والخلاف بإفريقية استعفى الرشيد من ولايتها فأعفاه، ورجع إلى العراق لسنتين ونصف من ولايته.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1098 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون ابنه الفضل بن روع:


1098

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


ابنه الفضل بن روع:

ولما توفي روح بن حاتم قام حبيب بن نصر مكانه، وسار ابنه الفضل إلى الرشيد فولاه على إفريقية مكان أبيه فعاد إلى القيروان في محرّم سنة سبع وسبعين، واستعمل على تونس المغيرة ابن أخيه بشر بن روح، وكان غلاماً غراً فاستخف بالجند، واستوحشوا من الفضل لما أساء فيهم السيرة، واخذهم بموالاة حبيب بن نصر فاستعفى أهل تونس من المغيرة فلم يعفهم، فانتقضوا وقدّموا عليهم عبد الله بن الجارود، ويعرف بعبد ربه الأنباري، وبايعوه على الطاعة، وأخرجوا المغيرة، وكتبوا إلى الفضل أن يولي عليهم من أراد فولى عليهم ابن عمّه عبد الله بن يزيد بن أبي حاتم، وسار إلى تونس. ولما قاربها بعث ابن، لجارود جماعة لتلقّيه، واستفهامه في أيّ شيء جاء فعدوا عليه وقتلوه افتئاتاً بذلك على ابن الجارود واضطر إلى إظهار الخلاف، وتولى كبر ذلك محمد بن الفارسي من قوّاد الخراسانية، وكتب إلى القّواد والعمّال في النواحي، واستفسدهم على الفضل. وكثر جموع ابن الجارود، وخرج الفضل فانهزم واتبعه ابن الجارود، واقتحم عليه القيروان. ووكّل به وبأهله من يوصلهم إلى قابس. ثم رده من طريقه وقتله منتصف ثمان وسبعين. ورجع ابن الجارود إلى تونس، وامتعض لقتل الفضل جماعة من الجند وفي مقدّمتهم مالك بن المنذر ووثبوا بالقيروان فملكوها، وسار إليهم ابن الجارود من تونس فقتلهم، وقتل مالك بن المنذر وجماعة من أعيانهم ، ولحق ففهم بالأندلس فقدًموا عليهم الصلت بن سعيد، وعادوا إلى القيروان واضطربت إفريقية.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1097 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون أخوه روح بن حاتم:



1097

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


أخوه روح بن حاتم:

ولم بلغ الرشيد وفاة يزيد بن حاتم، وكان أخوه روح على فلسطين استقدمه وعزّاه في أخيه، وولاه على إفريقية فقدمهما منتصف إحدى وسبعين. وسار داود ابن أخيه يزيد إلى الرشيد. وكان يزيد قد أذل الخوارج ومهّد البلاد فكانت ساكنة أيام روح، ورغب في موادعة عبد الوهاب بن رستم، وكان من الوهبيّة فوادعه. ثم هلك روح 



في رمضان سنة أربع وسبعين، وكان الرشيد قد بعث بعهده سراً إلى نصر بن حبيب من قرابتهم فقام بالأمر بعد روح إلى أن ولي الفضل.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1096 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب:


1096

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب:

ولما بلغ المنصور انتقاض أفريقية على عمر بن حفص، وحصاره بطبنة ثم بالقيروان، بعث إليه يزيد بن أبي حاتم بن قبيصة بن المهلّب بن أبي صفرة في ستين ألف مقاتل. وبلغ خبره عمر بن حفص فحمله ذلك على الاستماتة حتى قتل، وسار يزيد بن حاتم فقدم عليها، وأبو حاتم يعقوب بن حبيب مستولٍ عليها فسار إلى طرابلس للقائه، واستخلف على القيروان عمر بن عثمان الفهريّ فانتقض وقتل أصحابه، وخرج المخارق بن غفار فرجع إليهما أبو حاتم ففرا من القيروان، ولحقا بجيجل من سواحل كتامة فتركهما، واستخلف على القيروان عبد العزيز بن السبع المغافري، وسار للقاء يزيد. وسار يزيد إلى طرابلس فلحق أبو حاتم بجبال نفوسة، واتبعته عساكر يزيد فهزمهم فسار إليه يزيد بنفسه. وقاتله قتالًا شديداً فانهزم البربر، وتتل أبو حاتم في ثلاثين ألفأ من أصحابه، وتتبعهم يزيد بالقتل بثأر عمر بن حفص. ثم ارتحل إلى القيروان فدخلها منتصف سنة خمس وخمسين. وكان عبد الرحمن بن حبيب بن عبد الرحمن الفهرّي مع أبي حاتم فلحق بكتامة، وبعث يزيد في طلبه فحاصروهم، ثم ظفروا بهم. وهرب عبد الرحمن، وقتل جميع من كان معه. وبعث يزيد المخارق بن غفار على الزاب، ونزل طبنة، وأثخن في البربر في وقائع كثيرة مع وربجومة وغيرهم إلى أن هلك يزيد، سنة سبعين ومائة في خلافة هارون الرشيد، وقام بأمره إبنه داود فخرج عليه البربر، وأوقع بهم، ورجع إلى القيروان إلى أن كان من أمره ما نذكر.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ