إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

1075 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون الخبر عن ملوك بني أدفونش من الجلالقة ملوك الأندلس بعد الغوط ولعهد المسلمين وأخبار من جاورهم من الفرنجة والبشكنس والبرتغال والالمام ببعض أخبارهم:


1075

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


الخبر عن ملوك بني أدفونش من الجلالقة ملوك الأندلس بعد الغوط ولعهد المسلمين وأخبار من جاورهم من الفرنجة والبشكنس والبرتغال والالمام ببعض أخبارهم:

 والملوك لهذا العهد من النصرانية أربعة في أربعة من العمالات محيطة بعمالة المسلمين، قد ظهر إعجاز الملة في مقامهم معهم وراء البحر، بعدما استرجعوا من أيديهم ما نظمه الفتح الإسلامي أوّل الأمر. وأعظم هؤلاء الملوك الأربعة: قشتالة؟ وعمالاته عظيمة متسعة، مشتملة على أعمال جليقية كلها، مثل قشتالة وغليسية. والقرنتيرة، وهي بسيط قرطبة وإشبيلية وطليطلة وجيان أخذة في جوف الجزيرة من المغرب إلى المشرق. ويليه من جانب الغرب ملك البرتغال وعمالته صغيرة، وهي اشبونة، ولا أدري نسبه فيمن هو من الأمم. ويغلب على الظنّ أنه من أعقاب القواميس الذين تغلبوا على عمالات بني أدفونش في العصور الماضية كما نلى كر بعد، ولعله سن اسباطهم وأولي نسبهم والله أعلم. ويلي ملك قشتالة هذا من جهة الشرق ملك نبرة، وهو ملك البشكنس، وعمالته صغيرة فاصلة بين عمالات قشتالة وعمالة ملك برشلونة وقاعدة ملك نجرة، وهي مدينة ينبلونة. وملك برشلونة وما وراءها. ونحن الآن نذكر أخبار هذه الأمم من عهد الفتح بما يظهر لك منه تفصيل أخبارهم، وذلك أن النصرانية لما تغلب عليهم المسلمون عند الفتح سنة تسعين من الهجرة وقتلوا لزريق ملك الغوط، وانساحوا في نواحي جزيرة الأندلس، واجفلت أمم النصرانية كلها أمامهم إلى سيف البحر من جانب الجوف، وتجاوزوا الدروب وراء قشتالة، واجتمعوا بجليقة وملكوا عليهم ثلاثة: ابن ناقلة فأقام ملكاً تسع عشرة سنة، وهلك سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وولي ابنه قافلة سنتين. ثم هلك فولوا عليهم بعدهما أدفونش بن بطرة، وهو الذي اتصل ملكه في عقبه لهذا العهد. ونجهم في الجلالقة من العجم كما تقدم. ويزعم ابن حيان أنهم ما أعقاب الغوط، وعندي أن ذلك ليس بصحيح فإن أمة الغوط قد دثرت وغبرت 



وهلكت، وقل أن يرجع أمر بعد إدباره. وإنما هو ملك مستجد في أمة أخرى، والله أعلم. فجمعهم أدفونش بن بطرة على حماية ما بقي من أرضهم بعد أن ملك المسلمون عامتها. وانتهوا إلى جليقة واقصروا عن الفتح بعدها حتى فشلت الدولة الإسلامية بالأندلس، وارتجع النصارى الكثير مما غلبوا عليه وكان مهلك أدفونش بن بطرة سنة اثنتين وأربعين ومائة لثمان عشرة سنة من ملكه، وولي بعده إبنه فرويلة إحدى عشرة سنة قوي فيها سلطانه، وقارنه فيها شغل عبد الرحمن الداخل بتمهيد أمره فاسترجع مدينة بك، وبرتغال وسمورة، وسلمنقة، وشقرنية، وقشتالة بعد أن كانت انتظمت للمسلمين في الفتح. وهلك سنة ثمان وخمسين، وولي ابنه شيلون عضرة سنين. وهلك سنة ثمان وستين فولوا مكانه أدفونش منهم، ووثب عليه سمول ماط فقتله وملك مكانه سبع سنين. وعلى عقب ذلك استفحل ملك عبد الرحمن بالأندلس، وأغزى جيوشه أرض جليقية ففتح وغنم وأسر. ثم ولي منهم أدفونش آخر سنة اثنتين وخمسين، وهلك سنة ثمان وستين فولوا مكانه أدفونش منهم، ووثب أحد ملوكهم المستبدين بأمرهم. قال ابن حيان: كانت ولاية رذمير هذا عند ترهب أخيه أدفونش الملك قبله، وذلك سنة تسع عشرة وثلاثمائة على عهد الناصر، وتهيأ للناصر الظهور عليه إلى أن كان التمحيص على المسلمين في غزوة الخندق وذلك سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وكانت الواقعة بالخندق وقريباً من مدينة شنت ماكس كما ذكر في أخباره. ثم هلك رذمير سنة تسع وثلاثين وولي أخوه شانجة وكان تياهاً معجباً بطالاً فانتقض سلطانه، ووهن ملك قومه، وانتزى عليه قوامس دولته فلم يتم لبني أدفونش بعدها ملك مستبد في الجلالقة إلا من بعد أزمان الطوائف وملوكهم كما ذكرناه. وكان اضطراب ملكهم كما نقل ابن حيان على يد فردلند بن عبد شلب قومس البة والقلاع فكان أعظم القوامس، وهم ولاة الأعمال من قبل الملك الأعظم فانتقض على شانجة البة وظاهرهم ملك البشكنس على شانجة، وورد شانجة على الناصر بقرطبة صريخا فأمده، واستولى بذلك الإمداد على سمورة فملكها، وأنزل المسلمين بها، واتصلت الحرب بين شانجة وبين فردلند إلى أن أسر فردلند في بعض أيام حروبهم، وحصل في أسر ملك البشكنس على أن ينفذ إليه أسيره فردلند بن عبد شلب قومس البة والقلاع فأبى من ذلك، وأطلقه. ووفد على المنتصر أرذون بن أدفونش 



المقارع لشانجة صريخاً سنة إحدى وخمسين فأجابه، وأنفذ غالباً مولاه في مدده. ثم هلك شانجة ملك بني أدفونش ببطليوس، وقام بأمرهم بعده ابنه رذمير، وهلك أيضا فردلند بن عبد شلب قومس ألبة، وولي بعده إبنه غرسية، ولقي رذمير المسلمين بالثغر في بعض صوائفهم، وعظمت نكايته بعد مهلك الحكم المستنصر إلى أن قيض الله لهم المنصور بن أبي عامر حاجب إبنه هشام فأثخن في عمل رذمير، وغزاه مراراً وحاصره في سمورة، ثم في ليون بعد أن زحف إلى غرسية بن فردلند صاحب ألبة، وظاهر معه ملك البشكنس فغلبهما. ثم ظاهروا مع رذمير وزحفوا جميعاً للقائه بشنت ماكس فهزمهم، واقتحمها عليهم وخربها. وتشاءم الجلالقة برذمير، وخرج عليهم عمه بزمند بن أرذون، وافترق أمرهم. ثم رجع رذمير طاعة المنصور سنة أربع وسبعين، وهلك على أثرها فأطاعت أمه، واتفقت الجلالقة على بزمند بن أرذون، وعقد له المنصور على سمورة والعيون وما اتصل بهما من أعمال غليسية إلى البحر الأخضر واشترط عليه فقبل. ثم امتعض بزمند لما نزل بالجلالقة عيث المنصور سنة ثمان وسبعين فافتتح حيون، وحاصره في سمورة ففرعنها، وأسلمها أهلها إلى المنصور فاستباحها، ولم يبق لملك الجلالقة إلا حصون يسيرة بالجبل الحاجز بين بلدهم وبين البحر الأخضر. ثم اختلف حال بزمند في الطاعة والإنتقاض، والمنصور يردّد إليه الغزو حتى أذعن واخفر ذمته (1) الخارج على المنصور فأسلمه إليه سنة خمس وثمانين، وضرب عليه الجزية. وأوطن المسلمين مدينة سمورة سنة تسع وثمانين، وولي عليها أبا الأحوص معن بن عبد العزيز التجيي. ثم سار إلى كرسية بن فردلند صاحب ألبة، وكان أعان المخالفين على المنصور، وكان فيمن أعان عليه حين خرج عليه فنازل المنصور مدينة أشبونة، قاعدة غليسية فملكها وخرّبها. وهلك غرسية هذا فولي ابنه شانجة، وضرب المنصور عليهم الجزية، وصار أهل جليقة جميعاً في طاعته، وكانوا كالعمال له إلا بزمند بن أرذون، ومسد بن عبد شلب قومس غليسية فإنهما كانا أملك لأمرهما. على أنّ مسداً بعث بنته للمنصور سنة ثلاث وثمانين وصيّرها جارية له فأعتقها وتزوّجها. ثم انتقض بزمند وغزاه المنصور فبلغ شنت ياقب، موضع حج النصرانية ومدفن يعقوب الحواري من أقصى غليسية، وأصابها خالية فهدمها ونقل 



أبواها إلى قرطبة فجعلها في سمت الزيادة التي أضافها إلى المسجد الأعظم. ثم تطارح بزمنذ بن أرذون في السلم وأنفذ إبنه يلانة مع معن بن عبد العزيز صاحب جليقة فوصل به إلى قرطبة، وعقد له السلم وانصرف إلى أبيه. وألح المنصور على أرغومس من القوامس، وكانوا في طرت جليقية بين سمورة وقشتالة، وقاعدتهم شنت برية فافتتحها سنة خمس وثمانين. ثم هلك بزمند بن أرذون ملك بني أدفونش، وولي إبنه أدفونش وهو صاحب بسيط غرسية، واحتكما إلى عبد الملك بن المنصور فخرج أصبغ بن سلمة قاضي النصارى للفصل بينهما فقضى به لمسد بن عبد شلب. فلم يزل أدفونش بزمند في كفالته إلى أن قتل غيلة سنة ثمان فاستبد أدفونش بأمره وطلب القواميس المقتدرين على أبيه وعلى من سلف من قومه برسوم الملك فحاز ذلك منهم لنفسه وبعث على نواحيهم من عنده، وأذعنوا له وسقط ذكرهم في وقته مثل بني أرغومس وبني فردلند الذين قدّمنا ذكرهم، وقد كان قيامهم أيام شانجة بن رذمير من بني أدفونش كما قدّمناه. جمعهم أدفونش للقاء عبد الملك المظفر بن المنصور فظاهرهم ملك البشكنس ولقيهم بظاهر فلونية فهزموهم وافتتح الحصن صلحاً. ثم انقرض أمر المنصور وبنيه، وجاءت الفتنة البربرية على رأس المائة الرابعة فانتهز الفرصة في المسلمين صاحب ألبة، وهر شانجة بن غرسية وصار يظاهر الفرقة الخارجة على الأخرى إلى أن أدرك بعض الأمل، وقتل ملك البشكنس سنة ست وأربعمائه وتغلب النصارى على ما كان عليه بقشتالة وجليقية. ولم يزل أدفونش ملكاً على جليقية وأعمالها. واتصل الملك في عقبة إلى أن كان شأن الطوائف. تغلب المرابطون ملوك المغرب من لمتونة على ملوك الطوائف، واستولوا على الأندلس وانقرض منها ملك العرب أجمع. وفي تواريخ لمتونة وأخبارهم أن ملك قشتالة الذي ضرب الجزية على ملوك الطوائف سنة خمسين وأربعمائه هو البيطبيين، ويظهرأنه كان متغلباً على شانجة ابن أبرك الملك يومئذ من بني أدفونش، وهو مذكور في أخبارهم، وأنه لما هلك قام بأمره بنوه فردلند وغرسية ورذمير، وولي أمرهم فردلند، واحتوى على شنت بريّة وعلى كثير من عمل ابن الأفطس. ثم هلك وخلف شانجة وغرسية والفنش فتنازعوا ثم خلص الملك لألفنش، وعلى عهده مات الظاهر إسمعيل بن ذي النون سنة سبع وستين وأربعمائه وهو المستولي على طليطلة سنة ثمان وسبعين، وهو يومئذ اعتزاز النصرانية بجزيرة الأندلس، وكان من بطارقته وقواميس دولته البرهانس فكان يلقب 



الانبنذور، ومعناه ملك الملوك. وهو الذي لقي يوسف بن تاشفين بالزلاقة، وكانت الدائرة عليه، وذلك سنة إحدى وثمانين. وحاصر ابن هود في سرقسطة، وكان ابن عمه رذمير منازعا له فزحف إلى طليطلة وحاصرها فامتنعت عليه، وحاصر القسريلية وغرسية المرية والبرهانس مرسية وقسطون شاطبة وسرقسطة. ثم استولى على بلنسية سنة تسع وثمانين، وارتجعها المرابطون من يده بعد أن غلبوا ملوك الطوائف على أمرهم. ثم مات الفنش سنة إحدى وخمسمائة، وقام بأمر الجلالقة زوجته، وتزوجت رذمير ثم فارقته، وتزوجت بعده قمطاً من أقماطها، وجاءت منه بولد كانوا يسمونه السليطين، وأوقع ابن رذمير بابن هود سنة ثلاث وخمسمائة الواقعة المشهورة التي استشهد فيها. وملك ابن رذمير سرقسطة وفر عماد الدولة وابنه إلى روطة فأقام إلى أن استنزله السليطين، ونقله إلى قشتالة. ثم كانت بين رذمير وأهل قشتالة حرب هلك فيها البرهانس سنة سبع وخمسمائة وذلك لآخر أيام المرابطون بلمتونة. ثم انقرض أمرهم على يد الموحدين. وكان أمر النصارى لعهد المنصور يعقوب ابن أمير المؤمنين يوسف بن عبد المؤمن، كان دائراً بين ثلاثة من ملوكهم الفنش والبيبوح وابن الرند، وكبيرهم الفنش، وهو أميرهم يوم الأرك الذي كان للمنصور عليهم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، والبيبوح صاحب ليون هو الذي مكر بالناصر عام العقاب فداخله وقدم عليه، وأظهر له التنصيح فبذل له أموالاً. ثم غدر به وكر عليه الهزيمة يوم العقاب. ثم هلك الناصر وولي المستنصر، وفشل ريح بني عبد المؤمن، واستولى الفنش على جميع ما افتتحه المسلمون من معاقل الأندلس وارتجعها. ثم هلك الفنش وولي ابنه هراندة، وكان أحول، وكان يلقب بذلك وهو الذي ارتجع قرطبة واشبيلية من أيدي بني هود، وعلى عهده زحف ملك أرغون فارتجع شرق الأندلس كله شاطبة ودانية وبلنسية وسرقسطة، وسائر الثغور والقواعد الشرقية. وانحاز المسلمون إلى سيف البحر، وملكوا عليهم ابن الأحمر بعد ولايه ابن هود. ثم هلك هراندة وولي ابنه، ثم هلك ابنه وولي إبنه هراندة وأجاز بنو مرين إلى الأندلس صريخاً لابن الأحمر، وسلطانهم يومئذ يعقوب بن عبد الحق فلقيته جموع النصرانية بوادلك، وعليهم ذنبة من أقباط بني أدفونش وزعمائهم فهزمهم يعقوب بن عبد الحق، وبقيت فتن متصلة، ولم يلقه يعقوب، وإنما كان يغزو بلادهم ويكثر فيها العيث إلى أن القوه بالسلم، وخالف على هراندة ملك قشتالة هذا إبنه شانجة فوفد هراندة على يعقوب بن عبد الحق صريخاً، 



وقبل يده فقبل وفادته وأمده بالمال والجيش ورهن في المال التاج المعروف من ذخائر سلفهم فلم يزل بدار بني عبد الحق من بني مرين لهذا العهد. ثم هلك هراندة ثلاث وثمانين، واستقل ابنه شانجة بالملك، ووفد على يوسف بن يعقوب بالجزيرة الخضراء بعد مهلك أبيه يعقوب، وعقد معه السلم. ثم انتقض وحاصر طريف وملكها، وهلك سنة ثلاث وتسعين فولي ابنه هراندة. ثم هلك سنة إثنتي عشرة وسبعمائة فولي ابنه بطرة صغيراً، وكفله عمه جران، وكان نزلها جميعاً على غرناطة عند زحفهما إليها سنة ثمان عشرة وسبعمائة، فولي ابنه الهنشة بن بطرة صغيراً، وكفله زعماء دولتهم. ثم استبد بأمره وزحف إلى السلطان أبي الحسن وهو محاصر لطريف سنة إحدى وخمسين فهلك في الطاعون الجارف، وملك ابنه بطرة وقرابته القمط برشلونة فأجاره ملكها وزحف إليه بطرة مراراً وتغلّب على كثير من أعماله. وحاصر بلنسية مراراً. ثم أتيح الغلب للقمط سنة ثمان وسبعين وسبعمائة فاستولى على بلاد قشتالة. وزحفت إليه أمم النصرانية لما كانوا سئموا من عنف بطرة وسوء ملكته، ولحق بطرة باسم الفرنجة الذين وراء قشتالة في الجوف بجهات الليمانية وفرطانية إلى سيف البحر الأخضر وجزيرة قدوح شنت مزين ملكهم الأعظم، وهو البلنس غالس. وجاء معه مدداً بأمم لا تحصى حتى ملك قشتالة والقرنتيرة ورجعوا عنه إلى بلادهم بعد أن أصابهم وباءً هلك الكثير منهم. تم اتصلت الحرب بين بطرة وأخيه القمط إلى أن غلبه القمط، واعتصم منه بطرة ببعض الحصون، ونازله القمط، حتى إذا أشرف على أخذه بعث بطرة إلى بعض الزعماء سراً لنيل النزول في جواره فأجابه، ووشى به لأخيه القمط فكسبه في بيت ذلك الزعيم وقتله سنة إثنتين وسبعين وسبعمائة. واستولى على ملك بني أدفونش أجمع، واستنزل ابن أخيه بطرة من قرمونة. وقد كان اعتصم بها بعد مهلك أبيه مع وزيره مرتين لبس هو. واستقام له ملك قشتالة، ونازعه إلبلنس غالس ملك الأفرنجة بالابن الذي هو من بنت بطرة، على عادة العجم في تمليك ابن البنت محتجاً بأن القمط لم يكن لرشدة. واتصلت الحرب بينهما، وشغله ذلك عن المسلمين فامتنعوا من الجزية التي كانت عليهم لمن قبله. وهلك هذا القمط سنة إحدى وثمانين وسبعمائة فملك ابنه شانجة، وفرّ إبنه الآخر غرمس إلى غرناطة. ثم رجع إلى نواحي قشتالة، والأمر على ذلك لهذا العهد، وفتنتهم مع الفنش ملك الفرنج موصولة، وعاديتهم لذلك عن المسلمين مرفوعة، والله من ورائهم محيط. وأما ملك



 البرتغال بجهة أشبونة غرب الأندلس، ومملكته صغيرة، وهي من أعمال جليقية، وصاحبها لهذا العهد متميز بسمته. وملكه مشارك لابن أدفونش في نسبه. ولا أدري كيف يتصل نسبه معهم. وأمّا ملك برشلونة بجهة شرق الأندلس فعمالتهم واسعة، ومملكتهم كبيرة تشتمل على برشلونة بجهة وارغون وشاطبة وسرقسطة وبلنسية وجزيرة دانية وميورقة وبنورقة، ونسبهم في الفرنج، وسياق الخبر عن ملكهم ما نقل ابن حيان أن الغوط الذين كانوا بالأندلس كانوا قديماً في ملك الفرنج، ثم اعتزموا عليهم وامتنعوا ونبذوا إليهم عهدهم وكانت برشلونة من مماليك الفرنج وعمالاتهم فلما جاء الله بالإسلام، وكان الفتح، قعد الفرنج عن نصر الغوط لتلك العداوة فلما انقضى أمر الغوط، زحف المسلمون إلى الفرنج فأزعجوهم عن برشلونة وملكوها. ثم تجاوزوا الدروب من ورائها إلى البسائط بالبر الكبير فملكوا من قواعدها جزيرة أربونة وما إليها من تلك البسائط. ثم كانت فترة عند انقراض الدولة الأموية بالمشرق، وبداية الدولة العباسية افتتن فيها العرب بالأندلس، وانتهز الفرنج فرصتهم فارتجعوا بلادهم إلى برشلونة فملكوها لهذا العهد مائتين من الهجرة، وولّوا عليهم من قبلهم، وصار أمرها راجعا إلى ملك رومة من الفرنجة، و هو قارله الأكبر، وكان من الجبابرة. ثم ركبهم من الخلاف والمنافسة في أوقات ضعفهم واختلاف ملوكهم كالذي ركبه المسلمون من ضعفت يده من الملوك فاقتطع الأمراء نواحيهم بكل جهة، فكان ملوك برشلونة هؤلاء ممن اقتطع عمله، وكان ملوك بني أمية لأول دولتهم يتراضون بمهادنة هؤلاء الملوك أهل برشلونة حذراً من مدد صاحب رومة، ثم صاحب القسطنطينية من ورائه. فلما كانت دولة المنصور بن أبي عامر بين إقطاع برشلونة عن ملك الفرنج، شمر المنصور لغزوهم، واستباح بلادهم، وأتخن في أعمالهم، وافتتح برشلونة وخربها، وانزلى بهم النقمات. وملكهم لعهده بردويل بن سير وكانت حالة الظهور عليه كحاله مع سائر الملوك النصارى ولما هلك بردويل ترك من الولد فلبة وريند وأومنقود. ثم انتقض أومنقود على عبد الملك بن المنصور فغزاه وأخذه في بعض ثغوره صلحاً. ثم كانت الفتنة البربرية وحضرها أومنقود فهلك في الوقعة مع البربر سنة أربعمائه، وانفرد بيمند بملك برشلونة إلى أن هلك بعد عشر وأربعمائه، وملك ابنه يلتنفير وكفلته أمه وحاربت



 يحيى بن منذر من ملوك الطوائف، وهي التي تغلبت على ثغر طرشوشة، واتصل الملك في عقب بيمند. وكان الملك منهم لآخر دولة الموحدين جامعة بن بطرة بن أدفونش بن ريند، وهو الذي ارتجع بلنسية وملكهم بهذا العهد إسمه بطرة. ولم يبلغني كيف اتصال نسبه بقومه. وملك بعد العشرين من هذه المائة وهو حيّ لفذا العهد، وابنه غالب عليه لكبر سنه. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق