989
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
تاريخ ابن خلدون
المجلد الرابع
صفحة 56 - 267
ولاية أبي علي بن الأفضل الوزارة ومقتله:
ولما تقرر الأمر على وزارة هزبر الملوك، وخلع عليه أنكر ذلك الجند، وتولى كبر ذلك رضوان بن ونحش كبيرهم. وكان أبو علي بن الأفضل حاضرا بالقصر فحثه برغش العادل على الخروج حسدا لصاحبه، وأوجد له السبيل إلى ذلك فخرج، وتعلق به الجند، وقالوا: هذا الوزير ابن الوزير، وتنصل فلم يقبلوا، وضربوا له خيمة بين القصرين، وأحدقوا به، وأغلقت أبواب القصر فتسوروه، وولجوا من طيقانه. واضطر الحافظ إلى عزل هزبر الملوك، ثم قتله وولى أبو علي احمد بن الأفضل الوزارة، وجلس بدست أبيه، ورد الناس أموال الوزارة المقضية. واستبد على الحافظ ومنعه من التصرف، ونقل الأموال من الذخائر والقصر إلى داره، وكان إماميا متشددا فأشار عليه الإمامية بإقامة الدعوة للقائم المنتظر. وضرب الدراهم بإسمه دون الدنانير. ونقش عليها الله الصمد الإمام محمد، وهو الإمام المنتظر.
وأسقط ذكر إسمعيل من الدعاء على المنابر، وذكر الحافظ، وأسقط من الآذان حي على خير العمل. ونعت نفسه بنعوت أمر الخطباء بذكرها على المنابر. وأراد قتل الحافظ بمن قتله الآمر من أخوته، فإن الآمر أجحفهم عند نكبة الأفضل، وقتلهم فلم يقدر أبو علي على قتله، فخلعه واعتقله. وركب بنفسه في المواسم، وخطب للقائم مموها فتنكر له أولياء الشيعة
ومماليك الخلفاء. وداخل يونس الجند من كتامة وغيرهم في شأنه، واتفقوا على قتله. وترصد له قوم من الجند فاعترضوه خارج البلد، وهو في موكبه، وهم يتلاعبون على الخيل. ثم اعتمدوه فطعنوه وقتلوه، وأخرجوا الحافظ من معتقله، وجددوا له البيعة بالخلافة، ونهب دار ابي علي. وركب الحافظ وحمل ما بقي فيها إلى القصر. واستوزر أبا الفتح يانسا الحافظي، ولقبه أمير الجيوش، وكان عظيم الهيبة بعيد الغور، واستبد عليه، فاستوحش كل منهما بصاحبه. ويقال أن الحاكم وضع له سما في المستراح هلك به، وذلك آخر ذي الحجة سنة ست وعشرين.
قيام حسن بن الحافظ بأمر الدولة ومكره بأبيه ومهلكه
ولما هلك يانس، أراد الحافظ أن يخلي دست الوزارة ليستريح من التعب الذي عرض منهم للدولة، وأجمع أن يفوض ا أمور إلى ولده، وفوض إلى ابنه سليمان. ومات لشهرين فأقام ابنه الآخر حسنا فحدثته نفسه بالخلافة، وعزم على اعتقال أبيه، وداخل الإجناد في ذلك فأطاعوه، واطلع أبوة على أمره ففتك بهم. يقال إنه قتل منهم في ليلة أربعين. وبعث أبوه خادما من القصر فهزمه حسن، وبقي الحافظ محجورا، وفسد أمره، وبعث حسن بهرام الأرمني لحشد الأرمن ليستظهر بهم على الجند، وثاروا بحسن وطلبوه من أبيه، ووقفوا بين القصرين، وجمعوا الحطب لإحراق القصر. واستبشع إلى حافظ قتله بالحديد، فأمر طبيبه ابن فرقة عنه في ذلك سنة تسع وعشرين.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق