إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 28 ديسمبر 2014

1029 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون وفاة عبد الرحمن الأوسط وولاية ابنه محمد:


1029

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


وفاة عبد الرحمن الأوسط وولاية ابنه محمد:

ثم توفى عبد الرحمن الأوسط بن الحكم بن هاشم بن عبد الرحمن الداخل، في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين لإحدى وثلاثين سنة من إمارته، وكان عالماً بعلوم الشريعة والفلسفة، وكانت أيامه هدوّ وسكون. وكثرت الأموال عنده واتخذ القصور والمنتزهات، وجلب إليها الماء، وجعل له مصنعاً اتخذه الناس شريعة. وزاد في جامع قرطبة رواقين، ومات قبل أن يستتمه فأتمه ابنه محمد بعده. وبنى بالأندلس جوامع كثيرة، ورتّب رسوم المملكة واحتجب عن العامّة، ولما مات ولي مكانه ابنه محمد فبعث لأوّل ولايته العساكر مع أخيه الحكم إلى قلعة      رباح لإصلاح أسوارها. وكان أهل طليطلة خربوها فرمَّها وأصلح حالها، وتقدم إلى طليطلة فعاث في نواحيها. ثم بعث الجيوش مع موسى بن موسى صاحب تطيلة فعاث في نواحي ألبة والقلاع، وفتح بعض حصونها ورجع، وبعث عساكر أخرى إلى نواحي برشلونة وما وراءها فعاثوا فمها، وفتحوا حصون برشلونة ورجعوا. ثم سار محمد سنة أربعين في جيوشه إلى طليطلة فاستمدوا ملك جليقة، وملك البشكنس فساروا لإنجادهم مع أهل طليطلة فلقيهم الأمير محمد على وادي سليط، وقد أكمن لهم فأوقع بهم. وبلغ عدة القتلى من أهل طليطلة والمشركين عشرين ألفاً. ثم سار إليهم سنة ثلاث وأربعين فأوقع بهم ثانية، وأثخن فيهم وخرب ضياعهم فصالحوه ثم نكثوا. وفي سنة خمس وأربعين ظهرت مراكب المجوس، ونزلوا بإشبيلية والجزيرة، وأحرقوا مسجدها. ثم عادوا إلى تدمير، ودخلوا قصر اريٌولة وساروا إلى سواحل الفرنجة وعاثوا فيها، وانصرفوا فلقيهم مراكب الأمير محمد فقاتلوهم، وغنموا منهم مركبين، واستشهد جماعة من المسلمين، ومضت مراكب المشركين إلى ينبلونة، واشروا صاحبها غرسية وفدّى نفسه منهم بسبعين ألف دينار. وفي سنة سبع وأربعين حاصر طليطلة ثلاثين يوماً. ثم بعث الأمير محمد سنة إحدى وخمسين أخاه المنذر في العساكر إلى نواحي البة والقلاع فعاثوا فيها، وجمع لزريق للقائم فلقيهم وانهزم، وأثخن المسلمون في المشركين بالقتل والأسر وكان فتحاً لا كفاء له. ثم غزا الأمير محمد بنفسه سنة إحدى وخمسين بلاد الجلالقة فأثخن وخرب، وانتقض عليه عبد الرحمن بن مروان الجليقي فيمن معه من المولدين، وساروا إلى التخم، ووصل يده بأذفونش ملك



 جليقة فسار إلى الوزير هاشم بن عبد الرحمن في عساكر الأندلس، سنة ثلاث وستين فهزمه عبد الرحمن وحصل هاشم في أسره. ثم وقعت المراودة في الصلح على أن ينزل عبد الرحمن بطليوس (1) ويطلق الوزير هاشماً فتم ذلك سنة خمس وستين، ونزل عبد الرحمن بطليوس، وكانت خربة فشيدها وأطلق هاشماً بعد سنتين ونصف من أمره. ثم تغير أذفونش لعبد الرحمن بن مروان وفارقه، وخرج من دار الحرب بعد أن قاتله ونزل مدينة أنْطانية بجهات ماردة وهي خراب فحصّنها، وملك ما إليها من بلاد اليون وغيرها من بلاد الجلالقة، واستضافها إلى بطليوس. وكان مظفر بن موسى بن ذي النون الهواري عاملاً بشنت برية فانتقض، وأغار على أهل طليطلة فخرجوا إليه في عشرين ألفاً، ولقيهم فهزمهم، وانهزم معهم مطرف بن عبد الرحمن، وقتل من أهل طليطلة خلقٌ. وكان مطرّف بن موسى فردأ في الشجاعة ومحلاً من النسب، ولقي شنجة صاحب ينبلونة أمير البشكنس فهزمه شنجة وأسره، وفرّ من الأسر، ورجع إلى شنت برّية فلم يزل بها قويم الطاعة إلى أن مات آخر دولة الأمير محمد. وفي سنة إحدى وستين انتقض أسد بن الحارث بن بديع بتاكرتا(2) وهي رندة فبعث إليهم الأمير محمد العساكر، وحاصروهم حتى استقاموا على الطاعة. وفي سنة ثلاث وستين اغزى الأمير محمد ابنه المنذر إلى دار الحرب، وجعل طريقه على ماردة، وكان بها ابن مروان الجليقي، ومرت طائفة من عساكر المنذر بماردة فخرج عليهم ابن مروان، ومعه جمع من المشركين استظهر بهم فقتل تلك الطائفة عن آخرهم وفي سنة أربع وستين بعث ابنه المنذر ثانية إلى بلد ينبلونة، ومر بسرَقٌسْطَة فقاتل أهلهما، ثم تقدّم إلى تطيلة وعاث في نواحيها وخرّب بلاد بني موسى، ثم لوجهه إلى ينبلونة فدوخها ورجع. وفي سنة ست وستين أمر الأمير محمد بإنشاء المراكب بنهر قرطبة ليدخل بها إلى البحر المحيط، ويأتي جليقة من ورائها فلما تمّ إنشاؤها، وجرت في البحر أصابها الريح  وتقطعت فلم يسلم منها إلا القليل. وفي سنة سبع وستين انتقض عمر بن حفصون بحصن يشتر من جبال مالقة، وزحف إليه عساكر تلك الناحية فهزمهم، وقوي أمره، وجاءت عساكر الأمير محمد فصالحهم ابن حفصون واستقام أمر الناحية. وفي سنة ثمان وستين بعث الأمير محمد ابنه المنذر لقتال أهل الخلاف



 فقصد سرقٌسطَة، وحاصرها، وعاث في نواحيها، وفتح حصن ريطة. ثم تقدم إلى دير بروجة، وفيه محمد بن لبّ بن موسى(1) ثم قصد مدينة لاردة وقرطاجنة، ثم دخل دار الحرب وعاث في نواحي البة والقلاع، وفتح منها حصونا ورجع. وفي سنة سبعين سار هاشم بن عبد العزيز بالعساكر لحصار عمر بن حفصون بحصن يشتر، واستنزله إلى قرطبة فأقام بها، وفيها شرع إسمعيل بن موسى ببناء مدينة لاردة فجمع صاحب برشلونة لمنعه من ذلك، وسار إليه فهزمه إسمعيل وقتل أكثر رجاله، وفي سنة إحدى وسبعين سار هاشم بن عبد العزيز في العساكر إلى سرقسطة فحاصرها هاشم وافتتحها، ونزلوا جميعا على حكمه. وكان في عسكره عمر بن حفصون واستدعاه من الثغر فحضر معه هذه الغزاة فهرب، ولحق بيشتر فامتنع به، وسار هاشم إلى عبد الرحمن بن مروان الجليقي، وحاصره بحصن منت مولن. ثم رجع عنه فأغار ابن مروان على إشبيلية ولقنت(2). ثم نزل منت شلوط فامتنع فيه، وصالح عليه الأمير محمداً، واستقام على طاعته إلى أن هلك الأمير محمد. وكان ملك رومة والفرنجة لعهده اسمه فرلبيب بن لوزنيق.


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق