إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

1051 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون أخبار المنصور ابن أبي عامر:


1051

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


أخبار المنصور ابن أبي عامر:

ثم سما محمد بن أبي عامر المتغلب على هشام لمكانه في السن، وثاب له رأي في الاستبداد فمكر بأهل الدولة، وضرب بين رجالها، وقتل بعضها ببعض. وكان من رجال اليمنية من مغافر وإسمه محمد بن عبد الله بن أبي عامر بن محمد بن عبد الله بن عامر بن محمد بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك المغافري، دخل جدّه عبد الملك مع طارق، وكان عظيماً في قومه، وكان له في الفتح أثر فاستوزره الحكم لابنه هشام كما ذكرنا. فلما مات الحكم حجبه محمد، وغلب عليه، ومنع الوزراء من الوصول إليه إلاّ في النادر من الأيام يسلمون وينصرفون. وأرخص للجند في العطاء وأعلى مراتب العلماء، وقمع أهل البِدَع، وكان ذا عقل ورأي وشجاعة وبصر بالحروب ودين متين. ثم تجّرد لرؤساء الدولة ممن عانده، وزاحمه فمال عليهم وحطّهم عن مراتبهم، وقتل بعضها ببعض. كل ذلك عن أمر هشام وخطه وتوقعيه، حتى استأصل بهم وفرّق جموعهم. وأوّل ما بدأ بالصقالبة الخصيان الخدّام بالقصر، فحمل الحاجب المصحفي على نكبتهم فنكبهم، وأخرجهم من القصر، وكانوا ثمانمائة أو يزيدون ثم اصهر إلى غالب مولى الحكم، وبالغ في خدمته والتنصّح له، واستعان به على المصحفي فنكبه ومحا أثره من الدولة، ثم استعان على غالب بجعفر بن علي بن حمدون صاحب المسيلة الفازع إلى الحكم أوّل الدولة بمن كان معه من زناتة والبربر. ثم قتل جعفر عماله ابن عبد الودود وابن جوهر وابن ذي النون وأمثالهم من أولياء الدولة من العرب وغيرهم. ثم لما خلا الجو من أولياء الخلافة والمرشحين للرياسة، رجع إلى الجند فاستدعى أهل العدوة من رجال زناتة والبرابرة فرتب منهم جنداً، واصطنع أولياء، وعرّف عرفاء من صنهاجة ومغراوة، وبني يفرن وبني برزال ومكناسة، وغيرهم فتغلّب على هشام وحجره واستولى على الدولة، وملأ الدنيا وهو في جوف بيته، مع تعظيم الخلافة والخضوع لها، وردّ الأمور إليها وترديد الغزو والجهاد، وقدّم رجال البرابرة زناتة، وأخّر رجال العرب وأسقطهم عن مراتبهم فتم له ما أراد من الاستقلال بالملك والاستبداد بالأمر، وابتنى لنفسه مدينة فنزلها وسمّاها الزاهرة. ونقل إليها خزائن الأموال والأسلحة، وقعد على سرير الملك، وأمر أن يُحيّا بتحيّة الملوك، وتسمى



بالحاجب المنصور، ونفذت الكتب والأوامر والمخاطبات باسمه وأمر بالدعاء له على المنابر، وكتب اسمه في السكّة والطرز، وعمر ديوانه بما سوى ذلك وجند البرابرة والمماليك واستكثر من العبيد والعلوج للاستيلاء على تلك الرغبة، وقهر من يطاول إليها من الغلبة فظفر من ذلك بما أراد، وردّد الغزو بنفسه إلى دار الحارث فغزا اثنتين وخمسين غزوة في سائر أيام ملكه لم ينكسر له فيها راية، ولا فلّ له جيش ولا أصيب له بعث، ولا هلكت سرية وأجاز عساكره إلى العدوة وضرب بين ملوك البرابرة بعضهم في بعض فاستوثق ملكه بالمغرب وأذعنت له ملوك زناتة وانقادوا لحكمه وأطاعوا لسلطانه، وأجاز ابنه عبد الملك إلى ملوك مغراوة بفاس من آل خزر لما سخط زيري بن عطية ملكهم لما بلغه من إعلانه بالنيل منه والغض من ملكهم، والتأنف لحجر الخليفة هشام فأوقع به عبد الملك سنة ست وثمانين، ونزل بفاس وملكها، وعقد لملوك زناتة على المغرب وأعماله من سجلماسة وغيرها على ما نشير إليه بعد. وشرد زيري بن عطية إلى تاهرت، وأبعد المفر، وهلك في مفرّه. ثم قفل عبد الملك إلى قرطبة واستعمل واضحا على المغرب. وهلك المنصور أعظم ما كان ملكا وأشد استيلاء سنة أربع وسبعين ثلاثمائة بمدينة سالم منصرفه من بعض غزواته، ودفن هنالك وذلك لسبع وعشرين سنة من ملكه.


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق