إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 30 أبريل 2014

1350 قصة الحضارة ( ول ديورانت ) قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلت -> إنجلترة المرحة -> في المدارس 2- في المدارس




1350


قصة الحضارة ( ول ديورانت )

 قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلت -> إنجلترة المرحة -> في المدارس

2- في المدارس


لم يكن عصر شكسبير متوفراً على التعليم. فتعلم العصر قليلاً من اللاتينية، وأقل منه من اليونانية، مع قدر أكبر من الإيطالية والفرنسية، وقرأ الكتب بنهم ولكن بسرعة، واندفع يحكم عليها بالتجربة والاختبار، وتعلم من المدرسة الحياة، وأجاب معلمه بوقاحة لم يسمع بمثلها.
ولم تكن اللغة التي استعملها هذا العصر هي لغة المدارس، ولكنها كل لغة الحديث الموروثة عن عهود الكلت والرومان والسكسون والنورمنديين في إنجلترا، مزيدة بالغنائم اللغوية من فرنسا وإيطاليا، كما انتزعت بعض الألفاظ العامية من شوارع لندن، ومن اللهجات في المقاطعات، ولكن لغة العصر لم تقنع بهذا، فجعلت الكلمات تلد الكلمات، وجعلت الخيال الواسع يتخبط في الكلام الخلاق. وهل كان ثمة لغة حية قوية مرنة غنية مثلها؟ ولم تتوقف لتضع لهجائها القواعد، وقبل 1570 لم توجد قواميس للإرشاد إلى ضبط الهجاء والإملاء، ولم يحدد شكسبير كيف يتهجى اسمه. واستخدم الاختزال، ولكنه لم يهدئ من روع أصحاب الأعمال المهتاجين، ولم يسعف الشعر.
وقضى هنري الثامن على تعليم البنات المنظم حين حل أديار الراهبات. أما التعليم الابتدائي فكان ميسوراً مجاناً لأي ولد يمكنه الوصول إلى إحدى المدن. وفتحت إليزابث مائة مدرسة متوسطة مجانية Grammar School، وأضاف إليها جيمس الأول زشارل الأول 288 مدرسة أخرى. أما الأولاد (البنين) من ذوي الأصل العريق فقد كانت قد أسست لهم بالفعل مدارس خاصة Public School (مدارس ثانوية داخلية) في ونشستر، وايتون، وسانت بول، وشروزبري، وأضيف إليها الآن رجبي (1567)، وهاور (1571)، ومدرسة Marchant Tayior's، (1581) حيث لمع الاسم التربوي العظيم ريتشارد مولكاستر. وكان المنهج تقليدياً،


بالإضافة إلى الضرب، وكان تعليم المذهب الأنجليكاني إجبارياً في جميع المدارس. وفي وستمنستر كانت الدراسة تبدأ في السابعة وتنتهي في السادسة، مع فترات فيها شيء من الشفقة: لطعام الإفطار في الثامنة، ولسنة من النوم والخلوة بعد الظهر. وكان الآباء يصرون على أن تنهض المدرسة على أكمل وجه، بإحدى مهامها الرئيسية، ألا وهي تخليصهم من أبنائهم.
وظلت أكسفورد ودمبردج تحتكران التعليم الجامعي. وكانتا قد فقدتا هيبتهما والثقة بهما في أثناء الإصلاح الديني وما اقترن به من هياج وشغب، كما انصرف عنهما آلاف الطلاب، ولكنهما كانتا تستردان مكانتهما، وفي 1586 كانت كل جامعة منهما تضم نحو 1500 طالب. وفي جامعة كمبردج تبرع سير والتر ميلدماي Mildmay بكلية عمانويل في 1584، وأسست فرانسس، كونتيسة سسكس وعمة فيليب سدني، كلية سيدني سسكس في 1588. وفي أكسفورد أسست كلية يسوع بأموال حكومية وغير حكومية 1571، وأضيفت كليتا واهام (1610) وبمبروك (1624) في عهد جيمس الأول. وشرفت كمبردج في 1564 بزيارة الملكة التي استمعت في وقار وتواضع إلى خطاب رسمي باللاتينية في مدحها، وفي كلية ترنتي ردت باليونانية على خطاب باليونانية، وفي الطرقات تبادلت الحديث مع الطلبة باللاتينية، وفي نهاية الزيارة وجهت خطاباً باللاتينية أعربت فيه عن أملها في أن تفعل شيئاً من أجل التعليم. وبعد ذلك بعامين زارت أكسفورد مبتهجة مفاخرة بقاعاتها وملاعبها، وعند مغادرتها الجامعة صاحت في حماس: "وداعاً رعاياي الأفاضل، وداعاً أبنائي الطلبة الأعزاء، وفقكم الله في دراستكم(19)". لقد عرفت كيف تكون ملكة.
ونافست نساء إنجليزيات أخريات إليزابث في مجال العلم والمعرفة. فاشتهر بنات سير أنطوني كوك بعلمهن. واتخذت ماري سدني كونتيسة بمبورك من بيتها، في ولتن منتدى للشعراء ورجال السياسة والفنانين الذين تبينوا فيها عقلاً ناضجاً يمكنها من تقدير أحسن ما يملكون أو يقدمون. وتلقى مثل هؤلاء السيدات معظم تعليمهن


على أيدي معلمين خاصين في البيت. وكانت المدارس المتوسطة مفتوحة للجميع، أما الثانوية الخاصة والجامعات فكانت قصراً على الذكور فقط.
وكان من أبرز سمات العصر أن أقدر الماليين في عهد إليزابث أسس في لندن (1579) "كلية جريشام" للقانون والطب والهندسة وعلوم البلاغة وغيرها من الدراسات النافعة لطبقة أصحاب الأعمال، وحدد أن تكون المحاضرات بالإنجليزية واللاتينية على حد سواء، طالما أن التجار وغيرهم من المواطنين سيلتحقون بها(20). وأخيراً كان تعليم طبقة ذوي اليسار أو ذوي الألقاب يكمل بالسياحة والرحلات. وقصد الطلبة إلى إيطاليا لاستكمال تدريبهم الطبي والجنسي، وللتعرف على آداب الإيطاليين وفنونهم، وتعلم كثيرون أن يعرجوا على فرنسا في الطريق. ولم تكن اللغة عائقاً آنذاك، لأن كل متعلم في غرب أوربا ووسطها كان يعرف اللاتينية. وعلى الرغم من ذلك فان المسافرين العائدين أتوا معهم إلى الوطن بإثارة من الإيطالية والفرنسية، كما جاءوا بولع شديد بالأخلاقيات الهينة اللينة التي سادت إيطاليا في عصر النهضة.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق