إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 أبريل 2014

1309 قصة الحضارة ( ول ديورانت ) قصة الحضارة -> الإصلاح الديني -> ماوراء الستار -> الأدب في عصر رابليه -> وايات وصرى 7- وايات وصري


1309

قصة الحضارة ( ول ديورانت )

 قصة الحضارة -> الإصلاح الديني -> ماوراء الستار -> الأدب في عصر رابليه -> وايات وصرى

7- وايات وصري


مر التأثير الإيطالي بفرنسا وبلغ إنجلترا، لا فيضاً دافقاً بل نهراً ينطلق إلى البحر بمخارج كثيرة. فالعلم والدرس اللذان شغلا جيلاً ألهما الأدب في الجيل التالي، وأصبح وحي اليونان والرومان المقدس إنجيل النهضة. ففي عام 1486 مثلت مسرحيات بلوتوس في إيطاليا، ثم انتقلت سريعاً إلى بلاطي فرانسوا الأول وهنري الثامن والمتنافسين. وفي عام 1508 افتتحت مسرحية كالاندرا للكاتب ببينا عهد الملهاة الكلاسيكية المكتوبة باللغة الوطنية في إيطاليا. وفي عام 1552 بدأت المأساة الكلاسيكية المكتوبة بالفرنسية في فرنسا بمسرحية جوديل "كليوبطره أسيرة"، وفي عام 1553 أخرج نيكولاس أو دال أول ملهاة إنجليزية ذات شكل كلاسيكي، قال ناقد عنها "إن مسرحية رالف رويستر دويستر تشم فيها رائحة بلوتس"(41). وهذا حق، ولكنك تشم فيها أيضاً رائحة إنجلترا، ورائحة هذه الفكاهة القوية التي كان شكسبير مزعماً أن يقدمها للدهماء من رواد المسارح الإليزابيثية.
وتجلى التأثير الإيطالي في أروع صورة في الشعر إبان حكم أسرة تيودور. كان أسلوب العهد الوسيط لا يزال حياً في بعض القصائد الشعبية الجميلة مثل "العذراء غير السمراء" (1521)، ولكن حين انصرف الشعراء الذين أظلهم الملك الشاب هنري الثامن برعايته إلى قرض الشعر اتخذوا بترارك وأشعاره الغنائية "الكانزونييري" مثلاً يحتذونه. وقبل ارتقاء إليزابيث العرش بسنة واحدة نشر رتشرد توتل، أحد الطباعين اللنديين، كتاباً سماه "منوعات" كشفت فيه قصائد رجلين من رجال البلاط البارزين عن انتصار بترارك على تشوسر، وانتصار الشكل الكلاسيكي على فيض حماسة العهد الوسيط. أما أول الرجلين، وهو السر توماس وايات Wyatt فقد قام برحلات كثيرة إلى فرنسا وإيطاليا بوصفه دبلوماسياً


في خدمة الملك، وجلب معه بعض الإيطاليين ليعاونوه في تهذيب أصحابه وتمدينهم. ولقد أحرق أصابعه بنار الحب كما يخلق برجل بلاط أصيل يعيش في عصر النهضة. وفي رواية أنه كان واحداً من عشاق آن بولين الأوائل، وأنه سجن فترة قصيرة حين أرسلت إلى برج لتدن(42). وقد ترجم أثناء ذلك سونيتات بترارك، وكان أول من ضغط الشعر الإنجليزي في تلك الصورة المحكمة.
فلما مات وايات بالحمى وهو يعد في التاسعة والثلاثين (1542) تلقى القيثارة من يده شاعر رومانسي آخر من بلاط هنري يدعى هنرد هوارد (إيرل أف صري Surrey). وتغنى صري في شعره بمفاتن الربيع، وأنحى باللوم على الصبايا العازفات بحبه، وأقسم ليكونن وفياً إلى الأبد لكل منهن بدورها. وقد ولع بالمغامرات الليلية في لندن، وقضى في السجن فترة عقاباً له على تحديه غريماً في مبارزة، وقدم للمحاكمة جزاء أكله اللحم في الصوم الكبير، وحطم بعض النوافذ بقوسه العابثة. وقبض عليه ثانية، ثم أفرج عنه، وأبلي في الحرب على أرض فرنسا بلاءً حسناً دفاعاً عن وطنه إنجلترا. ولما عاد راح يداعب فكرة ارتقاء العرش الإنجليزي على مسمع من الناس، فحكم عليه بالشنق وانتزع أحشائه وتقطيعه أرباعاً، واكتفى من ذلك كله بضرب عنقه (1547).
كان الشعر ترفاً عارضاً وسط حياة صري العنيفة. وقد ترجم بعض أجزاء من الإنيادة، وأدخل الشعر المرسل في الأدب الإنجليزي. وخلع على السونيت الشكل الذي استخدمه شكسبير فيما بعد. وقد وجه إلى أحد شعراء الرومان أنشودة رعوية حزينة تتغنى بحياة الريف الرتيبة ومما يشيع فيها من سلام وطمأنينة، ربما حين توقع أن مسالك المجد الذي لا حق لصاحبه فيه قد تورده موارد الحتوف. "أي مارتيال، إليك الأشياء التي ألفيتها مفضية إلى الحياة السعيدة: الزهد في المال الذي لا يكسب بالعرق،


والأرض المثمرة، والفكر الهادئ، والصديق الكفؤ لصديقه، لا بغضاء ولا شحناء، لا تغيير في السلطة ولا في الحكومة، حياة سليمة خلت من المرض، وأسرة متصلة الأجيال، وطعام بسيط لا ترف فيه، وحكمة صادقة مقرونة بالبساطة، وليل خلا من كل هم، لا تستبد فيه الخمر بالعقل، وزوجة وفية لا تلج في النقاش، ونوم يزجي الليل، ورضى بما ملكت يداك، لا تخشى الموت ولا تخاف صولته".


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق