إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 أبريل 2014

1323 قصة الحضارة ( ول ديورانت ) قصة الحضارة -> الإصلاح الديني -> ماوراء الستار -> العلم في عصر كوبرنيق -> بعث علم الأحياء 4- بعث علم الأحياء




1323


قصة الحضارة ( ول ديورانت )

 قصة الحضارة -> الإصلاح الديني -> ماوراء الستار -> العلم في عصر كوبرنيق -> بعث علم الأحياء

4- بعث علم الأحياء


بعثت الآن من جديد علوم الأحياء التي لم تكد تحرز أي تقدم منذ عصر الإغريق. فكافح علم النبات ليتحرر من قبضة الصيدلة ويقف على قدميه، ونجح في هذا الكفاح، ولكن لم يكن بد من أن يظل المهيمنون عليه من رجال الطب. وبدأ الحركة أوتو برونفيلز، الطبيب المدني في برن، بكتاب "صور حية للنبات" (1530-36)، وقد سرق معظم نصه من ثيوفراستوس، وديوسقوريدس، وغيرهما من السلف، ولكنه أضاف أيضاً وصفاً للنباتات الألمانية الموطن، وكانت رسومه المحفورة على الخشب وعددها 135 نماذج من الأمانة. وأنشأ يوريكيوس كوردوس، طبيب مدينة بريمن، أول حديقة نباتية (1530) شمال جبال الألب، وحاول كتابة خلاصة مستقلة لعلم النبات الوليد في كتابه Botanilogicon (1534) ثم عاد إلى مجال الطب في كتابه Liber de urinis. وقام ابنه فاليريوس كوردوس بجولات مستهترة في سبيل درس النبات، وقد قلى حتفه أثناءها وهو في التاسعة والعشرين (1544)، ولكنه ترك من بعده للنشر كتابه "تاريخ النبات"، وفيه وصف حي دقيق لخمسمائة نوع من النبات. وقد بدأ ليونارد فوكس، أستاذ الطب بتوبنجن، بدراسة النبات سبيلاً إلى الأقرباذين، ثم انتهى بدراسته لذاته ولما فيه من متعة. وكان كتابه Historia stripium،



(1542) مثالاً للتفاني في العلم، وقد حوى 343 فصلاً حللت 343 جنساً وشرحتها في 515 رسماً محفوراً على الخشب يشغل كل منها صفحة كبيرة كاملة. وأعد للطبع كتاباً أشمل حتى من سابقه، وبه 1.500 لوحة، ولكن أحداً من أصحاب المطابع لم يقبل أن يتكفل بنفقات نشره. أما أثره الحي الباقي فهو جنس "الفوشيا".
وربما كانت أهم فكرة مفردة أسهم بها في علم الأحياء في هذه الفترة هي شرح بيير بيلون في كتابه Histoire.... Des oyseaux، (1555) لذلك التقابل المدهش بين عظام الإنسان والطير. ولكن أعظم أبطال "العلم الطبيعي" في هذا العصر هو كونراد جسنر، الذي شمل إنتاجه وعلمه ميداناً بلغ من الاتساع مبلغاً حمل كوفييه على أن يطلق عليه اسم بليني ألمانيا، بل كان يحق له أن يسميه أرسطو ألمانيا أيضاً. وقد ولد في أسرة فقيرة بزيورخ (1516)، وأبدى من الاستعداد والدأب على الدرس ما جعل المدينة تتعاون مع رعاته الخاصين على تمويل تعليمه العالي في ستراسبورج وبورج وباريس وبال. وقد وضع أو جمع 1.500 رسم توضيحي لكتابه "تاريخ النبات"، ولكن تبين أن تكاليف طبع الكتاب ستكون باهظة، فظل مخطوطاً ولم يطبع إلا عام 1751، وقد تأخر نشر تصنيفه البارع لأجناس النبات حسب بنياتها التناسلية بحيث لم يستطع ليناوس الاستعانة به. وقد نشر في حياته أربعة مجلدات (1551-58)، وخلف مجلداً خامساً، من كتاب ضخم في "تاريخ الحيوان" أورد فيه كل نوع من أنواع الحيوان تحت اسمه اللاتيني، ووصف شكله، وأصله، وموطنه، وعاداته، وأمراضه، وصفاته العقلية والعاطفية، وفوائده الطبيعية والمنزلية، ومكانه في الأدب، وكان التصنيف أبجدياً لا علمياً، ولكن تكديسه الموسوعي للمعلومات أعان علم


الأحياء على أن يتخذ له شكلاً محدداً. على أن هذه الجهود لم تُنضب معين جسنر، فبدأ موسوعته "المكتبة العالمية" في واحد وعشرين مجلداً عكف فيها على وضع فهارس بجميع الكتابات اليونانية واللاتينية والعبرية المعروفة، وأكمل منها عشرين مجلداً، واستحق بذلك لقب "أبي الببليوغرافيا". وفي قسم جانبي يسمى "متريداتيس" (1555) حاول تصنيف 130 لغة من لغات العالم. ويبدو أن كتابه Descriptio Montis Pilati، (1541) كان أول دراسة منشورة للجبال بوصفها إحدى صور الجمال، وعرفت سويسرة الآن أنها بلد جليل رائع. وكل هذه المؤلفات أنجزت بين عامي 1541 و1565. وفي هذه السنة مات كونراد جسنر، روح الدراسة المتجسد.
وفي غضون ذلك كان لكتاب جوان فيف Deanima et vita (1538) معظم الفضل في خلق علم النفس التجريبي الحديث. وكأن فيف أراد أن يتحاشى التشكك، الذي كان هيوم مزمعاً أن يبسطه بعد قرنين، حول وجود "عقل" بالإضافة إلى العمليات العقلية، فنصح الطالب ألا يسأل ما هو العقل أو ما هي النفس، لأننا (كما أحس) لن نعرف هذا أبداً، إنما يجب أن نسأل ماذا "يفعل" العقل؛ وعلى السيكولوجيا ألا تكون غيبيات نظرية، وأن تصبح علماً مبنياً على مشاهدات محددة ومتجمعة، في هذا سبق فيف فرانسس بيكون بقرن من الزمان في توكيده للاستقراء. ودرس بالتفصيل ترابط الأفكار، وعمل الذاكرة وتحسينها، وعملية المعرفة، ودور الشعور والعاطفة، ونحن نشهد في كتابه هذا علم النفس منبعثاً في ألم، انبعاث كثير من العلوم قبله، ومن بطن أم واحدة للجميع، هي الفلسفة.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق