23
السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك
ثالثاً جهود المماليك في دحر الحملة الصليبية السابعة
2 ـ تورانشاه يقود المعركة
وصل تورانشاه إلى المنصورة في 17 ذو القعدة 647هـ/21 شباط 1250م بعد أن أعلن سلطاناً في دمشق، وهو في طريقه إلى مصر، فأعلنت عندئذ وفاة الصالح أيوب وسلمته شجرة الدر مقاليد الأمور، فأعد خطة عسكرية كفلت له النصر النهائي على الصليبيين[8]. وكان وصوله إلى مصر إيذاناً بإعادة إرتفاع الروح المعنوية عند المصريين وبين صفوف المماليك وتيمّن الناس بطلعته[9]. وأمر بإنشاء اسطول من السفن الخفيفة نقلها إلى فروع النيل السفلى وأنزلها في القنوات المتفرعة، فأخذت تعترض طريق السفن الصليبية التي تجلب المؤن للجنود من دمياط، فقطع بذلك الطريق عليها وحال دون اتصال الصليبيين بقاعدتهم دمياط[10]، وفقد الصليبيون عدداً كبيراً من سفنهم قدّرتها المصادر بما يقرب من ثمان وخمسين سفينة، انقطع المدد من دمياط عن الفرنج ووقع الغلاء عندهم، وصاروا محصورين لا يطيقون المقام، ولا يقدرون على الذهاب وتشجع المسلمون وطمعوا فيهم وأدرك لويس التاسع استحالة الزحف نحو القاهرة في ظل هذه الاوضاع وبدأ يفكر في العودة إلى دمياط وفعلاً أمر بالإرتداد وأحرق الصليبيون ما عندهم من الخشب وأتلفوا مراكبهم ليفروا إلى دمياط، كما أدرك أن عملية الانسحاب لن تكون سهلة، وأن المماليك سوف يطاردون جيشه لذلك لجأ قبل أن يبدأ بعملية الإنسحاب إلى فتح باب المفاوضات مع تورانشاه على أساس ترك دمياط مقابل أخذ بيت المقدس[11]، غير أن الوقت قد فات على مثل هذه المساومة وكان طبيعياً لأن يرفض تورانشاه هذا الإقتراح وبخاصة أنه علم بحرج موقف الملك، وفي صباح المحرم عام 648 هـ / نيسان عام 1250م بدأت عملية المهندسون الصليبيون على أن يدمروا الجسر الذي أقاموه لإجتياز البحر الصغير فلم يلبث المماليك أن عبروه وراءهم، وقاموا بعملية مطاردة منظمة، وهاجموه من كل ناحية[12]، وبفضل ثبات الملك الفرنسي وحسن إدارته بعملية الإنسحاب، وصل الصليبيون إلى شرمساح عند منتصف الطريق بين المنصورة ودمياط، ولكن كان هذا الملك مريضاً، وأحاط المماليك بجيشه من كل جانب، وراحوا يتخطفونهم، وشنوا عليهم هجوماً عاماً في فارسكور ولم يقو الملك على القتال ، وتم تطويق الجيش بأكمله، وحلت به هزيمة منكرة، ووقع كل أفراده تقريباً بين قتلى وجرحى وأسرى، حيث سيق مكبلاً إلى المنصورة، وسُجن في دار فخر الدين إبراهيم بن لقمان وعُهد إلى الطواش صبيح بحراسته وخُصّص من يقوم بخدمته، وكانت معظم الحرب في فارسكور، فبلغت عدَّة القتلى عشر’ آلاف في قول المقل وثلاثين ألفاً في قول المكثر وأسر من الفرنج عشرات الألوف بما فيهم صناعهم وسوقتهم، وغنم المسلمون من الخيل والبغال والأموال ما لا يحصى كثرة وأبلت الطائفة المملوكية البحرية ـ لا سيما بيبرس البندقداري ـ في هذه المعركة بلاء حسن وبان لهم أثر جميل[13].
يتبع
[IMG]http://img137.imageshack.us/img137/913/w6w20060221105143ce8876fe3aa9j.gif[/IMG]
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق