إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 11 أبريل 2013

107 السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك


107

السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك

خامساً مقتل سيف الدين قطز

 5 ـ ردة فعل المغول لمقتل قطز

لما بلغ المغول نبأ مقتل قطز بتلك الصورة توقعوا حدوث انقسام داخل دولة المماليك، ووجدوا في ذلك فرصة سانحة لهم لمحاولة فرض سيطرتهم على بلاد الشام مرة أخرى، فتجمع المغول الذين كانوا بحران وغيرهما من مدن أقليم الجزيرة، وانضم إليهم من سلم من معركة عين جالوت، وساروا حتى قاربوا البيرة التي كانوا قبل ذلك قد هدموا أسوارها وابراج قلعتها واضحت مكشوفة فادرك الملك السعيد بن بدر الدين لؤلؤ الذي كان والياً على حلب خطورة الموقف فيها، وارسل نجدة من عنده لمساعدة أهل البيرة في الدفاع عن مدينتهم، إلا أن هذه القوة الإسلامية لم تستطع الصمود أمام الجموع المغولية وتراجعت إلى داخل المدينة حيث بعث قوادها إلى الملك السعيد يخبرونه بتفاقم خطر المغول وانهم اتجهوا إلى منبج، ويبدو أن المغول ارادوا عدم اضاعة الوقت في الهجوم على المدن الصغيرة، وعقدوا العزم على مهاجمة مدينة حلب التي وصلوها في يوم الخميس السادس والعشرين من ذي الحجة سنة658هـ/نوفمبر 1260م وبدأوا في مهاجمتها بقيادة الأمير المغولي بايدر الذي استطاع اقتحام المدينة واخراج من بها من المسلمين إلى قرية قرنبيا شرقي حلب وفيها حاول المسلمون توحيد صفوفهم مرة أخرى للوقوف في وجه المغول وايقاف زحفهم إلا أن ذلك التجمع لم يجد نفعاً أمام كثافة الجموع المغولية، واضطر المسلمون بقيادة حسام الدين الجوكندار الذي خلف الملك السعيد على حلب إلى التراجع إلى الخلف لاستدراج المغول إلى مكان أفضل لمنازلتهم فتراجع إلى حماه التي فيها الملك المنصور صاحبها، وفيها رأى توسيع الرقعة على المغول بالتراجع إلى حمص متظاهراً بالضعف أمامهم بهدف اعطاء نفسه فرصة كافية لحشد أكبر عدد من الجيوش الإسلامية فوصله بحمص الملك المنصور صاحب حماه ومعه اخوه الملك الأفضل علي ومعها عساكر حماه، كما انضم إليه في الوقت نفسه الملك الأشرف صاحب حمص وفي حمص اعاد الجوكندار تنظيم جيوش الإسلام مرة أخرى وجهزها بالعدة والعتاد استعداد لمنازلة المغول، الذين وصلوا إلى حمص في المحرم من سنة 659هـ/ديسمبر 1260م حيث دارت بين الطرفين معركة حامية الوطيس عند قبر خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه[27]ـ بالقرب من الرستن ابلى فيها المسلمون بلاء حسناً رغم قلة عددهم وكثرة عدد المغول، حتى كتب الله لهم النصر على عدوهم، وفر بايدر من المعركة فيمن، سلم من جنده وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، وسارع الملك المنصور عقب ذلك الانتصار بالاتجاه إلى سلمية حيث انضموا إلى جموع مغولية كانت نازلة بها، وحاولوا عبثاً مهاجمة حماة مرة ثانية واقاموا عليها يوما واحداً، ثم رحلوا عنهاإلى أفامية، التي كان قد سبقتهم إليها فرقة من جيش المسلمين اقامت بالقلعة، وقامت بتنظيم الهجمات على المغول داخل المدينة التي اضطر العدو إلى ترك افاميه والاتجاه إلى حلب التي ظلوا يحاصرونها مدة من الزمن حتى تمكن الملك الظاهر بيبرس من تثبيت نفسه على عرش الدولة المملوكية في مصر والشام، حيث سارع بارسال جيش كبير أوكل إليه مهمة طرد المغول من بلاد الشام، ولما سمع المغول بمقدم ذلك الجيش دخلهم الهلع والخوف فولوا الأدبار هاربين باتجاه الشرق وطهرت بلاد الشام مرة أخرى من نير الاحتلال المغولي[28]، واستطاع المسلمون أن يتجاوزوا هذه المحن العظيمة وأثبت التاريخ بوقائعه وشواهده، أن هذه الأمة أصلب ما تكون عودة وأشد ما تكون قوة وأعلى ما تكون همة، عندما تحيط بها الشدائد، وتحل بساحتها الأزمات وتتبلد في سمائها الغيوم، فهي حينئذ تستجمع قواها وتستشير كوامنها، وتظهر ذخائرها وتقف في مواجهة الهجمات الغازية، والمحن القاسية، بإيمان صلب، وصبر جميل، وثبات نبيل وتوكل على الله حتى يجعل الله لها من عسرها يسراً ومن ضيقها فرجاً، ومن مأزقها مخرجاً ومن ظلام ليلها صبحاً مشرقاً ونهاراً مضيئاً، وبهذا أثبتت الأمة عراقتها وأصالتها وأنها قادرة على أمتصاص الهزائم واجتياز المحن والشدائد العظام والوصول إلى بر الأمان في النهاية بسلام[29].





--------------------------------------------------------------------------------

[1] مصر والشام في عصر الايوبيين، سعيد عاشور صـ 186.

[2] بلدة القصير: هي قرية الجعافرة بمحافظة الشرقية.

[3] في تاريخ الايوبيين والمماليك صـ 203.

[4] وطره: حاجته.

[5] نزهة الانام في تاريخ الإسلام صـ 267.

[6] نزهة الانام في تاريخ الإسلام صـ 168.

[7] كنز الدرر (8 ـ 60)، في تاريخ الايوبيين والمماليك صـ 204.

[8] السلوك (1 ـ 519)، في تاريخ الايوبيين والمماليك صـ 204، الظاهر بيبرس، بيتر توراوصـ 88.

[9] زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة (9 ـ 73)، في تاريخ الايوبيين والمماليك، قاسم عبده قاسم صـ 205.

[10] في تاريخ الايوبيين والمماليك صـ 206.

[11] عقدة الجمان، نقلا عن في التاريخ الايوبي والمملوكي للعبادي صـ 162.

[12] السلوك (1 ـ 521).

[13] بدائع الزهور (1 ـ 99 ـ 100)ن في التاريخ الايوبي والمملوكي صـ 163.

[14] في التاريخ الايوبي والمملوكي صـ 163.

[15] في تاريخ الايوبيين والمماليك، قاسم عبده صـ 206.

[16] المصدر نفسه صـ 208.

[17] المصدر نفسه صـ 209.

[18] في تاريخ الأيوبيين والمماليك صـ209.

[19] المصدر نفسه صـ209.

[20] المصدر نفسه صـ210.

[21] النجوم الزاهرة(7/86 ـ 87).

[22] السلوك(1/520).

[23] قصة التتار صـ366.

[24] المصدر نفسه صـ367.

[25] المصدر نفسه صـ367.

[26] جواهر السُلوك في أمر الخلفاء والملوك لإبن إياس صـ115.

[27] جهاد المماليك صـ129.

[28] النجوم الزاهرة(7/104 ـ106).

[29] تاريخ من المتفرى عليه للقرضاوي صـ210.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق