إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 11 أبريل 2013

110 السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك


110

السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك

سادساً أسباب إنتصار المسلمين في عين جالوت

 2 ـ توسيد الأمر إلى أهله

قام سيف الدين قطز بتوسيد الأمور إلى أهلها واهتم بالكفاءة والأمانة، قال تعالى: "إن خير من استأجرت القوي الأمين" * القصص ، آية : 26 * ، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن إعرابياً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إذا ضُيعت الامانة فانتظر الساعة قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة[20]. فإذا تولى الأمور رجال لا يمتلكون كفاءة ولا يتصفون بأمانة، ولم يصلوا إلى مكانهم إلا بواسطة أو قرابة أو رشوة إذا حدث ذلك فاعلم أن النصر بعيد[21]، أما سيف الدين قطز، فقد اسند الأمور إلى أهلها، واختار قادة جيشه وأركانه وكان لهم الفضل بعد الله تعالى في الانتصار على المغول على المستوى التكتيكي والاستراتيجي[22]، ومن أشهر هولاء القادة الذين ساهموا في النصر:

أ ـ الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري: كان في معركة عين جالوت رئيس أركان الجيش المملوكي وقائد الطليعة، طارد بيدرا قائد طليعة الجيش المغولي إلى أرض فامية، ظهرت عليه النجابة والفطنة في سن مبكرة من حياته التي كان فيها مملوكاً وقربه وقدمه الملك الصالح نجم الدين ايوب على الجمدارية الذين كانوا عنده وحضر معه معركة دمياط وأبلى فيها بلاء حسناً ظهرت عبقريته العسكرية وشجاعته الفائقة، لا يزال الكره يملأ قلبه والحقد الكبير على المغول الذين أهانوه وأسروه وعندما كان عمره أربعة عشر عاماً، وباعوه فشروه إلى أن وصل إلى البند قداري الذي سمي الظاهر باسمه، ثم انتقل إلى الملك الصالح وكان من أبطال معركة المنصورة التي كانت من المعارك الحاسمة بين الصليبيين والأيوبيين والتي انتصر فيها الجيش الأيوبي الذي كان في أكثره من المماليك ورأى بنفسه أنه يمكن الانتصار على هؤلاء وغيرهم وأنه بإمكان المماليك، لو نظموا ودربوا، أن ينتصروا على كل طامع وغاصب وقد تميز، بثقافته العسكرية التي كان يتمتع بها، إذ كان شغوفاً بدراسة تاريخ المعارك والحروب وكان يشجع ويحث العسكريين التركيز على هذه الدراسة وبنفس الوقت كان يحب الاساتذة وخبراء الحرب ويميل إليهم ويكرمهم ويهيء لهم الجو الملائم للتدريس وإعطاء مزيد من المعلومات التاريخية العسكرية وكان يقول: سماع التاريخ أعظم من التجارب، وحافظ على التدريب العسكري المتواصل، والاهتمام بكل صغيرة وكبيرة من الامور المتعلقة بالسياسة والحرب، وقد تمتع بصفات قيادية فذة، وكان يأخذ بالحذر والحيطة لكل الامور، واتخاذ المناسب حيال كل حدث أو اعتداء، والخبرة الطويلة والمدة الزمنية الكبيرة التي قضاها في الحروب الحقيقية[23]، كان من الشخصيات القيادية التي ساهمت في تحقيق النصر في عين جالوت.

ب ـ الأمير فارس أقطاي: المستعرب: أتابك الجيش والذي تولى تجهيزه وإعداده والأشراف على كل أموره، وفوق كل ذلك، فقد كان هو بنفسه من الرجال الموثوق بدينهم، واخلاقهم وشجاعتهم وكفاءتهم في الأعداد والتنظيم والتعبئة[24]، كان مقداما شجاعاً وذا معرفة بالحروب وكان قطز يعول عليه كثيراً، وكان هادئاً ورعاً، محباً للخير، مقرباً إلى الملك قطز ومحبوباً من قبل مرؤوسيه[25].

ج ـ سنجر الحلبي: كان أتابك العسكر في زمن الملك المنصور علي بن آيبك سنة 655هـ/1257م، وكان نائب المظفر قطز في دمشق في أعقاب معركة عين جالوت، ولما جاءه خبر مقتل قطز واستلام الملك الظاهر ومبايعته هرب إلى بعلبك وضيق عليه ثم ألقى القبض عليه وسجن ثم أطلق سراحه وكان على درجة كبيرة من البطولة والشجاعة وقد أبلى بلاءً حسناً في المعركة الفاصلة[26].

د ـ آقوسي الشمس الأمير جمال الدين: كان جندياً قوياً، وأميراً موصوفاً بالشجاعة والإقدام والجرأة في التنفيذ، وقد كان خشداشيا عند الأمير بدر الدين البيسري، كما خدم عند غيره، وقد ظهرت عليه تطلعات الإرتقاء إلى المناصب العالية، حتى إذا كانت معركة عين جالوت، شكل من وحدته العسكرية، وقصد مقر قيادة المغول، حتى إذا كان قاب قوسين أو أدنى من القائد العام للجيش المغولي انقض عليه وأصابه وطرحه أرضاً وأسر كتبغا، ولما رأى الجيش المغولي وقد أسر قائده خارت قواه وضعفت معنوياته، وبهذا فقد حقق آقوشي نصراً لجيشه، بل كان منعطفاً تاريخياً ثم ولي فيما بعد نيابة حلب وبقي فيها حتى توفي[27].

هـ ـ هؤلاء كانوا من أهم قادة جيش المماليك الذين حققوا النصر الكبير في عين جالوت، فكانوا من أسباب النصر، لقد إهتم سيف الدين قطز بالكفاءات والقادة الآخرين فتعاطفوا معه والتفوا حوله وتولدت الثقة التي كانت المفتاح الرئيس لتحقيق التمكين في عين جالوت، وكان سيف الدين قطز يملك مقومات الحصول على الثقة من الأمراء والعلماء، وعامة الناس والتي من أهمها:

ـ التعاطف ويتحقق ذلك من خلال الإهتمام بالآخرين والوقوف إلى صفهم فيما يحدث لهم من خير وشر ومشاركتهم همومهم ومشاكلهم ومن خلال ذلك تم كسب ثقة القادة والعلماء وعموم الشعب.

ـ الصدق والصراحة، والكفاءة والعمل الجماعي المنظم والإنتماء للإسلام والقدرة على الاتصال بالآخرين، وكل هذه المقومات ساهمت في كسب الثقة في سيف الدين قطز[28].

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق