إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

61 السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك


61

السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك

ثانياً سلطنة عز الدين آيبك

 8 ـ سلطنة على ابن المعز ثم تولي سيف الدين قطز

صمم المماليك المعزية، وعلى رأسهم سيف الدين قطز، على أن يقيموا على العرش الذي بات شاغراً بمصرع آيبك صبياً في الخامسة عشر من عمره هو * نور الدين علي *  ابن سيدهم المعز آيبك، وتم ذلك في ربيع الأول سنة 655هـ/1257م ولقبوه الملك المنصور علي، وقد رفض المماليك الاعتراف بالسلطان الصبي، وتجسد رفضهم في عدة إضطرابات عاصفة، استنجدت بعض الفئات المتنازعة بملوك بني أيوب في بلاد الشام، وحاول المغيث عمر صاحب إمارة الكرك ـ في الأردن حالياً ـ غزو مصر مرتين، لكن الفشل كان من نصيبه[71]، بيد أن هذه الاضطرابات كانت فرصة جديدة لظهور نجم الأمير سيف الدين قطز، فقد قام قطز بالقبض على الآتابك سنجر الحلبي وحبسه في الجب بقلعة الجبل، لأنه كان يطمع في السلطنة بعد مقتل المعز آيبك، ولأنه كان يتحين الفرصة للوثوب على العرش، وأدى ذلك إلى مزيد من الاضطرابات والفوضى، فقد هرب عدد من المماليك البحرية إلى جهة الشام، وطاردهم المماليك المعزية وقبضوا على عدد منهم وأودعوهم سجون القلعة، وخلا الجو لسيف الدين قطز فصار نائب السلطان:.. وصار مدبر دولة الملك المنصور علي[72]. وكان جلسو السلطان الصبي على العرش مسألة قصد بها كسب الوقت حتى يمكن لواحد من كبار المماليك الطامعين في عرش السلطنة أن يحسم الصراع لصالحه، وكان هذا مشهداً تكرر كثيراً طوال عصر سلاطين المماليك، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا إن هذه كانت ممارسة سياسية حظيت بإعتراف الجميع طوال ذلك العصر ومن المهم أن نشير إلى أن المماليك لم يؤمنوا بنظام وراثة العرش، إذ طبيعتهم العسكرية من ناحية، وشعورهم بأنهم جميعاً سواء في ناحية أخرى، جعل كبار أمرائهم يعتقدون أنهم جميعاً يستحقون العرش الذي يفوز به اقواهم، واقدرهم على الإيقاع بالآخرين تحقيقاً لمبدأ * الحكم لمن غلب * ، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أن ظل عرش السلطنة على الدوام محل التنافس والمنازعات بين كبار الأمراء، لا سيما عندما يخلو العرش بسبب موت السلطان، وكان هذا هو الحال عندما مات عز الدين آيبك ولم يشأ * سيف الدين قطز *  أن يتعجل الأمور ويواجه المنافسين، فأمسك بيده زمام السلطة الفعلية تاركاً للسلطان الصبي شعار السلطنة ولقبها.. ولا شيء أكثر من ذلك وبات عرش مصر قاب قوسين أو أدنى، ثم جاءت الفرصة تسعى إلى قطز، وكان سيف الدين قطز مشغولاً بترتيب الأوضاع السياسية الداخلية لصالحه[73]، على حين كانت الإشاعات تملأ سماء القاهرة بأن السلطان الصبي يريد خلع قطز مملوك أبيه وصاحب اليد البيضاء في توليه عرش البلاد، وإجتمع الأمراء في بيت أحد كبارهم، وتكلموا إلى أن نجحوا في إصلاح الأمور بين الملك المنصور علي وبين مملوك أبيه الأمير قطز،.. وخلع عليه وطيب قلبه وهكذا توطدت مكانة سيف الدين في الدولة[74]، وفي الوقت نفسه كانت الأحوال متردية تماماً بسبب الفتن التي أثارتها طوائف المماليك في القاهرة، كما كان خطر محاولات الغزو الفاشلة التي قام بها المغيث عمر في ذي القعدة 655هـ/1257م وفي ربيع الأول سنة 656هـ/1258م يقلق باله، بحيث خرج في المرتين للقاء المماليك البحرية وحليفهم الأيوبي وبفضل شجاعة * سيف قطز *  تم القضاء عل هذا الخطر الأيوبي بيد أنه كان على قطز أن يواصل ترتيب أمور المملكة في الداخل وبعد أن واجه الخطر الخارجي، فقد قبض على جماعة من الأمراء لميلهم إلى * الملك المغيث عمر *  في هذا الشهر نفسه، وهم: الأمير * عز الدين آيبك الرومي الصالحي * ، والأمير * سيف بلبان الكافوري الصالحي الأشرفي * ، والأمير * بدر الدين بكتوت الأشرفي * ، والأمير * بدر الدين بلغان الأشرفي *  وغيرهم، وضرب أعناقهم في السادس والعشرين من ربيع الأول واستولى على أموالهم كلها[75]، وبذلك إزدادت القامة السياسية لسيف الدين قظز طولاً، ولكن الدولة التي يحكمها سلطان في سن الصبى بدت واهنة ضعيفة وغير قادرة على تحمل مؤامرات الصغار ولعبهم بأقدار البلاد والعباد، ثم بدا صدى طبول الحرب التتارية يتردد على حدود السلطنة الوليدة، ولم يكن بوسع السلطان الصبي * نور الدين علي *  أن يفعل شيئاً إزاء هذا الخطر الداهم، فقد كان يقضي وقته في ركوب الحمير والتنزه في القلعة.. ويلعب بالحمام مع الخدم[76]، ومع كل خبر جديد عن وحشية التتار كانت الأحوال تزداد إضطراباً والقلق يفترس نفوس الناس[77]. وتعين على الأمير سيف الدين قطز نائب السلطنة أن يخطو الخطوة الأخيرة نحو العرش من ناحية وتدعيم نفوذه السياسي الداخلي من ناحية أخرى والاستعداد لمواجهة التتار، من ناحية ثالثة[78]، ومع اقتراب جحافل التتار من الشام أرسل الملك الناصر المؤرخ والفقيه المعروف كمال بن العديم إلى مصر يستنجد بعساكرها وهكذا بدأت الحرب تطل بوجها المرعب، على الساحة السياسية في مصر، وكان النجم الساطع في تلك الساحة هو الأمير * سيف الدين قطز * ، ولما قدم ابن العديم إلى القاهرة، عقد مجلس بالقلعة حضره السلطان الصبي الملك المنصور نور الدين علي، وحضره كبار أهل الرأي من الفقهاء والقضاة، مثل: قاضي القضاة بدر الدين حسن السنجاري، والشيخ عز الدين بن عبد السلام، وكان سيف الدين قطز بين الحاضرين، وسألهم الحاضرون عن أخذ الأموال من الناس لانفاقها على الجنود فأفتى الشيخ عز الدين بفتوته المشهورة التي يأتي تفصيلها عند الحديث عن عين جالوت بإذن الله تعالى، وكان هذا الاجتماع من الأدوات السياسية التي أحسن سيف الدين قطز استغلالها للوصول إلى هدفه النهائي، عرش مصر وقتال التتار، وكان ذلك الاجتماع الذي عقد بحضور السلطان الصبي آخر خطوات قطز صوب عرش مصر وقتال التتار[79]. وبينما كان هولاكو يجتاح أقاليم العالم الإسلامي الشرقية كان نجم سيف الدين قطز يزداد سطوعاً وتزداد قامته السياسية طولاً، وكأنه على موعد مع التاريخ لكي ينجز مهمته الكبرى في هزيمة الجحافل التتارية الظالمة، لقد استغل قطز إجتماع القلعة لخلع السلطان الصبي، وأخذ يتحدث عن مساوئ المنصور علي، وقال: لا بد من سلطان قاهر يقاتل هذا العدو، والملك الصبي صغير لا يعرف تدبير الملك[80]، وساعده على الوصول لهدفه أن مفاسد الملك المنصور علي كانت قد زادت حتى انفض الجميع من حوله واستهتر في اللعب وتحكمت أمه فاضطربت الأمور وجاءت الفرصة تسعى إلى سيف الدين قطز عندما خرج أمرا ء المماليك المعزية والبحرية إلى الصيد في منطقة العباسية بالشرقية وفي غزة، وعلى رأسهم سيف الدين بهادر والأمير علم الدين سنجر الغتمي، في يوم السبت 24 ذو القعدة سنة 657هـ/1259م وقبض قطز على الملك المنصور وعلى أخيه قاقان وأمهما وإعتقلهم في أحد أبراج القلعة، فكانت مدة حكم المنصور سنتين وثمانية أشهر وثلاثة أيام[81]. وهكذا اكتملت رحلة المملوك صوب العرش، وصار سلطاناً على الديار المصرية، وجلس على سرير الملك بقلعة الجبل في نفس اليوم، واتفق الحاضرون على توليته، لأنه كبير البيت ونائب الملك وزعيم الجيش، وهو معروف بالشجاعة والفروسية، ورضى به الأمراء الكبار والخوشداشية وأجلسوه على سرير الملك ولقبوه بالمظفر[82].

يتبع

  [IMG]http://img137.imageshack.us/img137/913/w6w20060221105143ce8876fe3aa9j.gif[/IMG]

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق