إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 11 أبريل 2013

103 السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك


103

السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك

خامساً مقتل سيف الدين قطز

 1 ـ أسباب مقتل قطز

تنوعت روايات المؤرخين المعاصرين حول الأسباب التي أدت إلى مقتل سيف الدين قطز، ونحاول أن نناقش هذه الأسباب ونبين الأقوى منها:

أ ـ يقول ابن أيبك الدواداري:وحكى لي والدي ـ عن مخدومه سيف الدين بلبان الدوادار الرومي قال: إن يوم المصاف هربت جماعة من الأمراء من خشداشية الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري، فلما انتصر الإسلام، تنمر عليهم السلطان المظفر ووبخهم، وشتمهم، وتوعدهم، فأضمروا له السوء، وحصلت الوحشة منذ ذلك اليوم، ولم تزل الاحقاد والضغائن تتراءى في صفحات الوجوه وغمزات العيون، وكل منهم يترقب من صاحبه الفرصة[7].

ب ـ أما المؤرخ تقي الدين المقريزي:فيقول أن سبب ذلك أن الأمير ركن الدين بيبرس طلب من السلطان المظفر قطز أن يوليه نيابة حلب، فلم يرض، فأضمرها في نفسه، ليقضي الله أمراً كان مفعولا[8].

ج ـ أما بيبرس الدواداري: وهو أقربهم إلى الاحداث فيقول: وذلك أنه * قطز *  رحل من دمشق عائد إلى الديار المصرية وفي نفوس البحرية منه ومن استاذه ما فيها لقتلهما الفارس اقطاي، واستبدادهما بالملك وإلجائهم إلى الهرب والهجاج، والتنقل في الفجاج، إلى غير ذلك من أنواع الهوان التي قاسوها، والمشقات التي لبسوها، وإنما إنحازوا إليه لما تعذر عليهم المقام بالشام، والتناصر على صيانة الإسلام لا لأنهم أخلصوا له الولاء، أو رضوا له الاستيلاء.

وقد بنيت المرعى على دمن الثرى     وتبقى حزازات النفوس كما هي[9]

وقد رجح الدكتور قاسم عبده قاسم السبب الذي ذكره المؤرخ بيبرس الدواداري واعتبره السبب الرئيسي لما حدث، فقد كان سيف الدين قطز أكبر مماليك السلطان عز الدين أيبك، وكان من أهم الذين شاركوا في قتل فارس الدين أقطاي، ومطاردة المماليك البحرية من خشداشية، كما أن البحرية عاشوا سنوات منفين في بلاد الشام، ولم يمر عليهم الوقت دون مشكلات وحروب وسجن ومطاردات، ساهم في بعضها سيف الدين قطز بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن المهم أن نتذكر أن رابطة الخشداشية التي كانت تجمع المماليك، كانت رابطة قوية للغاية، ومن ثم فإن بيبرس ورفاقه من المماليك البحرية كانوا يحملون رغبة الثأر لزميلهم أقطاي من ناحية ولزملائهم الآخرين الذين قتلوا على يد قطز، أو بسببه من ناحية أخرى، فضلاً عما نالهم من الهوان والمذلة في منفاهم من ناحية ثالثة[10].

وقال الدكتور أحمد مختار العبادي: أما أسباب مصرع قطز فلا شك أنها أعمق بكثير من قصة رفضه نيابة حلب لبيبرس، وأن هذا الرفض لم يعد أن يكون سبباً مباشراً لمقتله عند الحدود المصرية، والواقع أن تلك الاسباب قديمة ترجع إلى أيام السلطان أيبك وتشريده معظم المماليك البحرية الصالحية، وقتله زعيمهم أقطاي، إذ صار مماليك أيبك وهم المعزية ومنهم قطز، أصحاب النفوذ والسلطان في مصر، واستمر العداء بين العزية والبحرية قائماً حتى أغار المغول على مصر، فاضطر المماليك جميعاً إلى الإتحاد بدليل قول العيني أن المماليك البحرية انحازوا إلى قطز المعزي، لما تعذر عليهم المقام بالشام، وللتناصر على صيانة الإسلام، لا لأنهم أخلصوا الولاء له[11]، فلما انتصر المماليك على المغول في عين جالوت، ولم تبق هناك ضرورة للإتحاد، ظهر العداء القديم بين الطائفتين من جديد، وكان من نتائج ذلك مقتل قطز المعزي على يد بيبرس الصالحي، وهذا هو المعنى الحقيقي لما أورده ابن أبي الفضائل تعقيباً على مقتل قطز حين قال: فلحق الناس خوف عظيم من عودة البحرية إلى ما كانوا عليه من الفساد[12]، وروى ابن أياس في هذا الصدد، ولما تم أمر بيبرس في السلطنة، رسم باحضار المماليك البحرية الذين كانوا منفين في البلاد، كما روى في موضع آخر وكذلك المقريزي أن المماليك المعزية حاولوا اغتيال بيبرس، عقب عودته إلى القاهرة، فقتل بعضهم، وسجن ونفي البعض الآخر[13]. وهذه النصوص وأن دلت على شيء، فإنما تدل على أن مقتل قطز كان نتيجة لعداء قديم مستحكم بين المماليك البحرية الصالحية والمماليك المعزية[14].

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق