83
السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك
المبحث الثاني مقدمات معركة عين جالوت وسير أحداثها
من نتائج سقوط بلاد الشام في ايدي المغول
الخطوة الثالثة:
حرص على التواصل مع الدولة الأيوبية، فقد كانت العلاقة بين المماليك والأيوبية متوترة إلى حد كبير، بل أن الناصر يوسف الأيوبي أمير دمشق وحلب كان قد طلب من التتار بعد سقوط بغداد أن يعاونوه في غزو مصر، إلا أن سيف الدين قطز سعى لإذابة الخلافات بينه وبين أمراء الشام، وكان يسعى إلى الوحدة مع الشام أو على الأقل تحييد أمراء الشام، ليخلو بينهم وبين التتار دون أن يطعنوه في ظهره، فتواصل سيف الدين قطز مع الملك الناصر الأيوبي وعرض عليه أن يكون تابعاً للناصر ثم أن قطز ـ رحمه الله ـ علم أن الناصر يوسف قد يتشكك في أمر الوحدة الكاملة أو في أمر القدوم إلى مصر، فعرض عليه بإمداده بالمساعدة لحرب التتار، فتحققت المصلحة المشتركة في هزيمة التتار وإن لم تتحقق الوحدة الكاملة بين مصر والشام، قال قطز في أدب جم وخلق رفيع: وإن إخترتني خدمتك وإن إخترت قدمت ومن معي من العسكر نجدة لك على القادم عليك، فإن كنت لا تأمن حضوري سيرت لك العساكر صحبة من تختاره[12]. لكن الناصر يوسف لم يستجب لهذه النداءات النبيلة من قطز، وآثر التفرق على الوحدة، فماذا كانت النتيجة؟ سقوط حلب ودمشق، ووقوع الملك الناصر في الأسر ثم قتله بعد عين جالوت، ولم يكتف قطز بهذه الجهود الدبلوماسية مع الناصر بل راسل بقية أمراء الشام، فاستجاب له الأمير المنصور صاحب حماه والتحق بعض جيشه بقطز، وأما المغيث عمر صاحب الكرك بالأردن فقد آثر أن يقف على الحياد، وقد حاول مرتين قبل ذلك أن يحتل مصر، وصده قطز في المرتين، وأما الأشرف الأيوبي صاحب حمص فقد رفض الإستجابة تماماً لقطز، وفضل التعاون المباشر مع التتار، وبالفعل أعطاه هولاكو إمارة الشام كلها ليحكم باسم التتار، وأما الأخير وهو الملك السعيد * حسن بن عبد العزيز * صاحب بانياس فقد رفض التعاون مع قطز هو الآخر رفضاً قاطعاً، بل إنضم بجيشه إلى قوات التتار يساعدهم في فتح بلاد المسلمين، وهكذا استطاع قطز أن يكسب أمير حماه المنصور وانضم إليه جيش الناصر، وحيَّد إلى حد كبير المغيث عمر صاحب الكرك، وبذلك يكون قد إنضم الكثير من الجنود الشاميين مع سيف الدين قطز[13].
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق