70
السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك
الفصل الثاني معركة عين جالوت الخالدة
6 ـ ماردين
بعد أن تمكن هولاكو من انهاء الأمر في ميافارقين أشار على امرائه بالزحف على مدينة ماردين، التي كانت تتمتع الأخرى بحصانة كبيرة، إذ تعجب المغول من ارتفاع قلعتها واستحكاماتها لذلك عمد هؤلاء القادة إلى اتباع نهجهم التقليدي بارسال الرسل إلى صاحبها الملك السعيد، بالتهديد والوعيد إلا أن الملك السعيد نجم الدين ايلغازي الارتقي، أبى الانصياع إلى أوامرهم ورد عليهم قائلاً: كنت قد عزمت على الطاعة والحضور إلى الملك، ولكن حيث أنكم قد عاهدتم الآخرين، ثم قتلتموهم بعد أن اطمئنوا إلى عهدكم وامانكم، فإني الآن لا اثق بكم، وأن القلعة بحمد الله تعالى مشحونة بالذخائر والاسلحة ومليئة برجال الترك وشجعان الكرد[18]وضرب الحصار الشديد على ماردين وعلى كل فإن هولاكو استطاع خلال تلك الفترة أن يستولي على آمد وحران والرها وسروج وعدد كبير من مدن وحصون اقليم الجزيرة، ومن ثم قرر هولاكو إرجاء أمر ماردين ريثما يصفى حسابه مع الشام، فعبر الفرات على رأس قواته قاصداً حلب فاستولى عليها في المحرم من عام 658هـ /1259م وعاد الحصار من جديد واثناء الحصار توفي الملك السعيد بسبب وباء انتشر بين سكان القلعة فهلك أكثرهم فتولى الحكم ابنه الملك المظفر، وتمت مفاوضات بين الملك المظفر والمغول وتم الصلح مع المغول وكان هولاكو قد أرسل بكوهداي أحد كبار أمراء المغول إلى ماردين وأعلن كوهداي إسلامه على يد الملك المظفر وزوجه الأخير أخته وأعقب ذلك مسير الملك المظفر بنفسه إلى هولاكو في رمضان من السنة نفسها يحمل الهدايا إليه، فاجتمع به هولاكو وأكرمه، ثم قال له: بلغني أن أولاد صاحب الموصل هربوا إلى مصر، وأنا أعلم أن أصحابهم كانوا سبب ذلك،فاترك أصحابك الذين رافقوك عندي، فإني لا آمن أن يحرفوك عني، ويرغبوك في النزوح عن بلادك إلى مصر، وإذا ما دخلت البلاد فاصطحبهم معي[19]، فأجابه الملك المظفر إلى ذلك ثم قفل عائداً إلى بلاده وفي الطريق ارسل هولاكو في طلبه يأمره بالعودة إليه ثانية فعاد إليه يرتجف خوفاً، فلما اجتمع به قال له هولاكو: إن اصحابك أخبروني أن لك باطناً مع صاحب مصر، وقد رأيت أن يكون عندك من جهتي من يمنعك من التسلل إليهم، ثم عيّن لذلك أمير يدعى * أحمد بغا * وأعادهما إلى ماردين، بعد أن أضاف إلى الملك المظفر نصيبين والخابور، ومنطقة لا يستهان بها من ديار بكر ضمت إلى آمد وميافارقين، كما ألحق بإمارته بعض المدن التي سيطر عليها المغول في الجزيرة كقرقيسيا حيث ابقى المغول قوة لحفظ المعابر[20]، وفي الوقت نفسه أمر هولاكو الملك المظفر بهدم أبراج قلعة ماردين وما أن غادر الملك المظفر معسكر هولاكو حتى أقدم الأخير على ضرب رقاب اصحاب الملك السعيد، وكان عددهم سبعين رجلاً من كبار أمراء ماردين، ولم يكن لاي من هؤلاء ذنب يذكر، ولكن قصد بقتلهم أن يقص جناح الملك المظفر[21]. وغدت مدينة ماردين ولاية مغولية، ينفذ حكامها ما يأمرهم به قادة المغول، ويلتزمون بالخطوط العامة لسياستهم الخارجية وتحركاتهم العسكرية، ويقدمون لهم المال والإمدادات العسكرية ويضربون السكة باسمهم ويخطبون لهم وحقق المغول بإدخالهم إمارة ماردين وغيرها تحت سيطرتهم هدفهم المنشود وهو السيطرة على منطقة ديار بكر واتخاذها مركزاً لتنظيم الهجمات على الجهات الغربية من العالم الإسلامي[22].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] العلاقات الدولية في عصر الحروب الصليبية (2 ـ 47).
[2] المصدر نفسه (2 ـ 48).
[3] المصدر نفسه (2 ـ 48).
[4] العلاقات الدولية (2 ـ 50).
[5] الاغلاق الخطيرة لابن رشد، نقلاً عن العلاقات الدولية (2 ـ 51).
[6] العلاقات الدولية في عصر الحروب الصليبية (2 ـ 51).
[7] الاغلاق الخطيرة لابن رشد نقلاً عن العلاقات الدولية (2 ـ 52).
[8] الاغلاق الخطيرة (2 ـ 52).
[9] جهاد المماليك صـ 53.
[10] جامع التواريخ نقلاً عن جهاد المماليك صـ 75.
[11] جهاد المماليك صـ76.
[12] قصة التتار صـ178.
[13] جهاد المماليك صـ76.
[14] المصدر نفسه صـ76.
[15] المصدر نفسه صـ76.
[16] العلاقات الدولية (2/54).
[17] جامع التواريخ نقلاً عن جهاد المماليك صـ77.
[18] الاغلاق الخطيرة (3 ـ 566 ـ 568)، جهاد المماليك صـ 84.
[19] جهاد المماليك صـ 84.
[20] المصدر نفسه صـ 84.
[21] المصدر نفسه صـ84.
[22] المصدر نفسه صـ 87.
يتبع
[IMG]http://img137.imageshack.us/img137/913/w6w20060221105143ce8876fe3aa9j.gif[/IMG]
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق