إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 11 أبريل 2013

85 السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك


85

السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك

المبحث الثاني مقدمات معركة عين جالوت وسير أحداثها

من نتائج سقوط بلاد الشام في ايدي المغول

الخطوة الخامسة:

تحكيم الشريعة في أموال الحرب: كانت النفقات للإعداد كبيرة، من تجهيز الجيش، وإعداد التموين اللازم له، وإصلاح الجسور والقلاع والحصون، وإعداد العدة اللازمة للحرب، وتخزين ما يكفي للشعب في حال الحصار، وكانت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد طاحنة، وليس هناك وقت لخطة خمسية أو عشرية، والتتار على الأبواب وقد وصلوا غزة والدولة تحتاج للأموال، فجمع سيف الدين قطز مجلسه الاستشاري ودعا إليه إلى جانب الأمراء والقادة والعلماء والفقهاء وعلى رأسهم سلطان العلما الشيخ العز بن عبد السلام، وبدأوا يبحثون عن حل لتجهيز كتائب المسلمين، واقترح سيف الدين قطز، أن نفرض ضرائب لدعم الجيش[16]. إلا أن الشيخ العز بن عبد السلام تحفظ على هذا المقترج ولم يوافق عليه إلا بشرطين واصدر هذه الفتوى: إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كله قتالهم *  أي العالم الإسلامي * ، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهازهم * أي فوق الزكاة * ، بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء من السلاح والسروج والذهب والفضة والسيوف المحلاة بالذهب، وأن تبيعوا مالكم من ممتلكات والآلات * أي يبيع الحكام والأمراء والوزراء ما يمتلكون * ، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه وتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات فلا[17]. فقد بين الشيخ العز بن عبد السلام، بأنه لا يجوز فرض ضرائب إلا بعد أن يتساوى الوزراء والأمراء مع العامة في الممتلكات، ويجهز الجيش بأموال الأمراء والوزراء، فإن لم تكف هذه الأموال جاز هنا فرض الضرائب على الشعب بالقدر الذي يكفي بتجهيز الجيش ليس أكثر من ذلك[18]. لقد قبل سيف الدين قطز فتوى العز بن عبد السلام ببساطة وبدأ بنفسه وباع كل ما يملك وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك، فانصاع الجميع وامتثلوا أمره، فقد أحضر الأمراء كافة ما يملكون من مال وحلي نسائهم وأقسم كل واحد منهم أنه لا يملك شيئاً في الباطن، ولما جمعت هذه الأموال وضربت سكاً ونقداً وأنفقت في تجهيز الجيش، ولم تكف هذه الأموال نفقة الجيش، فقرر قطز على كل رأس من أهل مصر والقاهرة من كبير وصغير ديناراً واحداً، وأخذ من أجرة الأملاك شهراً واحداً، وأخذ من أغنياء الناس والتجار زكاة أموالهم معجلاً، وأخذ من الترك الأهلية ثلث المال، وأخذ من الغيطان والسواقي أجرة شهر واحد، وبلغ جملة ما جمعه من الأموال أكثر من ستمائة ألف دينار[19]. فجمع بذلك الأسلوب الفريد للمال الحلال الذي لا ظلم ولا عدوان فيه[20]. وكان هذا العمل الجليل من اسباب النصر في عين جالوت قال تعالى"إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" * محمد ، آية : 7 *  ونصر الله لا يكون إلا بتطبيق شرعه، والجيش المسلم الذي يبتعد عن شرع الله يكون بعيداً عن نصر الله عز وجل، إن ما قام به سيف الدين قطز في الاستمتاع لرأي الشيخ العز بن عبد السلام ثم تنفيذه ترتب عليه شحنة معنوية قوية شحذت همم الناس للجهاد وبذل الغالي والنفيس في سبيل الله، إذ يمكن القول أن تلك الفتوى التي أصدرها العز بن عبد السلام، في ذلك الوقت الذي كان الشرق الإسلامي بلا خلافة شرعية، أدت الدور نفسه الذي كانت الخلافة ستؤديه فيما لو كانت قائمة، إذ كانت فتواه تلك بمثابة سلطة روحية ساعدت المظفر في الحصول على استجابة عامة المسلمين بدفع ما قرر عليهم من أموال، مستشعرين بأن ذلك وأجب يفرضه عليهم دينهم الحنيف[21]، وكان الشيخ العز بن عبد السلام وعلماء مصر يحثون الناس في سبيل الله تعالى، ووعظ الأمراء والحكام وحرك قلوبهم فتنبه فيها الإيمان، فأخرجوا ما عندهم، ورأى الناس ذلك فتسابقوا إلى بذل الجود، وكثرت الأموال، فأعدوا العدة وجمعوا السلاح، وأقيمت معسكرات التدريب في كل مكان واهتزَّت البلدة بالهتاف والتكبير، وصار كل مسلم يشتهي الوصول إلى المعركة، وهذا درس مهم في أهمية التكامل بين أمراء المماليك والعلماء في مقاومة التتار[22].

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق