89
السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك
المبحث الثاني مقدمات معركة عين جالوت وسير أحداثها
من نتائج سقوط بلاد الشام في ايدي المغول
3 ـ قتل سفراء هولاكو
وكان أول إجراء قام به المظفر قطز ضد المغول هو إستدعاء رسل هولاكو واستقبالهم استقبالاً جافاً إيذاناً لإعلان الحرب عليهم، ومن ثم القبض عليهم وضرب عنق كل منهم أمام باب من أبواب القاهرة وتعليق رؤوسهم على باب زويلة وأبقى على صبي من الرسل وجعله من مماليكه، وكانت تلك الرؤوس أول ما علق على باب زويلة من المغول[32]. ويبدو أن قطز اعتبر الرسل محاربين وأنهم ليس لهم الحصانة الكافية لمنع قتلهم، حيث أن المغول قتلوا النساء والأطفال والشيوخ غير المقاتلين، وبأعداد لا تحصى في سمرقند وبخارى وبغداد وحلب ودمشق وغيرها من بلاد المسلمين، كما أن رسل التتار أغلظوا القول وأساؤوا الأدب وتكبروا عليه وكان الهدف من تعليق رؤوس المغول على أبواب القاهرة الرئيسية رفع معنويات الناس وإعلان الحرب على التتار وإعلامهم بأنهم قادمون على قوم يختلفون كثيراً عن الأقوام الذين قابلوهم من قبل، وهذا يؤثر سلباً على التتار فيلقي في قلوبهم ولو شيئاً من الرعب أو التردد، ويبقى الهدف الأكبر لقتل الرسل هو قطع التفكير في أي حل سلمي للقضية والاستعداد الكامل الجاد للجهاد، فبعد قتل رسل المغول لن يقبل التتار باستسلام مصر حتى لو قبل بذلك المسلمون، كان هذا هو إجتهاد قطز والأمراء في قتل رسل المغول، ولكن هذا يخالف الأصل في الإسلام، حيث أن الرسل لا تقتل، لا رسل المسلمين، ولا رسل الكفار، ولا حتى رسل المرتدين عن الإسلام[33]، فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، يقول عبد الله بن مسعود: جاء ابن النواحة وابن أشال رسولا مسيلمة إلى النبي صلى اله عليه وسلم فقال لهما: "أتشهدان أني رسول الله؟ قالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمنت بالله ورسوله، لو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما[34]، يعلق عبد الله بن مسعود على هذا الحديث فيقول: مضت السنة أن الرسل لا تقتل[35]. وهذا الحديث يدل على تحريم قتل الرسل الواصلين من الكفار، وإن تكلموا بكلمة الكفر في حضرة الإمام أو سائر المسلمين[36]. وما حدث من سيف الدين قطز، مخالف لأحكام الشريعة والكمال لله وحده.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] جهاد المماليك صـ 105.
[2] جهاد المماليك صـ 105،106.
[3] المصدر نفسه صـ 207.
[4] المصدر نفسه صـ 105.
[5] قصة التتار صـ 245.
[6] المصدر نفسه صـ 246.
[7] جهاد المماليك صـ248.
[8] قصة التتار صـ249.
[9] جهاد المماليك صـ106.
[10] قصة التتار صـ253.
[11] جهاد المماليك صـ106.
[12] قصة التتار صـ255.
[13] قصة التتار صـ258.
[14] السلوك (1 ـ 430)، جهاد المماليك صـ108.
[15] جهاد المماليك صـ109.
[16] قصة التتار صـ281.
[17] بداع الزهور (1 ـ 302)، جهاد المماليك صـ110.
[18] قصة التتار صـ283.
[19] بدائع الزهور (1 ـ 305)، جهاد المماليك صـ110.
[20] الأيوبيون بعد صلاح الدين صـ439 للصلابي.
[21] جهاد المماليك صـ110.
[22] المسلمون من التبعية والفتنة إلى القيادة والتمكين الدكتور عبد الحليم عويس صـ122 ـ 125.
[23] السوك للمقريزي(1/514،515) صيغة لاسم هولاكو.
[24] المصدر نفسه(1/515)، أبطال ومواقف صـ441.
[25] دراسات تاريخية عماد الدين خليل صـ84.
[26] سيف الدين قطز قاهر المغول، نور الدين خليل صـ112.
[27] المصدر نفسه صـ114.
[28] دراسات تاريخية صـ85.
[29] السلوك نقلاً عن جهاد المماليك صـ120.
[30] المصدر نفسه صـ120.
[31] المصدر نفسه صـ120.
[32] تاريخ الدولة المغولية في إيران صـ144، جهاد المماليك صـ120.
[33] قضة التتار صـ278.
[34] مسند أحمد، وسنن أبي داؤد، نقلاً عن قصة التتار صـ279.
[35] قصة التتار صـ279.
[36] نيل الأوطار للشوكاني نقلاً عن قصة التتار صـ279.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق