إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 11 أبريل 2013

105 السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك



105


السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك

خامساً مقتل سيف الدين قطز

 3 ـ نتائج مقتل قطز

انتقلت السلطة إلى القاتل قبل أن تجف دماء المقتول، دون أن يرى كبار أمراء المماليك غضاضة في ذلك، بل إن أتابك العسكر سأل عن القاتل وحينما علم أنه بيبرس قال له * يا خوند إجلس أنت في مرتبة السلطنة *  وكأن عرش الدولة مكافأة لمن تخلص من السلطان القتيل، وهكذا مرة أخرى ترسخ مبدأ * الحكم لمن غلب * [16]، ويبدو أن هناك إجماع من المماليك البحرية على زعامة ركن الدين بيبرس،

 وأما النتائج التي ترتبت على هذه المأساة هي:

أ ـ فكانت على الناحية السياسية تكريساً للقوة والدماء سبيلاً إلى السلطة والعرش وكانت تلك هي * سنة المماليك في دولتهم *  ولم يحدث طوال مائتي وسبعين عاماً، هي عمر دولة سلاطين المماليك أن وجدنا لهذه السنة تبديلا، لقد كانت المفاهيم السياسية للدولة المملوكية نتاجاً للظروف التاريخية التي خرجت هذه الدولة من رحمها إلى الوجود، ويمكن بلورة هذه المفاهيم السياسية في أن أمراء المماليك اعتقدوا منذ البداية أن عرش البلاد حق لهم جميعاً يفوز به أقواهم وأقدرهم على الإيقاع بالآخرين، وهو الأمر الذي ظهر واضحاً منذ بداية الدولة سواء في مصرع تورانشاه أو عز الدين أيبك وشجرة الدر، ثم تأكد فيما قام به بيبرس عندما اغتال قطز، كما تكرر في سلسلة انقلابات القصر ومؤامرات الحكم طوال سنوات حكم دولة سلاطين المماليك[17].

ب ـ مرحلة جديدة في تاريخ المماليك:وأما النتيجة الثانية الهامة، فتتمثل في الحقيقة التاريخية القائلة بأن صعود بيبرس على عرش سلطنة المماليك كان بداية مرحلة مهمة في تاريخ الدولة الناشئة جعلت من هذا الأمير الداهية، بقسوته وجبروته وحنكته السياسية وبراعته العسكرية، المؤسس الحقيقي لهذه الدولة* بفضل الله * ، ثم انجازاته السياسية والإدارية والعسكرية، فقد كانت السنوات العشر السابقة، مرحلة سيولة سياسية حكم خلالها خمسة من السلاطين، ثم اغتيال ثلاثة منهم، ونجا الاثنان الآخران بسبب صغر سنهما وانعدام خطورتهما، ولكن بيبرس استمر يحكم سبعة عشر عاماً، ومن ناحية أخرى، كانت دولة سلاطين المماليك في السنوات العشر الأولى من عمرها، تفتقر إلى الشرعية وتبحث عن الأمن في مواجهة تهديدات الأيوبيين وجاء إحياء الخلافة العباسية بالقاهرة بمثابة الحل السعيد، لمشكلة الشرعية، على حين كانت معركة عين جالوت هي الحل ـ النافع ـ  لمشكلة الأمن وتهديدات الأيوبيين[18].

ج ـ زيادة الاعتماد على المماليك: وكانت النتيجة الثالثة لاغتيال قطز في ازدياد اعتماد أمراء المماليك على مماليكهم بحيث يكونون عدتهم في الصراع الذي يمكن أن يحدث في أي وقت، فقد كان الأمراء الكبار وولاة الأقاليم يمتلكون جيوشاً صغيرة من المماليك تتراوح أعدادها ما بين ثلاثمائة، وستمائة مملوك، وربما زادت الأعداد لتصل إلى ثمانمائة مملوك واما السلاطين يهتمون بشراء أكبر عدد ممكن منهم، وبعد عصر بيبرس كان من الممكن أن تصل مشتريات السلطان من المماليك إلى ثمانمائة مملوك بخلاف المماليك الذين ينتقلون إلى خدمته وراثة عن السلطان السابق أو من مماليك كبار الأمراء الذين يتركون الخدمة بالوفاء وغيرها[19]، وهكذا تكرست الطائفية يبين العناصر المملوكية بالشكل الذي ترك آثاره السلبية على البناء السياسي لدولتهم على المدى الطويل، وربما كانت بذرة هذه الطائفية العسكرية الخطرة قد بذرت في حوادث الاغتيال الأولى التي شهدتها الدولة ومنها بطبيعة الحال حادث اغتيال السلطان سيف الدين قطز[20].

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق