115
السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك
سادساً أسباب إنتصار المسلمين في عين جالوت
7 ـ بعد نظر سيف الدين قطز وسياسته الحكيمة
شعر قطز قبل أن يستلم السلطنة بالخطر على دولة المماليك وبخاصة من قبل المغول الذين دخلوا البلاد واكثروا فيها القتل والعذاب، ولابد له إزاء هذا الخطر أن يتخذ عدة إجراءات سياسية تضمن له النصر على اعدائه الذين لم يلبثوا إلا أياماً معدودات أو شهور حتى يتوجه الجيش المغولي إلى أراضي الشام ومصر، وبدأ التفكك الداخلي واضحاً عند استلام المماليك الاتراك، إذ حكمت إمرأة ولم يوافق الخليفة في بغداد على سلطنتها، وتزوجت فيما بعد من عزالدين أيبك لتحصل على الاعتراف الخليفتي، واحتدم الصراع بينها وبين زوجها أدى إلى قتلهما، واستلم الحكم علي بن أيبك وهو غير قادر على إدارة الحكم لصغر سنه، ولما كان قطز هو نائب السلطان والوصي على الصبي وهو يعلم أنه قادم على معركة فاصلة، أراد لكي تتاح الحرية السياسية والتصرف بالامور العسكرية والسياسية، أن يتخلص من السلطان الصغير، فاستلم الحكم وهذا إجراء سياسي داخلي، اتخذه هذا السلطان بعد أن استلم البلاد وهو مهم بالنسبة للمعركة القادمة، فقد هرب بعض أمراء المماليك البحرية إلى الملك المغيث صاحب الكرك لما رأو أنهم لا يستطيعون أن يؤثرون على المسيرة التي انتهجها قطز لاصلاح البلاد وتحضيرها، هربوا لكي يجدوا الحليف ضد هذا القائد، وحاولوا القتال وزحفوا نحو مصر في سنة 655هـ /1257م، لكن قطز تصدى لهذه المؤامرة وتغلب على الأمراء وأوقع فيهم القتل وردهم على أعقابهم[74]، ولم يمكنهم أبداً من العبث بأمن الدولة وقدرتها وتصديها للعدو المرتقب، المغولي، وظل صامداً يتابع توجيه السياسة وأصلاح البلاد وتخليصها من الفتن والاضطرابات وتوحيد جبهتها الداخلية، حتى إذا اقتربت معركة عين جالوت وإزداد الخطر رأى أنه من المناسب إعادة الصف بينه وبين الامراء الهاربين الذين حاربوه لتجتمع الكلمة وليستفيد من خبرتهم في الحروب وفي قيادة الجيوش[75]، وهكذا كان الإجماع الداخلي على التصدي للعدو المغولي وتوج هذا الإجماع بقرار مجلس الحرب وبحضور جميع الساسة في البلاد، وتحققت الوحدة الداخلية[76]، وبعد ذلك إهتم بالوضع السياسي الخارجي وعمل على تحييد الصليبيين وعقد معاقدة صلح معهم وإستفاد من المرور بأراضيهم، ولم يقاتل على جبهتين، وقابل المغول في عين جالوت وانتصر عليهم، وإستمرت الأعمال السياسية والإدارية بعد المعركة، فقد أرسل قطز رسلاً إلى بعض الدول يخبرهم فيها عن إنتصاره، كما أعلن ذلك على الشعب في مصر والشام وبذلك ثبت دعائم الأمن والاستقرار السياسي، كما نظم البلاد من الناحية الإدارية، وعين النواب وبسط نفوذه على كل البلاد التي كان يحتلها المغول في الشام[77]. وهذا دليل على بعد نظره وحنكته السياسية.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق