إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

59 السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك


59

السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك

ثانياً سلطنة عز الدين آيبك

 6 ـ خطر زملائه المماليك ومقتل الفارس أقطاي

ومن العوائق التي هددت حكم أيبك ودولته الناشئة، خطر زملائه المماليك البحرية وزعيمهم فارس الدين أقطاي وكان أيبك يتوجس خيفة من هذه الطائفة لعلمه بقوتها وخطرها، ومن ثم أخذ يعمل على تقوية نفسه، فأنشأ فرقة من المماليك عرفوا بالمعزية نسبة إلى لقبه"الملك المعز" كما عين مملوكه قطز المعزى نائباً للسلطنة بمصر، ثم لم يلبث أن أخرج المماليك البحرية من ثكناتهم بجزيرة الروضة، وعزل الملك الأيوبي الطفل موسى شريكه في الحكم، وانفرد بالسلطنة[47]، على أن هذه الإجراءات كلها لم تكن إلا مجرد احتياطات شكلية لم تقلل من خطر أقطاي وزملائه البحرية، ويجمع المؤرخون على أن أقطاي وصل إلى قمة المجد خصوصاً بعد تغلبه على ثورة العرب، وأصبح لا يظهر في مكان إلا حوله حرس عظيم من الفرسان المسلحين كأنه ملك متوج، وكانت نفسه ترى أن ملك مصر لا شيء عنده وكان كثيراً ما يذكر الملك المعز في مجلسه ويستنقصه ولا يسميه إلا أيبكاً، وقد بلغ ذلك المعز فكان يغضى عنه لكثرة خشداشيته البحرية[48]، وتلقي المصادر التاريخية الضوء على القوة التي كان يمارسها ويتمتع بها أقطاي، فالمقريزي يقول عنه: واجتمع الكل على باب الأمير فارس الدين أقطاي، وقد استولى على الأمور كلها، وبقيت الكتب إنما ترد من الملك الناصر وغيره إليه، ولا يقدر أحد يفتح كتاباً ولا يتكلم بشيء، ولا يبرم أمراً إلا بحضور أقطاي.

لكثرة خشداشيته[49]، وابن تغري بردي يقول عنه: فإنه كان أمره قد زاد في العظمة والتفت عليه المماليك البحرية وصار أقطاي المذكور يركب بالشاويش وغيره من شعار الملك وحدثثه نفسه بالملك وكان أصحابه يسمونه الملك الجواد[50]، فيما بينهم وعملوا على تزويجه من أحد أميرات البيت الأيوبي، وهي ابنة الملك المظفر تقي الدين محمود ملك حماة، بل إنهم تآمروا على قتل أيبك ليخلو الجو لأقطاي[51]، قال الذهبي عنه: فعظم، وصار نائب المملكة للمعز وكان بطلاً شجاعاً جواداً، مليح الشكل، كثير التحمل، أبيع بألف دينار، وأقطع من جمله إقطاعه الإسكندرية، وكان طائشاً ظلوماً عمّالا على السلطنة، بقي، يركب في دست الملك، ولا يلتفت على المعز، ويأخذ ما شاء من الخزائن، بحيث إنه قال: اخلوا لي القلعة حتى أعمل عُرس بنت صاحب حماة بها[52]، وفهم منها المعز أنه مستهدف لإزالته من الحكم فقرّر التخلص منه، واتفق مع مماليكه على ذلك وأرسل إلى أقطاي يستدعيه موهماً له أنه يستشيره في مهمات من الأمور، وأكمن له كميناً من مماليكه وراء باب قاعة الأعمدة بالقلعة وقرر معهم أنه إذا مَرَّ مجتازاً بالدهليز يبتدرونه بسرعة، فلما وردته إلى أقطاي رسالة المعز بادر بالركوب في نفر يسير من مماليكه من غير أن يعلم أحد من خشداشيته[53]، لثقته بتمكن حرمته وطلع القلعة آمناً ولم يدر بما كان له كامناً فلما وصل إلى باب القلعة مُنع مماليكه من الدخول معه، ووثب عليه المماليك المعزَّية فأذاقوه كأس المنية[54] وكان قتله يوم الاثنين حادي عشرين من شعبان وامر المعز بغلق باب القعلة، فركبت مماليكه وحاشيته وكانوا سبعمائة فارس ومعهم جماعة من البحرية وقصدوا قلعة الجبل، بناءً على أن المعز قُبض عليه فبينما هم كذلك أرمي لهم برأسه من فوق السور فالتفت بعضهم إلى بعض وقالوا على من تقاتلوا فتفرقوا جميعهم، ولما شاع الخبر بقتله، أجمعوا البحرية على الخروج إلى الشام، وكان من أعيانهم يومئذ ركن الدين بيبرس البندقدار ي، وقلاون الألفي، وسنقر الأسثقر، وبَيْسري، وسِكر، وبرامق[55]، فشمروا ويلاً وخرجوا ليلاً فوجدوا باب المدينة الذي قصدوا الخروج منه مغلقاً، فأضرموا فيه النار، وهو الباب المعروف بباب القارطين فأحرقوه، وخرجوا منه نحو الشام، فسمي من يومئذ الباب المحروق[56]، وقصد البحرية الملك الناصر صاحب الشام ليكونوا عنده ولما أصبح المعز، بلغه هروبهم من المدينة فأمر بالحوطة على أملاكهم وأموالهم ونسوانهم وغلمانهم واتباعهم، وإسبتصفيت أموالهم وذخائرهم وشؤنهم وخزائنهم، واستتر من تأخر منهم، وحمل من موجود الأمير فارس أقطاي الجمال المستكثرة من الأموال ونودي على البحرية في الأسواق والشوارع، وتمكن الملك المعز من المملكة وارتجع ثغر الاسكندرية إلى الخاص السلطاني، وأبطل ما قرره من الجبايات وأعفى الرعية من المصادرات والمطالبات وأما البحريةّ، فإنهم وفدوا على الملك الناصر، فأحسن إليهم، وأقبل عليهم وأعطى كلاً منهم إقطاعاً يلائمه، ثم عزم على قصد الديار المصرية، فجرد عسكراً صحبة البحرية فساروا ونزلوا الغور واتخذوا العوجاء منزلا، وبلغ المعزّ مسيرهم إليه واتفاقهم عليه، فبرز بالعساكر المصرية ومعه جماعة ممن حضر إليه من العزيزية، فنزل الباردة بالقرب من العباسية وانقضت هذه السنة وهو مخيم بها[57]، وفي هذه السنة وصل الشريف المرتضى من الروم ومعه بنت السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسروا صاحب الروم وكان الناصر قد خطبها لنفسه، فزفت إليه بدمشق، ودخل بها واحتفل بها احتفالا كبيراً[58].

وتدخل الخليفة العباسي من جديد بين الأيوبيين والمماليك ووصل نجم الدين البادرائي لتوسط بين الطرفين ونجح في تجديد معاهدة الصلح على أن:

ـ يستعيد المعز أيبك ساحل بلاد الشام.

ـ ألا يأوي الناصر يوسف أحداً من المماليك البحرية.

يتبع

  [IMG]http://img137.imageshack.us/img137/913/w6w20060221105143ce8876fe3aa9j.gif[/IMG]

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق