57
السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك
ثانياً سلطنة عز الدين آيبك
4 ـ الخليفة العباسي وسعيه في الصلح
الواقع أنه لم يقدر للعداء بين الأيوبيين والمماليك أن يستمر في هذه الآونة وذلك بسبب ظهور خطر جديد هدد المسلمين جميعاً في الشرق الأدني وتطلب منهم أن يتحدوا وهو ظهور المغولي الذين اكتسحوا العراق ووصلت طلائعهم قرب بغداد، ولم يبق من قوة في العالم الإسلامي يمكن أن تدعم الخليفة سوى الشام ومصر، فأعاد الخليفة تسيير رسوله نجم الدين البادرائي لإعادة الصلح وتثبيته بين الناصر يوسف والمعز آيبك[29]، وتمكن رسول الخليفة من عقد صلح بينهما تقرر فيه:
ـ إعتراف الناصر يوسف بسلطة آيبك، وبسيادة المماليك على مصر وبلاد الشام حتى نهر الأردن على أن تدخل مدن غزة وبيت المقدس ونابلس والساحل الفلسطيني كله في حوزته.
ـ إعتراف المماليك بسيادة الأيوبيين على بقية بلاد الشام والواضح أن موجة الرعب التي أثارها المغول أثناء زحفهم من جوف آسيا بإتجاه العالم الإسلامي، وأخبار وحشيتهم جعلت الطرفين يستجيبان بسهولة لدعوة الخليفة، وكان المعز آيبك قد استغل إنتصاره على الناصر يوسف، وإزدياد خطر المغول وتهديدهم لبلاد الشام ومصر، فتخلص من شريكه في الحكم، وهو الأشرف موسى، فحذف إسمه من الخطبة، وقبض عليه، وسجنه في قلعة الجبل وذلك في عام 650هـ/1252م، واستقل بالسلطنة[30]. ومهما يكن من شيء فقد إتضح للملك الفرنسي واللاتيني أنه بوسع المسلمين في مصر والشام إذا إتحدت جهودهم، واتفقت كلمتهم، أن يدفعوا عنهم خطر الجماعات الصليبية وأن يعملوا على مضايقتها بشتى الوسائل، وكان الصلح التي تم بين الناصر والمعز آيبك في صفر 651هـ/أبريل 1253م بمثابة ضربة وجهت إلى قلب القوى الصليبية وإلى لويس التاسع نفسه، إذ أنه أتاح الفرصة للناصر يوسف بعد أن فرغ من جميع ما يشغل باله، لتلقين الفرنج درساً قاسياً[31]، وكان من الطبيعي أن يبدأ الصدام بين قوات كل من الناصر يوسف ولويس التاسع، بعد أن كشف الأخير عن نياته واتخذ من أمراء مصر حلفاء له ضد خصومهم في الشام وساعد على ذلك أيضاً أن قوات صاحب حلب كانت ترابط قبالة غزة على مقربة من المعسكر الصليبي يافا، ومع أن هذا الصدام لم يكن فيه معركة حاسمة، إلا أنه كان مقدمة أو بداية لسلسلة من الهجمات الشديدة التي ستكيلها القوات الناصرية للصليبيين وولاياتهم بعد إقرار الصلح بينها وبين مصر[32]. لقد فشل لويس التاسع في الاستفادة من الإنشقاق الذي حدث بين الشام ومصر إلا أنه اضطر أخيراً العودة إلى فرنسا، فغادر فلسطين في ربيع الأول سنة 652هـ/24 نيسان 1254م مجروحاً في كرامته وعزته وكبريائه بعد هزيمته في مصر، وكان ذلك إيذاناً بإضمحلال الروح الفرنجية العسكرية وموتها فيما بعد في وقت كانت تكابد فيه طور النزع الأخير[33].
يتبع
[IMG]http://img137.imageshack.us/img137/913/w6w20060221105143ce8876fe3aa9j.gif[/IMG]
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق