إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

31 السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك


31

السّلطان سيْف الدّين قطز ومَعْركة عَيْن جالوت في عهد المماليك

رابعاً أسباب سقوط الدولة الأيوبية

أسباب سقوط الدولة الأيوبية

إن أسباب سقوط الدولة الأيوبية كثيرة جامعها هو الابتعاد عن تحكيم شرع الله في أمور الحكم وغيرها، فقد وقع الظلم على الأفراد وتورط بعض السلاطين في الترف وحدث بينهم نزاع عظيم سفكت فيه الدماء وأدى ذلك إلى زوالهم، فعندما يغيب شرع الله في أمور الحكم ـ كما حدث في الدولة الأيوبية بعد وفاة صلاح الدين ـ يجلب للأفراد والدولة تعاسة وضنكاً في الدنيا وأن آثار الابتعاد عن شرع الله لتبدو على الحياة في وجهتها الدينية والاجتماعية والسياسية، والاقتصادية، وأن الفتن تظل تتوالى تترى على الناس حتى تمس جميع شئون حياتهم[1]، قال تعالى : "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" * النور ، آية : 63 * . لقد كان في إبتعاد سلاطين الأيوبيين بعد وفاة صلاح الدين عن تحكيم الشرع في نزاعاتهم وخلافاتهم آثار على أفراد البيت الأيوبي والدولة، فقد أصيبوا بالقلق والجزع والخوف، والشقاق والخلاف ونزع منهم الأمن وأصبحوا في الضنك من الحياة، إن هلاك الأمم وسقوط الدول وزوال الحضارات لا يحدث عبثاً في حركة التاريخ، بل نتيجة لممارسة هذه الأسرة الحاكمة أو الدولة، أو الأمة الظلم والانحراف وبعد أن يعطوا الفرصة الكافية حتى تحق عليهم الكلمة، فيدفعوا ثمن إنحرافهم، وإجرامهم وطغيانهم وفسقهم والآيات صريحة في ذلك، فالله إذا أنعم على دولة نعمة أياً كانت فهو لا يسلبها حتى يكفر بها أصحابها[2]، قال تعالى: "ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم" * الأنفال ، آية : 53 * ، والآيات في هذا كثيرة سواء ما يخص الفرد أو الأمة، بل أن القرآن الكريم ليذكر أن بعض ما يصيب الأمم والأفراد من استدراج حين يمهلهم الله تعالى وتواتيهم الدنيا، وتفتح عليها خيراتها فينسوا مهمتهم وما خلقوا له، بل ينسون المنعم جل جلاله وينسون ما عندهم لجهدهم وذكائهم، وقد يفلسفون الأمر فيقولون: لو لم تكن نستحق هذه النعم لما منحت لنا، وفي هؤلاء يقول الله تعالى: "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا لهم ابواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين" *  الأنعام ، آية : 44 ـ 45 * ، لقد نسى هؤلاء أن الله يمنح خيرات الدنيا لمن يطلبها ويجد فيها، قال تعالى: "ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها" * آل عمران ، آية : 45 * . ولكن هناك من يريد الآخرة بحق ويسعى لذلك فهو الفائز "من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموماً مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * وكلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا" * الإسراء ، آيات : 18 ـ 20 * . وقال تعالى: "وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون * ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون" * النحل ، آية : 112 ـ 113 * . ولنستمع لهذه الدعوة الكريمة "ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين" * هود ، آية : 52 * . وهناك آيات كثيرة تحاول قطع الطريق على بعض المتفلسفين من أهل الكتاب "ي أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير" * المائدة ، آية : 19 *  ، فكل إنسان وكل مجتمع وكل أمة مسئولة عما يصدر عنها، ولا يتحمل أحد جريرة غيره "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون" * البقرة ، آية : 134 * . المهم أن الله تعالى لا يحجب نعمة عن أحد، بل يوزعها على المؤمن والكافر، ثم يراقب تصرف الكل فيها، فمن طغى وظلم، ومن كفر بها واستعملها استعمالاً سيئاً فإن العقاب العادل سينزل به في الوقت المناسب، وقد يطول ذلك العهد قبل نزول العقاب ولكنه يكون في الطريق، وبعد هذا وذلك فإنه "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" * البقرة ، آية : 286 * ، ومثل هذا في الأمم والمجتمعات وعلى مستوى الأفراد فإن الله خلق النصوص ملهماً إياها طريق الخير والشر، يقول تعالى: "ونفسٍ وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها" * الشمس ، آيات : 7 ـ 10 * . وقال "وهديناه النجدين" * البلد ، آية : 10 * ، ومن الملاحظ في دراسة أسباب سقوط الدول والحضارات بأنها لا تسقط بسبب واحد كما لا تقوم بسبب واحد، بل بتجمع عدة أسباب لقيامها، وعدة أسباب لتدهورها وسقوطها، بعضها يعمل ببطء، بينما يعمل البعض بسرعة أكبر، ولا تسقط الدولة والحضارة بضربة واحدة، بل بتضافر جملة من العوامل[3]، وهذا ما حدث للدولة الأيوبية التي زالت من الوجود في مصر عام 648هـ

يتبع

  [IMG]http://img137.imageshack.us/img137/913/w6w20060221105143ce8876fe3aa9j.gif[/IMG]

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق