1187
قصة الحضارة ( ول ديورانت )
قصة الحضارة -> الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر -> نمو المعرفة -> العلماء
3- العلماء
كان المزاج العلمي لا يكاد يشبع بين جهابذة العلماء أكثر مما يشيع بين عامة الناس. وكانت روح العصر تميل إلى "الإنسانيات" بل إن حركة إحياء الدراسات الإغريقية تجاهلت علم الإغريق. وفي مجال الرياضيات وقفت الأرقام الرومانية حجر عثرة في سبيل التقدم، وبدا أنها لا تنفصل عن الثقافة اللاتينية ثم إن الأرقام الهندية العربية ظهرت وكأنها بدعة إسلامية وقوبلت بعدم اكتراث وبخاصة شمال الألب. وقد استخدم ديوان القرن الثامن عشر. ومع ذلك فإن توماس برادواردين الذي مات بوباء الطاعون عام 1349 بعد مرور شهر من تكريسه كبيراً لأساقفة كنتر بري- أدخل إلى انجلترا عدة نظريات عربية في حساب المثلثات وكان تلميذه رتشارد والنجفورد رئيس دير سانت ألبان عالماً رائداً من علماء الرياضيات في القرن الرابع عشر، وكتابه"الجزء الرابع من شرح الجيب" أول مؤلف كبير في
حساب المثلثات في أوربا الغربية، وقد مات بالجذام في الثالثة والأربعين وهو يأسف على الوقت الذي اختلسه من اللاهوت للعلم.
وكان نيكول أريزم من أنشط رجال الدين ومع ذلك فإنه اقتحم بنجاح مجال أثنى عشر علما ومهد الطريق إلى الهندسة التحليلية بتطوير الاستخدام المنهجي للإحداثيات وباستعمال الخطوط البيانية لإيضاح زيادة الدالة. وقد لعب بفكرة البعد الرابع ولكنه نبذها. وهو مثل الكثيرين من معاصريه أشار إلى قانون جاليليو الذي يقول إن سرعة الجسم الساقط تتزايد بانتظام طوال الفترة التي يستغرقها في سقوطه، وفي تعليق على كتاب أرسطو، كتب يقول: إننا لا نستطيع أن نثبت بأي تجربة أن السماء تتعرض لحركة يومية وأن الأرض لا تتعرض لها فثمة أسباب وجيهة تدل على أن الأرض وليست السماء تتعرض لحركة يومية. وقد لجأ أورزم إلى النظام البطليموسي وإن كان قد أعان على الإعداد لنظرية كوبرنيكوس.
وعندما نذكر أنه في ذلك الوقت لم يكن يوجد منظار مقرب ولا آلة تصوير ليرصد المرء بهما السماء أو يسجل ما يحدث فيها فإنه من الأمور المشجعة أن نسجل مقدرة وذكاء الفلكيين من المسلمين واليهود والمسيحيين في العصور الوسطى. وقد وصف جان دي لينيه، بعد سنوات من مشاهداته الشخصية، أوضاع ثمان وأربعين نجماً بدقة لا يضارعه فيها سوى المسلمين وحسب ميل دائرة البروج في حدود سبع ثوان عن أحدث تقدير. وعرض جان دي مير وفيرين دي بوفال (1344) إصلاح التقويم اليولياني الذي كان يسبق الشمس- بحذف اليوم التاسع والعشرين من فبراير كل أربعة أعوام خلال الأربعين سنة التالية (التي كان يمكن أن تخطئ بالزيادة). وقدر لهذا الإصلاح أن ينتظر حتى عام 1582 ولا يزال في انتظار تفاهم دولي وإخلاص متبادل.
ولقد خلص ويليام ميرل علم الرصيد الجوي من علم الفلك بتسجيل الطقس خلال 2556 يوماً. واكتشف راصدون وملاحون مجهولون خلال القرن الخامس عشر انحراف الإبرة المغناطيسية: فهي لا تشير إلى الشمال تماماً بل تميل نحو الزوال الفلكي بزاوية صغيرة وإن كانت مهمة وهي كما لاحظ كولمبس تختلف من مكان إلى مكان. وأعظم شخصية بين علماء الرياضيات والفلك في هذا العهد جوهان مولر المعروف في لتاريخ باسم زجيو مونتاس منذ مولده عام 1439 قرب كنيجربرج في فرانكونيا السفلى. وقد التحق في الرابعة عشر بجامعة فيينا حيث كان جورج فون بورباخ يقدم الإنسانيات وآخر ما وصل إليه الإيطاليون في الرياضة والفلك وكلا الرجلين بلغ سن النضوج مبكراً ومات في سن غضة: فقد مات بورباخ في الثامنة والثلاثين ومولر في الأربعين. وصمم مولر على أن يتعلم اليونانية لكي يقرأ كتاب:"المجسطي" في الفلك لبطليموس بلغته الأصلية فذهب إلى إيطاليا ودرس اليونانية على يد جوارينو دي فيرونا والتهم كل النصوص التي وقعت في يده سواء كانت باليونانية أو باللاتينية عن الفلك والرياضيات ثم عاد إلى فيينا وهناك قام بتدريس هذه العلوم بنجاح حتى لقد استدعاه ماتياس كورفينوس إلى بودا ثم انطلق إلى نورمبرج حيث بنى له أحد أغنياء الطبقة المتوسطة أول مرصد أوربي وجهزه مولر بآلات أقامها أو حسنها بنفسه. وإنا لنحس بنسيم العلم النقي في خطاب كتبه إلى زميل له من علماء الرياضة عام 1464:"لست أدري متى يتوقف قلمي. إنه سوف يستهلك كل أوراقي إذا لم أتوقف عن الكتابة. إن المسائل تخطر لي واحدة إثر الأخرى وكثير منها جميل بحيث أتردد أيها أضع بين يديك". وفي سنة 1475 استدعاه سكستوس الرابع إلى روما لإصلاح التقويم وهناك مات رجيو مونتانوس بعد عام.
وقد حدت حياته القصيرة من منجزاته. ووضع تخطيطا لمؤلفات في الرياضيات والطبيعة والتنجيم والفلك، وكان يأمل أن يشرف على نشر القديم
من تلك العلوم. ولم تجد طرقها للوجود والبقاء إلا شذرات من هذه الأعمال وقد أكمل خلاصة"المجسطية" لبورباخ وألف مقالاً بعنوان "في المثلثات" De triangulis، وهو أول كتاب خصص لحساب المثلثات وحده. ويبدو أنه كان أول من رأى استخدام المماسات في الحسابات الفلكية وسهلت جداوله عن جيوب الزوايا وظلالها الحسابات الفلكية لكوبر نيكوس. ووضع جداول فلكية تمتاز بدقة لا نظير لها في الجداول التي وضعت من قبل. وأثبتت طريقته في حساب درجات الطول والعرض أنها نعمة وبركة للملاحين.
وأصدر عام 1474 تقويماً بعنوان:"اليوميات" Ephemerides أوضح فيه الوضع اليومي للكواكب السيارة خلال الأعوام الاثنتين والثلاثين القادمة ومن هذا الكتاب تنبأ كولمبس بخسوف القمر الذي سيملأ بطون رجاله الجياع في اليوم التاسع والعشرين من شهر فبراير عام 1504.
وقد وضعت الملاحظات التي أبداها رجيومونتانوس، عن مذنب هالي أسس علم الفلك الحديث الخاص بالمذنبات. ولكن تأثيره الشخصي في حياته كان أعظم من تأثير كتبه فقد ساعت محاضراته المشهورة على إحداث إشراقة ذهنية في نورمبرج في شباب دورر وإليه يرجع الفضل في شهرة المدينة بآلاتها وخرائطها الملاحية. ولقد رسم أحد تلاميذه، مارتن بهايم بالألوان على الرق أقدم كرة أرضية معروفة عام 1492 وهي لا تزال محفوظة في المتحف الألماني لنورمبرج.
ولا تدين الجغرافي الحديثة بوجودها للمتخصصين في هذا العلم بقدر ما تدين للبحارة والتجار والمبشرين والمبعوثين والجنود والحجاج. وقد استخدم ربابنة السفن الأسبان من قطالونيا خرائط ممتازة وكان دليل الربان لمواني البحر الأبيض المتوسط الذي كانوا يستخدمونه في القرن الرابع عشر لا يقل دقة عن خرائط الملاحة في عصرنا. ولما كانت الطرق التجارية للشرق قد
سقطت في أيدي الترك فقد طور المستوردون الأوربيون طرقاً برية جديدة تخترق أراضي المغول وبعد أن قضى أوديريك أف بوردنون الراهب الفرنشيسكاني ثلاث سنوات في بكين (1323-1326م) كتب تقريراً إيضاحياً عن رحلته إلى الصين عبر الهند وسومطره وعن رحلة عودته عبر التبت وإيران. وروى كلافيجو-كما سنرى-قصة خلابة عن بعثته إلى تيمور. وأما جوهان شنيتبرجر البافاري الذي أسره الأتراك في نيكوبوليس عام 1396 فقد قام بجولة استغرقت ثلاثين عاماً في تركيا وأرمينيا وجورجيا وروسيا وسيبيريا وكتب في مؤلفه"كتاب النهضة" Reisebuch أول وصف لسيبيريا لكاتب من غرب أوربا. وفي سنة 1500 نشر جوان دي لاكوزا أحد ربابنة سفن كولمبس خريطة متسعة للعالم توضع لأول مرة بالرسوم الجغرافية استكشافات سيده وفاسكودي جاما وآخرين. كانت الجغرافية دراما متحركة في القرن الخامس عشر ومن أعظم الرسائل أثراً في الجغرافية بصفة خاصة "صورة العالم" che Imago mundi (1410) للكارينال بييردايلي وهي التي شجعت كولمبس على القيام برحلته بوصفها المحيط الأطلسي بأنه يمكن عبوره في بضعة أيام إذا كانت الريح مواتية. وكان هذا الكتاب واحداً من ست مؤلفات كتبها هذا القسيس المجتهد في الفلك والجغرافية والأرصاد الجوية والرياضيات والمنطق وما وراء الطبيعة وعلم النفس وإصلاح التقويم والكنيسة، وعند ما وجه إليه اللوم لتخصيصه وقتاً طويلاً كهذا للدراسات الدنيوية أجاب بأن على رجل الدين أن يطلع دائماً على العلم بل إنه كان يرى أن في التنجيم شيئاً من العلم وعلى أسس من التنجيم تنبأ بأن المسيحية سوف تتعرض لتغيير كبير في خلال مائة عام كما تنبأ بأحداث تهز العالم في عام 1789.
وخير فكرة في القرن الرابع عشر كانت في علم الطبيعة ويرجع الفضل إلى دبتريش أوف فرايبورج في أنه قدم لنا بالذات تفسيرنا الحديث
لقوس قزح وأنه يتكون نتيجة انكسارين وانعكاس واحد لأشعة الشمس من قطرات الماء.. ولجان بوريدان مؤلف رائع في الطبيعة النظرية ومما يؤسف له أنه اشتهر بفضل حماره فحسب ولعله لم يكن صاحبه . وقد ولد بورديان قرب آراس قبل عام 1300 وتلقى علومه ثم درس في جامعة باريس. وهو لم يعلل دوران الأرض اليومي حول الشمس فحسب بل إنه أسقط من علم الفلك المعارف الملائكية التي نسب إليها أرسطو وأوكونياس مسار الأجرام السماوية وحركاتها وقال بورديان :"لا حاجة بنا بعد اليوم إلى تفسير حركاتها أكثر من أنها بدأت تتحرك أصلاً بإذن الله وبقانون قوة الدفع- أن أي جسم يتحرك يستمر في الحركة ما لم تمنعه قوة موجودة". وهنا كان لبورديان فضل السبق على جاليلو وديكارت ونيوتن. واستطرد قائلاً إن حركة النجوم تحكمها نفس القوانين الآلية التي تتحكم في الأرض. وهذه الآراء التي تعد الآن رثة بالية كان لها أثر عظيم في هدم آراء الناس في العصور الوسطى. وهي تكاد تؤرخ لبداية الطبيعة الفلكية.
ونقل تلاميذ بوريدان آراءه إلى ألمانيا وإيطاليا وتأثر بها ليوراند وكوبرنيكوس وبرنو وجاليلو ثم حملها ألبرت أمير ساكسونيا إلى الجامعة التي أنشأها في فيينا عام 1364 ونقلها مارسيليوس فون انجهن إلى الجامعة التي أسسها في هيدلبرج عام 1386 وكان ألبرت أول من نبذ رأي أرسطو القائل أن الفراغ مستحيل، وطور فكرة وجود مركز الجاذبية في
كل جسم وسبق مبادئ جاليلو عن التوازن في حالة السكون والعجلة المنتظمة للأجسام الساقطة وتمسك بأن تعرية الجبال بسبب الماء وارتفاع الأرض التدريجي أو بعوامل بركانية تعد قوى معوضة في الجيولوجيا_ وهي فكرة خلبت لب ليوراندو.
وأحرز علم الميكانيكا العملية بعض التقدم المتواضع واستخدمت الطواحين الهوائية المعقدة لضخ الماء وصرفه من الأرض وطحن الغلال وللقيام بأعمال يومية أخرى. واستخدمت القوة المائية في الصهر والنشر وفي تشغيل منفاخ الفرن والمطرقة الميكانيكية وآلات غزل الحرير وكان المدفع يسبك ويثقب وكان الصلب يصنع بكميات كبيرة الحجم وأقيمت أفران الصهر العالية في أوربا الشمالية إبان القرن الرابع عشر ونذكر الثاقب الجيد في سنة 1373 وكان سحب الأسلاك يمارس في نورمبرج في القرن الخامس عشر ووردت صورة مضخة تتكون من دلاء مركبة على سلسلة لانهاية لها في مخطوط عام 1438. وفي رسم للمهندس كونرادكيزر وهو من أتباع هس(1405) توجد أقدم صورة معروفة للحركة المترددة التي تتحول إلى حركة دوارة :ذراعان يتحركان على التعاقب ويديران في دقة اسطوانة بينما تدير المكابس عمود المحور لسيارة.
وكانت الحاجة ماسة إلى ميكانيكية أفضل لقياس الوقت لنمو حجم التجارة والصناعة. وقسم الرهبان والفلاحون النهار إلى عدد بعينه من الفترات في كل الفصول وجعلوا الفترات في فصل الصيف أطول منها في فصل الشتاء. وتطلبت الحياة في المدينة تقسيمات للوقت أكثر تجانساً فصنعت إبان القرنين الثالث عشر والرابع عشر ساعات الحائط وساعات معصم يقسم فيها اليوم إلى أجزاء متساوية طوال العام. وفي بعض الأماكن كانت الساعات ترقم من واحد إلى أربع وعشرين كما يجري عليه العمل لضبط الوقت عند العسكريين في عصرنا. وفي أواخر عام 1370 كانت
بعض الساعات الكبيرة مثل التي صنعت في سان جوتارد وفي ميلان تدق الرقم بأكمله. وقد ثبت أن هذا إسراف في الضجيج. وما أن حل عام 1375 حتى كان اليوم مقسماً بانتظام إلى نصفين كل منهما به اثنتا عشرة ساعة.
وكانت القاعدة الأساسية في الساعة الآلية ثقلا يدير عجلة ببطيء ويتحكم في دورانها ترس بمقدار سن واحدة في فترة معينة من الزمن. ولقد وضعت هذه الساعة التي تقيس الوقت حوالي عام 1271. ولأقيمت أول ساعات آلية كبيرة في برج للكنائس أو قباب يمكن رؤيتها من مساحات بعيدة في أي مدينة. ومن أوائل هذه الساعات ما ركب في دير سانت ألبانز على يد ريتشارد والنجفورد وكانت لا تبين الساعات والدقائق في اليوم فحسب بل كانت تبين أيضا الجزر والمد وحركات الشمس والقمر، وأما الساعات التي صنعت فيما بعد فقد أضيف إليها مزيج من الأجهزة المبتكرة في الساعة الكبيرة في كتدرائية ستراسبورج (1352) وكان يظهر فيها ديك يصيح ثلاثة من أعضاء الجسم، وكانت ساعة الكاتدرائية في ولز تستخدم صورة متحركة للشمس إلى الساعة ونجما صغيرا على دائرة داخلية لتبين الدقيقة ودائرة لتبين أي يوم في الشهر وعلى منصة فوق المزواة أربعة من الفرسان يبرزون ويهاجمون كلما دقت الساعة وفي إحدى الساعات التي صنعت في القرن الخامس عشر في فيينا كانت هناك رأس مهرج يفتح فمه الهائل ليلتهم تفاحة من أحد الحجاج ولكنه لا يكاد يطبق عليها فمه حتى تختطف منه هذه الملهاة تمثل كل ساعة من ساعات اليوم خلال مئات الأعوام ولا تزال هذه الساعة موجودة. وقد أقيمت عام 1506
ساعة مماثلة في نورمبرج وأوقفتها الحرب العالمية الثانية بجفاء عن العمل ثم استأنفت عروضها المسرحية في سنة 1953.
ولصنع الساعات الصغيرة استبدل بالثقل المعلق زنبرك حلزوني عام 1450 شريط من الصلب الرقيق على شكل حلقة صغيرة أو طاردة وتحدث بفكها تدريجيا الأثر الذي يحدثه الثقل على العجلة البطيئة. وما أن أشرف القرن الخامس عشر على نهايته حتى أصبحت الساعات الصغيرة متوفرة بعضها كبير في الحجم في حجم الكف والبعض الآخر صغير في حجم اللوزة وكثير منها بيضي الشكل مثل "بيض نورمبرج" التي صنعها بيتر هيل (1510) وطبقت قاعدة الثقل والترس والعجلة لأغراض أخرى بحيث أصبحت الساعة الآلية سببا في صنع عشرات الآلاف من الآلات المتعددة.
وبينما كان علم الطبيعة بشيراً بالثورة الصناعة كانت الكيمياء القديمة تنمو ببطيء في علم الكيمياء وفي نهاية هذا العصر كان الكيميائيون قد اكتشفوا ووصفوا الزنك والبزموث والكبريت الحي وحجر الأثمد (الأنتيمون) والفورين القلوي الطيار ومواد أخرى كثيرة وقطروا الكحول وبخروا الزئبق وصنعوا حامض الكبريتيك بتسخين الكبريت وأعدوا الأثير والماء الملكي وصبغة قرمزية تفوق الصبغات التي تستعمل الآن وأورثوا علم الكيمياء الطريقة التجريبية التي أثبتت أنها أعظم ما وهبه علم العصور الوسطى للعقل الحديث.
وكان علم النبات لا يزال في الأغلب مقصورا على كتيبات في الفلاحة أولا يعدو كتاباً يصف أعشاباً ونباتات طيبة. وكان من رأى هنري أوف هيس (1325-1397) أن أنواعاً جديدة، بخاصة بين النباتات، يمكن أن تتطور طبيعياً عن أنواع قديمة وكان هذا رأيه قبل داروين بخمسمائة عام. وليس من شك في أن إقامة معارض ملكية أو بابوية للوحوش
وتربية الحيوانات والطب البيطري وعجالات في القنص أو صيد السمك أو تربية النحل أو دود القز وحكايات خرافية أبطالها من الحيوانات تروي قصصا منها ما له مغزى أخلاقي وكتبا في فن رياضة الصقور مثل كتاب رآه فيبوس(1387) من تأليف جاستون الثالث كونت أوف فو، قد جمعت بلا قصد مادة لعلم الحيوان.
وكان لا بد للتشريح والفسيولوجيا (علم وظائف الأعضاء) من الاعتماد على تشريح الحشرات وعلى إصابات الجنود والحالات العرضية التي يحتم فيها القانون تشريح لمعرفة سبب الوفاة. وكان المسيحيون المؤمنون يحسون بأنهم على حق في الاعتراض على تشريح جثث الآدميين فالمفروض أنهم على الرغم من وفاتهم سيبعثون من القبور وأبدانهم سليمة يوم الحساب، وكان من الصعب الحصول على جثث لدراسة التشريح خلال القرن الرابع عشر وأتيح لعدد قليل جداً من الأطباء شمال الألب قبل عام 1450 رؤية جثة بشرية بعد تشريحها ومع ذلك فإن جي دي شولياك أقنع السلطات في أفنيون عام 1360 بأن تحول لمدارس الطب جثث المجرمين الذين ينفذ فيهم حكم الإعدام لإجراء تشريع لها. وكانت عمليات التشريح تتم أمام طلبة في البندقية عام 1368 وفي مونبلييه عام 1377 وفي فلورنسا عام 1388 ولاردة عام 1391 وفي فيينا عام 1404. وشيدت جامعة بادوا عام 1445 أول مشرحة معروفة وكانت النتائج لا نهاية لها عالم الطب.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق