1212
قصة الحضارة ( ول ديورانت )
قصة الحضارة -> الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> لوثر والإصلاح الديني -> نشرات بابوية ملتهبة
4- نشرات بابوية ملتهبة
أصدر ليو العاشر في اليوم الخامس عشر من شهر يونيه عام 1520 نشرة أدان فيها واحداً وأربعين بياناً للوثر، وأمر بأن تُحرق علناً مؤلفاته التي ظهرت فيها، وأنذر لوثر بأن يتراجع عن أخطائه وأن يعود إلى حظيرة الدين. وإذا رفض أن يأتي إلى روما في خلال ستين يوماً ويسحب أقواله علناً فإنه سوف يُبتر من عضوية العالم المسيحي بحرمانه من غفران الكنيسة، وسوف يعرض عنه كل المؤمنين باعتباره هرطيقاً، وسوف تتوقف العبادة في جميع الأماكن التي يقيم فيها، وعلى جميع السلطات الزمنية أن تطرده من أملاكها أو تسلمه إلى روما.
وأعلن لوثر نهاية عهد التسامح بنشر أول كتاب من الكتيبات الثلاثة
التي كونت برنامج الثورة الدينية. وكان حتى هذا الوقت قد كتب باللغة اللاتينية مخاطباً الطبقات المستنيرة، أما الآن فإنه كتب باللغة الألمانية - كوطني ألماني - خطاباً مفتوحاً إلى أشراف الأمة الألمانية المسيحية بشأن إصلاح طبقة رجال الدين، وشمل نداءه "استغاثة بالنبيل الشاب" الذي كان قد اختير منذ عام امبراطوراً باشم شارل الخامس "وأنعم به الله علينا ليكون زعيماً لنا وبهذا ينعش في كثير من الأفئدة آمالاً كباراً في الخير"(43). وهاجم لوثر "الجدران الثلاثة" التي شيدتها البابوي حول نفسها وهي: التمييز بين رجال الأكليروس والعلمانيين وحق البابا في أن يفسر الكتاب المقدس على هواه، وحقه المطلق في دعوة مجلس عام للكنيسة، وقال لوثر إن كل هذه الدعاوى الدفاعية يجب أت تُهدم. فأولاً ليس هناك فرق حقيقي بين رجال الأكليروس والعلمانيين إذ أن كل مسيحي ينصب قساً بالتعميد ومن ثم فإن على الحكام الزمنيين أن يمارسوا سلطاتهم "دون عائق أو اعتراض بغض النظر عما إذا كانوا يسيئون إلى البابا أو الأسقف أو القس... وكل ما نص عليه القانون الكنسي مما يناقض ذلك من خالص بنات أفكار الوقاحة الرومانية"(44). وثانياً: أن كل مسيحي يُعد قساً فإن له الحق في أن يفسر الكتب المقدسة طبقاً لما يراه(45). وثالثاً: يجب أن يكون الكتاب المقدس مرجعنا الأخير للعقيدة أو أداء الشعائر فالكتاب المقدس لا يقدم أية بينة على حق البابا المطلق في دعوة مجلس. وإذا كان ينشد بالحرمان من غفران الكنيسة أو التحريم أن يمنع مجلساً، "فإننا يجب أن نستخف بسلوكه كأنه تصرف رجل مجنون ونقذفه بحرمانه معتمدين في ذلك على الله ونقمته بقدر الإمكان"(46) ويجب دعوة مجلس في أقرب وقت وعليه أن يفحص المفارقة الفظيعة في أن زعيم العالم المسيحي يعيش في ترف دنيوي يفوق ما يحلم به أي ملك ولابد أن يضع هذا حداً لاستيلاء رجال الدين الإيطاليين على التبرعات الألمانية وأن يقلل إلى واحد في المائة من "زمرة الهوام" الذين يشغلون في روما مناصب دينية تدر عليهم دخلاً دون أن يؤدوا عملاً ويعيشون بصفة أساسية على الأموال التي يسلبونها من ألمانيا.
"لقد قرر البعض أن أكثر من 300000 جولدن تجد طريقها كل عام من ألمانيا إلى إيطاليا... وها نحن أولاء نصل إلى لب الموضوع... كيف يتأتى أن يكون لزاماً علينا نحن الألمان أن نتسامح في مثل هذه السرقة ومثل هذا السلب لأملاكنا على يدي البابا؟... وإذا كنا بحق نشنق اللصوص ونضرب أعناق السارقين بالإكراه فكيف نسمح للشره الروماني أن يفلت من العقاب؟ ذلك لأنه أكبر لص وسارق بالإكراه جاء أو يمكن أن يجيء إلى العالم بل وشرهم قاطبة بالاسم المقدس للمسيح والقديس بطرس ومَن في وسعه بعد هذا أن يتحمل أو يلزم السكوت؟"(47).
لماذا يتحتم على الكنيسة الألمانية أن تدفع هذه الجزية الدائمة إلى سلطة؟ فليتخلص رجال الدين الألمان من تبعتهم لروما ولينشئوا كنيسة قومية تحت زعامة كبير أساقفة ماينز. إن أوامر الاستجداء يجب أن تقل ويجب أن يُسمح للقساوسة بالزواج ويجب ألا تؤخذ عهود الرهبنة قبل سن الثلاثين، وأن تلغى التحاريم والحج وشعائر القداس على أرواح الموتى... والعطلات (ما عدا أيام الآحاد) وعلى الكنيسة الألمانية مصالحة الهسيين في بوهيميا، إن هس أحرق دون أن يشفع له حصوله على جواز الأمان من الإمبراطور، وفي أية حال فإننا "يجب أن نتغلب على الهراطقة بالكتب لا بالحرق"(48) "ويجب أن يُنبذ كل قانون كنسي وألا يكون هناك إلا قانون واحد يطبق على رجال الدين والعلمانيين على السواء" - "يجب علينا فوق كل شيء أن نطرد من الأراضي الألمانية مبعوثي البابا بكل ما لهم من قوى" - وهي التي يبيعونها لنا مقابل مبالغ كبيرة من المال - لإقرار الأرباح الجائرة، للتحلل من الأقسام والعهود والاتفاقيات بحجة أن البابا له سلطة القيام بهذا العمل - وإن كان هذا خداعاً لا مراء فيه... وإذا لم يكن هناك أضاليل خبيثة أخرى لإثبات أن البابا هو المناهض الحقيقي للمسيحية فإن هذا الشيء يكفي لإثبات هذا. أتسمع هذا أيها البابا، ولا أقول أقدس الرجال بل أكبرهم إثماً؟
ثق بأن الله رب السموات سوف يقوض عرشك قريباً ويغرقه في هاوية الجحيم... يا سيدي المسيح أطل علينا من عليائك ودع يوم قصاصك يشرق ودمر عش الشيطان في روما!(49).
وأصبح هذا الهجوم العنيف الذي قام به رجل ضد سلطة تشمل كل أوربا الغربية، حديث ألمانيا، فالحذرون من الرجال عدّوه من قبيل الافراط والتهور وعدّه الكثيرون من بين أعظم الأفعال البطولية في تاريخ ألمانيا. وسرعان ما نفدت أول طبعة من كتاب "خطاب مفتوح" وشغلت مطابع في تمبرج بإخراج طبعات جديدة. وكانت ألمانيا مثل إنجلترا، مهيأة لتقبل الدعوة إلى القومية ولم يكن هناك إبان هذا العهد دولة اسمها ألمانيا على الخريطة ولكن كان هناك ألمان بدءوا يشعرون بأنفسهم كشعب. وبما أن هس قد أكد وطنيته البوهيمية، وبما أن هنري الثامن لم ينبذ العقيدة الكاثوليكية بل رفض أن يمتد سلطان البابا إلى إنجلترا، فإن لوثر وقتذاك زرع بذرة الثورة لا في صحارى اللاهوت بل في الأرض الخصبة لروح ألمانيا القومية وحيثما فازت البروتستانية حملت القومية العلم.
وفي سبتمبر عام 1520 أصدر إيك وجيروم ألياندر منشور الحرمان من غفران الكنيسة في ألمانيا فرد عليهم لوثر الطعنة باصدار بيان ثانٍ هو "الأسر البابلي للكنيسة" (6 أكتوبر) ولما كان موجهاً إلى علماء اللاهوت والدارسين فإنه عاد إلى الكتابة باللاتينية، ولكن سرعان ما ترجم البيان وكان له تأثير عظيم على العقيدة المسيحية قارب تأثير "خطاب مفتوح" على التاريخ الديني والسياسي. فكما قاسى اليهود طويلاً من الأسر في بابل فإن الكنيسة كما أنشأها المسيح، وكما نص عليه في العهد الجديد قد تعرضت للأسر ما يزيد على ألف عام تحت حكم البابوية في روما. وفي خلال تلك الفترة تعرض دين المسيح إلى الفساد في الإيمان والأخلاقيات والشعائر. وبما أن المسيح قد أعطى حوارييه نبيذاً وخبزاً في العشاء الأخير فإن الهسيين كانوا
على حق فيما ذهبوا إليه: إذ يجب أن يتناول القربان المقدس بكلا الشكلين كما يشاء الناس، والقس لا يغير الخبز والنبيذ إلى جسد ودم المسيح، فليس هناك قس يملك هذه القدرة الصوفية، ولكن المسيح سيجيء روحياً ومادياً لكل مَن يتناول القربان المقدس لا عن طريق أي تحول معجز على يد أحد القساوسة بل سيجيء بإرادته وقوته، فهو حاضر في القربان المقدس مع الخبز والنبيذ عن طريق التجاسد لا عن طريق التجسيم(50). ورفض في هلع الفكرة التي تذهب إلى أن القس يقدم المسيح إلى أبيه في القداس قرباناً للتكفير عن خطايا البشر ولو أنه لم يجد ما يفزعه في الفكرة التي تقول إن الرب قد سمح للبشر بأن يصلبوا الرب قرباناً للرب تكفيراً عن خطايا البشر.
وأضاف بعض المستحدثات الأخلاقية إلى هذه الأمور الدينية التي تدق على الفهم، فالزواج ليس قرباناً مقدساً لأن المسيح لم يقطع على نفسه عهداً بأن يبث فيه الرحمة الإلهية وقال "إن زيجات الأقدمين لم تكن تقل قداسة عن زيجاتنا كما أن زيجات الكفار ليست أقل صحة من زيجاتنا"(51). وعلى ذلك يجب ألا يحرم الزواج بين المسيحيين وغير المسيحيين "فكما آكل وأشرب وأنام وأمشي... وأتعامل مع وثني أو يهودي أو تركي أو هرطيقي فإن في وسعي أن أتزوج من أي واحدة من نسائهم، فلا تبالوا بالقانون الذي سنه الأحمق لتحريم هذا... إن الشخص الوثني سواء كان رجلاً أو امرأة خلقه الله كما خلق القدّيس بطرس والقديس بولس أو القديسة لوسي"(52). وأي امرأة تتزوج من رجل عنين يجب أن يسمح لها، إذا وافق زوجها، بأن تضاجع رجلاً آخر لكي تنجب منه طفلاً ويجب أن يسمح لها بأن تدعي أن الطفل هو ابن زوجها وإذا أبى الزوج فإنها تستطيع بحق أن تطلق منه. ومع ذلك فإن الطلاق مأساة لا نهاية لها، ولعل تعدد الزوجات خير منه(53). ثم أضاف لوثر التحدي إلى الهرطقة وانتهى إلى أن يقول "إني أسمع إشاعة إن نشرات بابوية جديدة ولعنات بابوية تُرسل ضدي تتضمن حثاً على سحب أقوالي(54)...
وإذا كان هذا حقاً أود أن يكون هذا الكتاب جزءاً من الانكار الذي أقوم به".
وكان حرياً بمثل هذه السخرية أن تزيغ ميلتيتز عن حلمه بالمهادنة. ومع ذلك فإنه سعى مرة أخرى إلى لوثر (11 أكتوبر سنة 1520) وأقنعه بأن يرسل للبابا ليو خطاباً يتنصل فيه من أي قصد في مهاجمته شخصياً ويعرض القضية باعتدال للاصلاح وسوف يحاول ميلتيتز من جانبه أن يكفل له إلغاء النشرة، فما كان من لوثر البالغ من العمر سبعة وثلاثين عاماً "والفلاح ابن الفلاح" كما كان يدعو نفسه مفاخراً، إلا أن كتب خطاباً لم يضمنه اعتذاراً بل نصيحة ابوية تقريباً إلى خليفة القدّيس بطرس وسليل آل مديتشي البالغ من العمر خمسة وأربعين عاماً. وأعرب عن احترامه للبابا كفرد ولكنه استنكر في غير هوادة فساد البابوية في الماضي والمحكمة البابوية في الحاضر: "إن ما تتمتع به من سمعة وشهرة في حياتك الطاهرة الذيل أمر معروف تماماً وأسمى من أن يكون مجالاً للهجوم... ولكن سدتك البابوية التي تسمى المحكمة الرومانية والتي لا يمكنك أنت أو أي انسان أن تنكر أنها أكثر فساداً مما كان عليه أهل بابل أو سدوم والتي بقدر ما أستطيع أن أرى، تتسم بخبث غوى لا أمل فيه قبيح الصيت - فهذه السدة أنا أزدريها... ولقد أصبحت الكنيسة الرومانية أكبر وكر داعر للصوص وأعظم المواخير التي يندى لها الجبين ومملكة الاثم والموت والجحيم... ولطالما ساءني يا صاحب المقام السامي ليو إنك تُنصَّب بابا في هذه العهود لأنك خليق بأيام خير منها...
"ولذلك أرجو" يا عزيزي ليو أن تستمع إلى تلك الأقوال المعسولة التي لا تجعلك بشراً سوياً وترفعك إلى مصاف أنصاف الآلهة لكي تأمر... بما تشاء فأنت خادم الاجراء وبعد كل الرجال الآخرين في مركز خطير يرثى له. فلا يخدعك هؤلاء الذين يدعون أنك سيد العالم... الذين
يهرفون بأن لك سلطاناً على السماء والجحيم والمطهر... إن الذين يعلون قدرك فوق المجلس وفوق الكنيسة العالمية يخطئون. والذين ينسبون إليك الحق في تفسير الكتاب المقدس يخطئون لأنهم ينشدون تحت ستار اسمك أن يرسوا قواعد خبثهم في الكنيسة، ومما يؤسف له أن الشيطان من خلالهم قد أحرز نجاحاً تحت حكم أسلافك. والخلاصة لا تصدق أحداً يعلي من قدرك، وصدق هؤلاء الذين يضعون من شأنك(55).
وأرسل لوثر مع هذا الخطاب ثالث بياناته وأطلق عليه اسم "عجالة في الحرية المسيحية" (نوفمبر عام 1520) وشعر بأنه "ما لم أكن مخدوعاً فإنها الحياة المسيحية بأسرها في شكل موجز"(56). وعبّر هنا باعتدال يخلو من الرقة عن مذهبه الأساسي - أن ذلك الإيمان وحده لا الأعمال الصالحة هي التي تخلق المسيحي الصادق وتخلصه من عذاب النار. لأن الإيمان بالمسيح هو الذي يجعل الإنسان صالحاً وأعماله الصالحة تترتب على ذلك الإيمان. "فالشجرة تحمل الثمار أما الثمرة فلا تحمل الشجرة"(57). والإنسان القوي الإيمان بالله والذي يكفّر عن تضحية المسيح لا ينعم بحرية الإرادة فحسب ولكن ينعم بأعمق الحريات كلها: التحرر من نداء الجسد ومن كل القوى الشريرة ومن اللعنة الأبدية بل ومن القانون لأن الانسان الذي تتدفق فضيلته تلقائياً من إيمانه في غنى عن الأوامر بالاستقامة(58). ومع ذلك فإن هذا الإنسان الحر يجب أن يكون خادماً لكل الناس لأنه لن يكون سعيداً إذا عجز عن عمل كل ما في وسعه لإنقاذ الآخرين كما ينقذ نفسه. إنه بالإيمان يرتبط بالله وبالحب مع جاره. وكل مسيحي مؤمن يُعَد قساً يقوم بالخدمات الدينية.
وبينما كان لوثر يكتب تلك الرسائل التاريخية كان إيك والياندر يواجهان الثورة الدينية مباشرة وأحرزا نجاحاً في إعلان نشرة الحرمان من غفران الكنيسة في مايسين ومرسيبورج وبراندينبورج، أما في نورمبورج فإنهما
لم يستخلصا إلا الاعتذارات من بيركهايمر وشينجلر وفي ماينز طرد كبير أساقفتها ألبرخت من بلاطه هوتن بعد أن هادن فترة الاصلاح الديني وسجن طابعي كتب هوتن وصودرت كتب لوثر في أنجولستادت وأحرقت في ماينز ولوفان وكولونيا، ولكن في ليبتسيج وتورجاو وديبيلين لُطخت النشرة المعلقة بالقذارة ومُزقت وفي أرفورت انضم كثير من الأساتذة ورجال الدين في رفض عام للاعتراف بالنشرة، وألقى الطلبة بكل ما وصل إلى أيديهم من النسخ في النهر، وأخيراً فر إيك من المسرح الذي شهد انتصاراته قبل ذلك العام(59).
وندد لوثر بالاعلان في سلسلة من الكتيبات التي تقطر مرارة وفي إحدى هذه الكتيبات أعلن موافقته الكاملة على آراء هس، وحوالي 31 من أغسطس عام 1520 استغاث بالامبراطور طالباً الحماية مثل "برغوث واحد يجرؤ على مخاطبة ملك الملوك" وفي السابع عشر من نوفمبر نشر استغاثة رسمية من البابا بمجلس للكنيسة. وعندما علم أن مبعوثي البابا يحرقون كتبه قرر أن يرد عليهم بالمثل؛ فأصدر نداء إلى الشباب التقي المثقف في فيتنبرج لكي يتجمع خارج بوابة "الستر" في المدينة صباح يوم 10 ديسمبر، وهناك أمسك بيديه نشرة البابا وقذف بها في النار مع بعض المراسيم الكنسية ومجلدات من لاهوت أصحاب الفلسفة الكلامية، ورمز في عمل واحد إلى رفضه للقانون الكنسي وفلسفة الأكويني وكل سلطة للكنيسة تأخذ بسياسة القمع. وجمع الطلبة كتباً أخرى من نفس النوع في ابتهاج وألقوا بها في النار لتظل مشتعلة حتى ساعة متأخر من بعد ظهر ذلك اليوم. وفي الحادي عشر من ديسمبر أعلن لوثر أنه لا يمكن لإنسان الخلاص ما لم يتبرأ من حكم البابوية(60) وهكذا حرّم الراهب البابا من غفران الكنيسة.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق