2415
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
حصار صلاح الدين الموصل وصلحه مع عز الدين صاحبها:
ثم سار صلاح الدين من دمشق في ذي القعدة سنة إحدى وثمانين، فلما انتهى إلى حران قبض على صاحبها مظفر الدين كوكبري لأنه كان لذلك وعده بخمسين ألف دينار، حتى إذا وصل لم يف له بها فقبض عليه لانحراف أهل الجزيرة عنه، فأطلقه ورد عليه عمله بحران والرها. وسار عن حران، وجاء معه عساكر كيفا وداري، وعساكر جزيرة ابن عمر مع صاحبها معز الدين سنجر شاه ابن أخي معز الدين صاحب الموصل، وقد استبد بأمره، وفارق طاعة عمه بعد نكبة مجاهد الدين كما قلنا، فساروا مع صلاح الدين إلى الموصل ولما انتهوا إلى مدينة
بله وفدت عليه أم عز الدين، وابن عمه نور الدين محمود وجماعة من أعيان الدولة ظنا بأنه لا يردهم وأشار عليه الفقيه عيسى وعلي بن أحمد المشطوب بردهم، ورحل إلى الموصل فقاتلها وامتنعت عليه، وندم على رد الوفد، وجاءه كتاب القاضي الفاضل باللائمة. ثم قدم عليه زين الدين يوسف صاحب اربل فأنزله مع أخيه مظفر الدين كوكبري وغيره من الأمراء. ثم بعث الأمير علي بن أحمد المشطوب إلى قلعة الجزيرة من بلاد الهكارية فاجتمع عليه الأكراد الهكارية وأقام يحاصرها، وكاتب نائب القلعة القندار. ونمي خبر مكاتبته إلى عز الدين فمنعه واطرحه من المشورة، وعدل إلى مجاهد الدين قايماز، وكان يقتدي برأيه فضبط الأمور وأصلحها. ثم بلغه في آخر ربيع من سنة اثنين وثمانين، وقد ضجر من حصار الموصل ان شاهرين صاحب خلاط توفي تاسع ربيع، واستولى عليها مولاه بكتمر فرحل عن الموصل، وملك ميافارقين كما يأتي في أخبار دولته ولما فرغ منها عاد إلى الموصل، ومر بنصيبين، ونزل الموصل في رمضان سنة اثنتين وثمانين، وترددت الرسل بينهما في الصلح، على أن يسلم إليه عز الدين شهرزور وأعمالها وولاية الفرائلي وما وراء الزاب، ويخطب له على منابرها، وينقش اسمه على سكته. ومرض صلاح الدين أثناء ذلك ووصل إلى حران ولحقته الرسل بالإجابة إلى الصلح وتحالفا عليه، وبعث من يسلم البلاد وأقام ممرضا بحران، عند أخوه العادل وناصر الدولة ابن عمه شيركوه، وامنت بلاد الموصل. ثم حدثت بعد ذلك فتنة بين التركمان والأكراد بالجزيرة والموصل وديار بكر وخلاط والشام وشهرزور وأذربيجان، وقتل فيها ما لا يحصى من الأمم، واتصلت أعواما وسببها أن عروسا من التركمان أهديت إلى زوجها، ومروا بقلعة الزوزان والاكراد، وطلبوا منهم الوليمة على عادة الفتيان فأغلظوا في الرد فقتل صاحب القلعة الزوج، وثار التركمان بجماعة من الأكراد فقتلوهم. ثم أصلح مجاهد الدين بينهم وأفاض فيهم العطاء فعادوا إلى الوفاق، وذهبت بينهم الفتنة، والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق