إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 28 ديسمبر 2014

1005 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 الخبر عن القرامطة واستبداد أمرهم وما استقر لهم من الدولة بالبحرين وأخبارها إلي حين انقراضها


1005

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267


الخبر عن القرامطة واستبداد أمرهم وما استقر

لهم من الدولة بالبحرين وأخبارها إلي حين انقراضها

هذه الدعوة لم يظهرها أحد من أهل نسب العلوية ولا الطالبيين، وإنما قام بها دعاة المهدي من أهل البيت على اختلاف منهم في تعيين هذا المهدي كما نذكره وكان مدار دعوتهم على رجلين أحدهما يسمى الفرج بن عثمان القاشاني، من دعاة المهدي، ويسمى أيضا كرويه بن مهدويه وهو الذي انتهى إليه دعاتهم بسواد الكوفة، ثم بالعراق والشام، ولم يتم لهؤلاء دولة، والآخر يسمى أبا سعيد الحسن بن بهرام الجنابي، كانت دعوته بالبحرين، واستقرت له هنالك دولة ولبنيه. وانتسب بعض مزاعمهم إلى دعاة الإسماعيلية الذين كانوا بالقيروان كما نذكره.ودعوى هؤلاء القرامطة في غاية الاضطراب مختلة العقائد والقواعد، منافية للشرائع والإسلام في الكثير من مزاعمهم وأول من قام بها بسواد الكوفة سنة ثمان وسبعين ومائتين رجل اظهر الزهد والتقشف، وزعم أنه يدعو إلى المهدي، وان الصلوات المفروضة خمسون كل يوم واستجاب له جمع كثير ولقب قرمط، وأصلها بالكاف. وكان يأخذ من كل من يجيب دعوته دينارا للإمام. وجعل عليهم نقباء وسماهم الحواريين، وشغل الناس بذلك عن شؤونهم، وحبسه عامل الناحية ففرمن محبسه، ولم يوقف له على خبر فازداد أتباعه فتنة فيه ثم زعم أنه الذي بشر به أحمد بن محمد ابن الحنفية. وأن أحمد نبي، وفشا هذا المذهب في السواد، وقرىء بينهم كتاب زعموا أنه جاءهم من داعيه المهدي نصه بعد البسملة:يقول الفرج بن عثمان الحمد الله بكلمته وتعالى باسمه المنجد لأوليائه قل أن الأهلة مواقيت للناس، ظاهرها لتعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام. وباطنها أوليائي الذين عرفوا عبادي سبيلي اتقوني يا أولي



الألباب، وأنا الذي لا أسأل عما افعل، وأنا العليم الحكيم، وأنا الذي أبلو عبادي وأستخبر خلقي فمن صبر على بلائي ومحنتي واختباري ألقيته في جنتي، وأخلدته في نعمتى، ومن زال عن امري، وكذب رسلي أخلدنه مهانا في عذابي، وأتممت اجلي، وأظهرت على ألسنة رسلي. فأنا الذي لا يتكبرعلي جبار إلا وضعته، ولا عزيز إلا ذللته، فليس الذي أصر على أمره ودام على جهالته، وقال لن نبرح عليه عاكفين، وبه مؤمنين، أولئك هم الكافرون. ثم يركع ويقول في ركوعه مرتين سبحان ربي ورب العزة تعالى عما يصف الظالمون وفي سجوده الله أعلى مرتين الله أعظم مرة، والصوم مشروع يوم المهرجان والنيروز، والنبيذ حرام والخمر حلال، والغسل من الجنابة كالوضوء، ولا يؤكل ذو ناب ولا ذو مخلب. ومن خالف وحارب وجب قتله، ومن لم يحارب أخذت منه الجزية انتهى.إلى غير ذلك من دعاوى شنيعة متعارضة، يهدم بعضها بعضاً وتشهد عليهم الكذب. والذي حملهم على ذلك إنما هو ما اشتهر بين الشيعة من أمر المهدي، مستندين فيه إلى الأحاديث التي خرجها بعضهم، وقد أريناك عللها في مقدمة الكتاب في باب الفاطمي فلهجوا به، وبالدعوة إليه فمن الصادق فيمن يعنيه، وأن كان كاذبا في استحقاقه. ومنهم من بني أمره على الكذب والانتحال، عساه يستولي بذلك على حظ من الدنيا ينال بها صفقة. وقد يقال أن ظهور هذا الرجل كان قبل مقتل صاحب الزنج، وإنه سار على الأمان وقالى له أن ورائي مائة ألف سيف فناظرني لعلنا نتفق ونتعاون. ثم اختلفا وانصرف قرمط عنه، وكان يسمي نفسه القائم بالحق.وزعم بعض الناس أنه كان يرى رأي الأزارقة من الخوارج، ثم زحف إليه أحمد بن محمد الطائي صاحب الكوفة في العساكر فأوقع بهم، وفتك بهم، وتتابعت العساكر في السواد في طلبهم، وأبادوهم وفر هو إلى أحياء العرب فلم يجبه أحد منهم فاختفى في القفر في جب بناه، واتخذه لذلك، وجعل عليه باب حديد، واتخذ بجانبه تنورا سحرا أن أرهقه الطلب فلا يفطن له. ولما اختفى في الجب بعث أولاده في كلب بن دبرة بأنهم من ولد إسمعيل الإمام مستجيرون بهم. ثم دعوا إلى دعوتهم أثناء ذلك وكانوا ثلاثة يحمى وحسين وعلي فلم يجبهم أحد، إلى ذلك، إلا بنو القليص بن ضمضم بن علي بن جناب فبايعوا ليحمى على أنه يحمى بن عبد الله بن محمد بن إسمعيل الإمام، وكنوه أبا القاسم ولقبوه الشيخ. ثم حول اسمه وادعى أنه محمد بن عبد الله، وأنه كان يكتم هذا الاسم وأن ناقته التي يركبها



مأمورة ومن تبعها منصور فزحف إليه سبك مولى المعتضد في العساكر فهزمها، وقتل فسار إليه محمد بن أحمد الطائي في العساكر فانهزمت القرامطة، وجيء ببعضهم أسيرا فحتضره المعتضد وقال:هل تزعمون أن روح الله وأنبيائه تحل فيكم فتعصمكم من الزلل، وتوفقكم لصالح العمل. فقال له: يا هذا أرأيت لو حلت روح إبليس فما ينفعك فاترك ما لا يعنيك إلى ما يعنيك. فقال له قل فيما يعني فقال له قبض رسول الله ? وأبوكم العباس في فلم يطلب هذا الأمر ولا بايعه أحد، ثم قبض أبو بكر واستخلف عمر وهو يرى العباس ولم يعهد إليه عمر ولا جعله من أهل الشورى، وكانوا ستة وفيهم الأقرب والأبعد، وهذا إجماع منهم على دفع جدك عنها فبماذا تستحقون أنتم الخلافة؟ فأمر المعتضد به فعذب، وخلعت عظامه، ثم قطع مرتين ثم قتل.ثم زحف القرامطة إلى دمشق وعليها طغج مولى ابن طولون سنة تسعين، واستصرخ بابن سيده بمصر فجاءت العساكر لامداده فقاتلهم مرارا، وقتل يحيى بن ذكرويه المسمى بالشيخ في خلق من أصحابه، واجتمع فلهم على أخيه الحسين وتسمى أحمد أبا العباس، وكانت في وجهه شامة يزعم أنها * فلقب صاحب الشامة المهدي أمير المؤمنين، وأتاه ابن عمه عيسى بن مهدي وهو عبد الله بن أحمد بن محمد بني إسمعيل الإمام، ولقبه المدثر، وعهد إليه وزعم أنه المذكور في القرآن. ولقب غلاما من أهله المطوق. ثم دعا الناس فأجابه كثير من أهل البوادي، وسار إلى دمشق فحاصرها حتى صالحوه على مال ودفعوه له. ثم سار إلى حمص وحماة والمعرة وبعلبك فخطب له بها، واستباحها جميعا ثم إلى سلمية وبها جماعة من بني هاشم فاستلحمهم حتى الصبيان بالمكاتب والبهائم. ثم خر المكتفي إليه وقدم عساكره فكبسهم ونجا ففهم إلى حلب. وانتهى المكتفي إلى الرقة، وقد سار بدر مولى ابن طولون في اتباع القرامطة فهزمهم واثخن فيهم وبعث المكتفي العساكر مع يحى بن سليمان الكاتب، وفيهم الحسين بن حمدان من بني تغلب ومعهم بنو شيبان فواقعوا القرامطة سنة إحدى وتسعين فهزموهم، وقتل منهم خلق من أصحاب القرمطي، ونجا ابنه أبو القاسم ببعض ذخيرته. وسار هو مستخفيا إلى ناحية الكوفة. ومعه المدثر والمطوق وغلام له، وانتهوا إلى الرحبة فوشى بهم إلى العامل فقبض عليهم، وبعث بهم إلى المكتفي بالرقة، ورجع إلى بغداد فقطعهم بعد أن ضرب صاحب الشامة مائتي سوط، وأما علي بن ذكرويه ففر بعد مقتل أخيه يحيى على



دمشق إلى ناحية الفرات. واجتمع إليه فل من القرامطة فاستباح طبرية.ثم لما اتبعهم الحسين بن حمدان فر إلى اليمن، واجتمع إليه دعاتهم هنالك، وتغلب على كثير من مدنه، وقصد صنعاء فهرب عنها ابن يعفر فاستباحها وتجافى عن صعدة لذمة العلوية بينه وبين بني الرسى، ونازل بني زياد بن بيد، ومات في نواحي اليمن. وفي خلال ذلك بعث أبوه ذكرويه إلى بني القليص بعد أن كانوا استكانوا، وأقاموا بالسماوة فبعث إليهم من أصحابه عبد الله بن سعيد، ويسمى أبا غانم فجاءهم بكتابه سنة ثلاث وتسعين بأنه أوحي إليه بأن صاحب الشامة وأخاه الشيخ مقبلان، وأن إمامه يظهر من بعدهما يمالأ الأرض عدلا، ويظهر وطاب أبو غانم على أحياء؟طب فاجتمع إليه جماعة منهم، وقصد الشام فاستباح بصرى وأذرعات، ونازل دمشق وعاملها يومئذ أحمد بن كيغك، وهو غائب بمصر في محاربة الجليجي الثائر من شيعة بني طولون على عساكر المكتفي، وقابله خلفاؤه فهزمهم، وقتل بعضهم وسار إلى الأردن فقتل عاملها، ونهب طبرية وبعث المكتفي الحسين بن حمدان في العساكر ففر أبو غانم إلى السماوة وغور مياهها، واتبعته العساكر إلى أن جهدهم العطش. ثم رجع الحسين بهم إلى الرحبة وقيل إنهم تقبضوا على ابي غانم وقتلوه، وافترق جمعهم، وذلك سنة ثلاث وتسعين.


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق