إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 28 ديسمبر 2014

1004 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 الخبر عن بني حمدون ملوك المسيلة والزاب بدعوة العبيديين ومال أمرهم


1004

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267


الخبر عن بني حمدون ملوك المسيلة

والزاب بدعوة العبيديين ومال أمرهم

كان علي بن حمدون أبوهم من أهل الأندلس، وهو علي بن حمدون بن سماك بن مسعود بن منصور الجذامي، يعرف بابن الأندلسي، واتصل بعبيد الله وأبي القاسم بالمشرق قبل شأن الدعوة، وبعثوه من طرابلس إلى عبد الله الشيعي فاحسن اللقاء والانصراف، ولزمهم أيام اعتقالهم بسجلماسة فلما استفحل ملكهم جذبوا أبا ضبيعة ورقوه إلى الرتب. ولما رجع أبو القاسم من حركته إلى المغرب سنة خمس عشرة وثلاثمائة، واختط مدينة المسيلة استعمل علي بن حمدون على بنائها وسماها المحمدية. ولما تم بناؤها عقد له على الزاب، وانزله بها، وشحنها بالأقوات التي كانت ميرة للعساكر عند محاصرة المنصور لأبي يزيد صاحب الحمار بجبل كتامة. ولم يزل واليا على الزاب، ورئى ابنيه جعفراً ويحيى بدار أبي القاسم. وكان جعفر سار إلى المعز. ولما كانت فتنة ابي يزيد وأضرمت إفريقية نارا وفتنة، وأهاب القائم بالأولياء من كل ناحية، كتب إلى ابن حمدون أن يجند قبائل البربر، ويوافيه فنهض إلى المهدية في عسكر ضخم بقسنطينة وهو يحتشد كل من مر به في طريقه حتى وصل إلى شق



 بنارية. ثم قارب باجة، وكان بها أيوب بن ابي يزيد في عسكر كبير من النكارية والبربر فزحف إليهم وتناور الفريقان. ثم بيته أيوب فاستباح معسكره وتردى كلي بن حمدون من بعض الشواهق فهلك سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. ولما انقضت فتنـة ابي يزيد عقد المنصور على المسيلة والزاب لجعفر بن على بن حمدون، وأنزله بها أخاه يحيى، واستجدوا بها سلطاناً ودولة، وبنوا القصور وإلمنتزهات، واستفحل بها ملكهم وقصدهم بها العلماء والشعراء، وكان فيمن قصدهم ابن هانىء شاعر الأندلس وأمداحه فيهم معروفة مذكورة. وكان بين جعفر هذا وبين زيري بن مناد عداوة جرتها المنافسة والمساماة في الدولة فساء أثر زيري فيه عند صدمته للمغرب، وفتكه بزناتة، وسعوا به إلى الخليفة والقح له في جوانحه العداوة فكانت داعيته إلى زناتة.وتولى محمد بن خزر أمير مغراوة. ثم أن المعز لما اعتزم على الرحيل إلى القاهرة سنة اثنتين وثلاثمائة استقدم جعفرا فاستراب جعفر، ومال بعسكره إلى زناتة قبل قدومه، وانقطعت الرسائل بينه وبين صنهاجة والخليفة المعز، وشملت عليه زناتة قبل قدومه واجتمعوا عليه، ودعا إلى نقض طاعة المعز والدعاء للحاكم المستنصر فوجدهم اقدم إجابة لها، وناهضهم زيري الحرب قبل استكمال التعبية فكانت عليه من أمراء زناتة فكبا بزيري فرسه فطاح فقصوا رأسه، وبعثوا به مع جماعة من زناتة إلى الحاكم المستنصر فكرم الحاكم وفادتهم، ونصب رأس زيري بسوق قرطبة وأسنى جوائز الوفد، ورفع منزلة يحمى بن علي وأذن لجعفر في اللحاق بسدته.ولما علمت زناتة أن يوسف بن زيري يطالبهم بدم أبيه أظهروا الغدر به، ورأى أن يتجنب مجابهتهم لضيق ذات يده، وعجز رؤساؤهم عن الذب والدفاع عنها وقبضت الأيدي عن تناوله لدنو الفتنة ومراس العصبية فأوجس الخيفة في نفسه، وألطف الحيلة في الفرار رغبة بحيلته، وشحن السفن بما معه من المال والمتاع والرقيق والحشم وذخيرة السلطان، وأجاز البحر، ولحق بسدة الخلافة من قرطبه، وأجاز معه عظماء الزناتيين معطين الصفقة على القيام بدعوته، والإحتطاب في جبل طاعته فكرم مثواه وأجمل وفادتهم، وأحسن منصرفهم، وانقلبوا لمحبته والتشيع له، ومناغاة الأدارسة للقيام في خدمته بالمغرب الأقصى وبث دعوته. وتخلف عنهم أولاد علي بن حمدون بالحضرة، وأقاموا بسدة الخلافة، ونظموا في طبقات الوزراء وأجريت عليهم



 سنيات الارزاق، والتحقوا على حديث عهدهم بالقوم من أولياء الدولة.ثم كان بعد ذلك شأن اعتقالهم على طريق التأديب، لارتكابهم في منازعتهم أمرا، خرقوا به حدود الآداب مع الخلافة فاستدعوا إلى القصر واعتقلوا، ثم أطلقوا لأيام قلائل، لما انغمس الحكم في عله الفالج، وركدت ريح المروانية بالمغرب، واحتاجت الدولة إلى رجالهم لسد الثغور ودفع العدو. واستدعي يحمى بن محمد بن هاشم من العدوة، وكان والياً على فاس والمغرب، وأداله الحاجب المصفحي لجعفر بن علي بن حمدون، وجمعوا بين الانتفاع في مقارعة زناتة بالعدوة والراحة مما يتوقع منه على الدولة عند من ولي الخلافة، لما كانوا صاروا إليه من النكبة، وطروق المحنة فعقدوا له ولأخيه يحيي على المغرب، وخلعوا عليهما، وأمكنوهما من مال وكسى فاخرة للخلع على ملوك العدوة فنهض جعفر إلى المغرب سنة خمس وستين وضبطه، واجتمع إليه ملوك زناتة من بني يفرن ومغراوة وسجلماسة. ولما هلك الحكم، وولي هشام، وقام بأمره المنصور بن أبي عامر اقتصر لأول قيامه على سبتة من بلاد العدوة فضبطها جند السلطان، ورجال الدولة، وقلدها أرباب السيوف والأقلام من الأولياء والحاشية، وعدل في ضبطه على ما وراء ذلك على ملوك زناتة ونقدهم بالجوائز والخم وصار إلى إكرام وفودهم وإثبات من رغب الإثبات في ديوان السلطان منهم فجدوا في ولاية الدولة، وبث الدعوة، وفسد ما بين هذين الأميرين جعفر وأخيه، واقتطع يحمى مدينة البصرة لنفسه، وذهب بأكثر الرجال. ثم كانت على جعفر النكبة التي نكبته بنو غواطة في غزاته إياهم. ثم استدعاه حمد بن أبي عامر لأول أمره لما رأى من الاستكانة إليه، وشد أزره به ونقم عليه كراهته لما لقيه بالأندلس من الحكم، ثم أصحبه وتخلى لأخيه عن عمل المغرب وأجاز البحر إلى ابن أبي عامر فحل منه بالمكان الأثير ولما زحف بلكين إلى المغرب سنة تسع وستين زحفته المشهورة، خرج حمد بن ابي عامر من قرطبة إلى الجزيرة لمدافعته بنفسه، وأجاز جعفر بن علي إلى سبتة وعقد له على حرب بلكين وأمده بمائة حمل 5كأ المال، وانضمت إليه ملوك زناتة، رجع عنهم بلكين كما نذكره. ولما رجع إلى ابن أبي عامر اغتاله في بعض ليالي معاقرتهم وأعذله رجالا في طريقه من سمره إلى داره فقتلوه سنة (1) ولحق يحيى بن علي



بمصر ونزل بدار العزيز، وتلقاه بالمبرة والتكريم وطال به ثراؤه، واستكفى به العظائم، ولما استصرخ فلفول بن خزرون بالحاكم في استرجاع طرابلس من يد صنهاجة المتغلبين عليه، دفع إليه العساكر، وعقد عليها ليحى بن علي، واعترضه بنو قُرَّة من الهلاليين ببرقة ففلوه وفضوا جموعه، ورجع إلى مصر. ولم يزل بمصر إلى أن هلك هنالك. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق