1019
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
تاريخ ابن خلدون
المجلد الرابع
صفحة 56 - 267
الخبر عن دولة بني الرسى أئمة الزيدية
بصعدة وذكر أوليتهم ومصائر أحوالهم:
قد ذكرنا فيما تقدّم خبر محمد بن إبراهيم، الملقّب أبوه طباطبا بن إسمعيل بن إبراهيم بن حسن الدعيّ، وظهوره أيام المأمون، وقيام ابي السرايا ببيعته وشأنه كله. ولما هلك وهلك أبو السرايا وانقرض أمرهم، طلب المأمون أخاه القاسم الرسى بن إبراهيم طباطبا ففرّ إلى السّند، ولم يزلط به إلى أمراء هلك سنة خمس وأربعين ومائتين، ورجع ابنه الحسن إلى اليمن، وكان من عقبه الأئمة بصعدة من بلاد اليمن أقاموا للزيدية بها دولة اتصلت أخر الأيام وصعدة جبل في الشرق عن صنعاء، وفيه حصون كثيرة أشهرها صعدة وحصن تلا وجبل مطابة، وتعرف كلها ببني الرسى. وأول من خرج بها منهم يحيى بن الحسين بن القاسم الرسى، دعا لنفسه بصعدة، وتسمى بالهادي، وبويع بها سنة ثمان وثمانين في حياة أبيه الحسين، وجمع الجموع من شيعتهم وغيرها، وحارب إبراهيم بن يعفر. وكان اسعد بن يعفر السادس من أعقاب التبايعة لصنعاء وكملا فغلبه على صنعاء ونجران فملكها وضرب السكّة، ثم انتزعها بنو يعفر منه، ورجع إلى صعدة وتوفي سنة ثمان وتسعين لعشر سنين من ولايته، هكذا قال ابن الحارث قال: وله مصنفّات في الحلال والحرام. وقال غيره: كان مجتهدا في الأحكام الشرعيّة، وله في الفقه آراء غريبة وتواليف بين الشيعة معروفة. قال الصولي: وولي بعده إبنه محمد المرتضى، واضطرب الناس عليه، وهلك سنة عشرين وثلاثمائة لست وعشرين سنة من ولايته. وولي بعده أخوه الناصر أحمد واستقام ملكه، واطرد في بنيه بعده فولي بعده ابنه حسين المنتجب ومات سنة أربع وعشرين. وولي بعده أخوه القاسم المختار إلى أن قتله أبو القاسم الضحاك؟ الهمداني سنة أربع وأربعين. وقال الصولي: من بني الناصر الرشيد والمنتجب ومات سنة أربع وعشرين. وقال ابن حزم لما ذكر ولد ابي القاسم الرسى فقال: ومنهم القائمون
بصعدة من أرض اليمن، أوّلهم يحيى الهادي، له رأي في الفقه، وقد رأيته، ولم يبعد فيه عن الجماعة كل البعد. كان لأبيه أحمد الناصر بنون ولي منهم صعدة بعده جعفر الرشيد، وبعده أخوه القاسم المختار، ثم الحسن المنتجب ومحمد المهدي. قال: وكان اليماني القائم بماردة سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة يذكر انه عبد الله بن أحمد الناصر أخو الرشيد والمختار والمنتجب والمهدي وقال ابن الحاجب: ولم تزل إمامتهم بصعدة مطردة إلى أمراء وقع الخلاف بينهم، وجاء السليمانيون من مكّة عندها أخرجهم الهواشم فغلبوا عليهم بصعدة. وانقرضت دولتهم بها في المائة السادسة. قال ابن سعيد: وكان من بني سليمان حين خرجوا من مكّة إلى اليمن أحمد بن حمزة بن سليمان، فاستدعاهم أهل زبيد لينصروهم على عليّ بن مهدي الخارجي حين حاصرهم، وبها فاتك بن محمد من بني نجاح فأجابهم على أمراء يقتلوا فاتكاً فقتلوه سنة ثلاث وخمسمائة، وملكوا عليهم أحمد بن حمزة فلم يطق مقاومة عليّ بن مهديّ ففرعن زبيد وملكها ابن مهدي قال: وكان عيسى بن حمزة أخو أحمد في عشرة باليمن، ومنهم غانم بن يحيى ثم ذهب ملك بني سليمان من جميع التهائم والجبال واليمن على يد بني مهدي. ثم ملكهم بنو أيوب وقهروهم، واستقر ملكهم آخراً في المنصور عبد الله بن أحمد بن حمزة.
قال ابن العديم: أخذ الملك بصعدة عن أبيه واشتدت يده مع الناصر العبّاسي، وكان يناظره ويبعث دعاته إلى الديلم وجيلان، حتى خطب له هنالك وصار له فيها ولاة، وأنفق الناصر عليه أموالا في العرب باليمن ولم يظفر به. قال ابن الأثير: جمع المنصور عبد الله بن حمزة أيام الزيدية بصعدة سنة إثنتين وخمسمائة، وزحف إلى اليمن فخاف منه المعزّ بن سيف الإسلام طغتكين بن أيوب. ثم زحف إليه المعزّ فهزمه، ثم جمع ثانية سنة إثنتي عشرة وستمائة جموعا من همذان وخولان، وارتجت له اليمن، وخاف المسعود بن الكامل وهو يومئذ صاحب اليمن، ومعه الكرد والترك، وأشار أمير الجيوش عمر بن رسول بمعاجلته قبل أمراء يملك الحصون. ثم اختلف أصحاب المنصور، ولقيه المسعود فهزمه، وتوفي المنصور سنة ثلاثين وستمائة عن عمر مديد، وترك ابناً اسمه أحمد ولاه الزيدية، ولم يخطبوا له بالإمامة ينتظرون علو سنه واستكمال شروطه ولما كانت
سنة خمس وأربعين بايع قوم من الزيدية لأحمد الموطىء من بقية الرسى، وهو احمد بن الحسين من بني الهادي لأنهم لما أخرجهم بنو سليمان من كرسي إمامتهم بصعدة آووا إلى جبل قطابة بشرقي صعدة فلم يزالوا هنالك، وفي كل عصر منهم إمام شائع بأن الأمر إليهم أن بايع الزيديّة الموطىء، وكان فقيهاً أديباً عالماً بمذهبهم قواماً صواماً، بويع سنة خمس وأربعين وستمائة.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق