1054
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
تاريخ ابن خلدون
المجلد الرابع
صفحة 56 - 267
القسم الثاني المجلد الرابع
من تاريخ العلامة ابن خلدون
ثورة البربر وبيعة المستعين وفرار المهدي:
كان الجند من البرابرة وزناتة قد ظاهروا المنصور على أمره، وأصبحوا شيعة لبنيه من بعده ورؤساؤهم يومئذ زاوى بن مناد الصنهاجي وبنو ماكير ابن أخيه زيري، ومحمد بن عبد الله البرزالي، ونصيل بن حميد المكناسي الفازع أبوه عن العبيديين إلى الناصر، وزيري بن عزانة المتيطي، وأبو زيد بن دوناس اليفرني، وعبد الرحمن بن عطاف اليفرني وأبو نور بن ابي قُرَّة اليفرني، وأبو الفتوح بن ناصر وحزرون بن محصن المغراوي، وبكساس بن سيد الناس، ومحمد بن ليلى المغراوي فيمن إليهم من عشائرهم فلحقوا بمحمد بن هشام لما رأو من انتقاض أمر عبد الرحمن وسوء تدبيره. وكانت الأموية تعتد عليهم ما كان من مظاهرتهم العامريين وتنسب إليهم تغلب المنصور وبنيه على أمرهم فسخطتهم القلوب، وخزرتهم العيون، وتنفست
بذلك صدور الغوغاء من أذيال الدولة، ولفظت به ألسنة الدهماء من المدينة. وأمر محمد بن هشام أن لا يركبوا ولا يتسلحوا وردوا في بعض الأيام من باب القصر، وانتهت العامّة يومئذ دورهم، ودخل زاوي وابن أخيه حساسة وأبو الفتوح بن ناصر على المهدي شاكين بما أصابهم فاعتذر إليهم، وقتل من آذاهم من العامّة في أمرهم، وكان مع ذلك مظهراً لبغضهم مجاهراً بسوء الثناء عليهم. وبلغهم أنه سره الفتك بهم فتشمت رجالاتهم، وأسروا نجواهم. واتفقوا على بيعة هشام بن سليمان بن أمير المؤمنين الناصر لدين الله، وفشا في الخاصة حديثهم فعوجلوا عن أمرهم ذلك، واغرى بهم السواد الأعظم فثاروا بهم وأزعجوهم عن المدينة. وتقبض على هشام وأخيه أبي بكر، واحضرا بين يدي المهدي فضرب عنقيهما، ولحق سليمان ابن أخيهما الحكم بجنود البربر وزناتة، وقد اجتمعوا بظاهر قرطبة وتآمروا فبايعوه ولقبوه المستعين بالله، ونهضوا به إلى ثغر طليطلة فاستجاش بابن أذفونش. ثم نهض في جموع البرابرة والنصرانية إلى قرطبة، وبرز إليهم المهدي في كافة أهل البلد وخاصة الدولة، وكانت الدبرة عليهم، واستلحم منهم ما يزيد على عشرين ألفا، وهلك من خيار الناس وأئمة المساجد وسدنتم ومؤذنيها عالم. ودخل المستعين قرطبة خاتم المائة الرابعة، ولحق ابن عبد الجبار بطليلة.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق