1101
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
تاريخ ابن خلدون
المجلد الرابع
صفحة 56 - 267
القسم الثاني المجلد الرابع
من تاريخ العلامة ابن خلدون
إبراهيم بن الأغلب:
ولما استوثق الأمر لمحمد بن مقاتل، كره أهل البلاد ولايته، وداخلوا إبراهيم بن الأغلب في أن يطلب من الرشيد الولاية عليهم فكتب إبراهيم إلى الرشيد في ذلك، على أن يترك المائة ألف دينار التي كانت من مصر إلى أفريقية وعلى أن يحمل هو من إفريقية أربعين ألفاً. وبلغ الرشيد غناءه في ذلك، واستشار فيه أصحابه فأشار هرثمة بولايته فكتب له بالعهد إلى إفريقية، منتصف أربع وثمانين فقام إبراهيم بالولاية، وضبط الأمور. وقفل ابن مقاتل إلى المشرق، وسكنت البلاد بولاية ابن الأغلب وابتنى مدينة العباسية قرب القيروان، وانتقل إليها بجملته. وخرج عليه سنة ست وثمانين بتونس حمديس من رجالات العرب، ونزع السواد فسرّح إليه ابن الأغلب عمران بن مجالد في العساكر فقاتله، وانهزم حمديس، وقتل من أصحابه نحو عشرة آلاف. ثم صرف همه إلى تمهيد المغرب الأقصى، وقد ظهر فيه دعوة العلويّة بإدريس بن عبد الله. وتوفي ونصّب البرابرة أبنه الأصغر، وقام مولاه راشد بكفالته، وكبر إدريس، واستفحل أمره براشد فلم يزل إبراهيم يدسّ إلى البربر، ويسرًب فيهم الأموال حتى قتل راشد، وسيق رأسه إليه. ثم قام بأمر إدريس بعده بهلول عبد الرحمن المظفر من رؤس البربر فاستفحل أمره، فلم يزل إبراهيم يتلطّفه ويستميله بالكتب والهدايا، إلى أن انحرف عن دعوة الأدارسة إلى دعوة العبّاسيّة فصالحه إدريس، وكتب إليه يستعطفه بقرابته من رسول الله ? فكفّ عنه. ثم خالف أهل طرابلس على إبراهيم بن الأغلب سنة تسع وثمانين، وثاروا
بعاملهم سفيان بن المهاجر، وأخرجوه من داره إلى المسجد وقتلوا عامه أصحابه. ثم أمنوه على أن يخرج من طرابلس فخرج سفيان لشهر من ولايته، واستعملوا عليهم إبراهيم بن سفيان التميمي فبعث إليهم إبراهيم بن الأغلب العساكر، وهزمهم، ودخل طرابلس عسكره. ثم استحضر إبراهيم الذين تولّوا كبر ذلك فحضروا في ذي الحجًة آخر السنة، وعفا عنهم وأعادهم إلى بلدهم. ثم انتقض عمران بن مجالد الربعيّ سنة خمس وتسعين على ابن الأغلب. وكان بتونس، واجتمع معه على ذلك قريش بن التونسي، وكثرت جموعهما. وسار عمران إلى القيروان فملكها، وقدم عليه قريش من تونس، وخندق إبراهيم على نفسه بالعبّاسيّة فحاصروه سنة كاملة، كانت بينه وبينهم حروب كان الظفر في آخرها لابن الأغلب. وكان عمران يبعث إلى اشد بن الفرات القاضي في الخروج إليهم وامتنع. ثم بعث الرشيد إلى إبراهيم بالمال فنادى في الناس بالعطاء، ولحق به أصحاب عمران، وانتقض أمره ولحق بالزاب فأقام به إلى أن توفي ابن الأغلب. ثم بعث إبراهيم على طرابلس ابنه عبد الله سنة ست وتسعين فثار عليه الجند وحاصروه بداره. ثم أمّنوه على أن يخرج عنهم فخرج، واجتمع إليه الناس، وبذل العطاء وأتاه البربر من كل ناحية. وزحف إلى طرابلس فهزم جندها ودخل المدينة. ثم عزله أبوه وولّى سفيان بن المضاء فثارت هوارة بطرابلس، وهجم الجند فلحقوا بإبراهيم بن الأغلب وأعاد معهم ابنه عبد الله في ثلاثة عشر ألفاً من العساكر ففتك بهوّارة، وأثخن فيهم وجدد سور طرابلس. وبلغ الخبر إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم فجمع البربر، وجاء إلى طرابلس فحاصرها وسد عبد الوهاب باب زناتة، وكان يقاتل من باب هوارة. ثم جاءه الخبر بوفاة أبيه فصالحهم على أن يكون البلد والبحر لعبد الله، وأعمالها لعبد الوهاب، وسار إلى القيروان. وكانت وفاة إبراهيم في شوال سنة ست وتسعين.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق