1090
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
تاريخ ابن خلدون
المجلد الرابع
صفحة 56 - 267
القسم الثاني المجلد الرابع
من تاريخ العلامة ابن خلدون
كلثوم بن عياض:
ولما انتهى الخبر إلى هشام بن عبد الملك. بهزيمة العساكر بالمغرب، إستنقص ابن الحبحاب وكتب إليه يستقدمه، وولّى على إفريقية سنة ثلاث وعشرين كلثوم بن عياض، وعلى مقدمته بلخ بن بشر القشيريّ فأساء إلى أهل القيروان، فشكوا إلى حبيب بن أبي عبيدة، وهو بتلمسان موافق للبربر، فكتب إلى كلثوم بن عيّاض ينهاه ويتهدّده فاعتذر وأغضى له عنها، ثم سار واستخلف على القيروان عبد الرحمن بن عقبة، ومر على طريق سبيبة، وانتهى إلى تلمسان، ولقي حبيب بن عبيدة واقتتلا، ثم اتفقا ورجعا جميعاً. وزحف البرابرة إليهم على وادي طنجة وهو وادي سوا فانهزم بلخ في الطلائع، وانتهوا إلى كلثوم فانكشف واشتد القتال. وقتل كلثوم وحبيب بن أبي عبيدة، وكثير من الجند. وتحيًز أهل الشام إلى سبتة مع بلخ بن بشر فحاصرهم البرابرة، وأرسلوا إلى عبد الملك بن قطن أمير الأندلس في أن يجيزوا إليه فأجابهم إلى ذلك بشرط أن يقيموا سنة واحدة. وأخذ رهنهم على ذلك، وانقضت السنة، وطالبهم بالشرط فقتلوه وملك بلخ الأندلس. وكان عبد الرحمن بن حبيب بن عبيدة بن عقبة بن نافع لما قتل أبوه حبيب مع كلثوم بن عيّاض، وأجاز بلخ إلى الأندلس فملكها فأجاز عبد الرحمن إلى الأندلس، يحاول ملكها. فلما جاء أبو الخطار إلى الأندلس من قبل حنظلة أيس عبد الرحمن من أمرها، ورجع إلى تونس سنة ست وعشرين، وقد توفي هشام، وولي الوليد بن يزيد فدعا لنفسه، وسار إلى القيروان، ومنع حنظلة من قتاله، وبعث إليه وجوه الجند فانتهز عبد الرحمن الفرصة فيهم واوثقهم لئلا يقاتله أصحابهم، وأغذ السير إلى القيروان فرحل حنظلة من إفريقية، وقفل إلى المشرق سنة سبع وعشرين. واستقل عبد الرحمن بملك إفريقية، وولّى مروان
بن محمد فكتب له بولايتها، ثم ثارت عليه الخوارج في كلّ جهة فكان عمر بن عطاب الأزدي بطبنياش، وعروة بن الوليد الصفريّ بتونس، وثابت الصّنهاجيّ بباجة، وعبد الجبّار بن الحارث بطرابلس على رأي الاباضيّة فزحف عبد الرحمن إليهما سنة إحدى وثلاثين فظفر بهما، وقتلهما، وسرّح أخاه الياس لابن عطاب فهزمه وقتله. ثم زحف إلى عروة بتونس فقتله، وانقطع أمر الخوارج. وزحف سنة خمس وثلاثين إلى جموع من البربر بنواحي تلمسان فظفر بهم، وقفل. ثم بعث جيشاً في البحر إلى صقلئة، وآخر إلى سردانية فأثخنوا في أمم الفرنج حتى استقّروا بالجزاء. ثم دالت دولة بني العباس، وبعث عبد الرحمن بطاعته إلى السفاح ثم إلى أبي جعفر من بعده. ولحق كثير من بني أمية إلى إفريقية. وكان ممن قدم عليه القاضي، وعبد المؤمن ابنا الوليد بن يزيد، ومعهما ابنة عمّ لهما فزوجها عبد الرحمن من أخيه الياس. ثم بلغ عبد الرحمن عنهما السعي في الخلافة فقتلهما، وامتعضت لذلك ابنه عمهما فأغرس زوجها بأخيه عبد الرحمن و استفسدته. وكان عبد الرحمن قد أرسل إلى ابي جعفر بهدية قليلة، وذهب يعتذر عنها فلم يحسن العذر، وأفحش في الخطاب فكنب إليه المنصور يتهدده، وبعث إليه بالخلعة فانتقض هو ومزق خلعته على المنبر فوجد أخوه الياس بذلك السبيل إلى ما كان يحاول عليه، وداخل وجوها من الجند في الفتك بعبد الرحمن، وإعادة الدعوة للمنصور ومالأه في ذلك أخوه عبد الوارث وفطن عبد الرحمن لهما فأمر الياس بالمسير إلى تونس، وجاء ليودّعه ومعه أخوه عبد الوارث فقتلاه في آخر سبع وثلاثين لعشر سنين من إمارته.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق