1069
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
تاريخ ابن خلدون
المجلد الرابع
صفحة 56 - 267
القسم الثاني المجلد الرابع
من تاريخ العلامة ابن خلدون
الخبر عن أبي عامر صاحب شرق الأندلس من بني ملوك الطوائف وأخبار الموالي العامريّين الذين كانوا قبله وابن صمادح قائده بالمريّة وتصاريف أحوالهم ومصايرها:
بويع للمنصور عبد العزيز بن عبد الرحمن الناصر بن أبي عامر بشاطبة سنة إحدى عشرة وأربعمائه، أقامه الموالي العامريّون عند الفتنة البربرية فاستبدّ بها. ثم ثار عليه أهل شاطبة فأفلت، ولحق ببلنسية فملكها وفوّض أمره للموالي. وكان من وزرائه ابن
عبد العزيز وكان خيران العامريّ من مواليهم، تغلّب من قبل ذلك على أربولة سنة أربع. ثم ملك مرسية سنة سبع، ثم حيّان ثم المريّة سنة تسع، وبايعوا جميعاً للمنصور عبد العزيز. ثم انتفض خيران على المنصور، وسار من المريّة إلى مرسية، وأقام بها ابن عمّه أبا عامر محمد بن المظفّر بن المنصور بن أبي عامر، خرج إليه من قرطبة من حجر القاسم بن حمود، وخلص إلى خيران بأموال جليلة، فجمع الموالي فأخذوا ماله وطردوه. ثم ولاّه خيران وسمّاه المؤتمن ثم المعتصم. ثم تنكّر عليه وأخرجه من مرسية ولحق بالمريّة وأغرى به الموالي فأخذوا ماله وطردوه، ولحق بغرب الأندلس إلى أن مات. ثم هلك خيران بالمريّة سنة تسع عشرة، وقام بالأمر بعده الأمير عميد الدولة أبو قاسم زُهير العامريّ، وزحف إلى غرناطة فبرز إليه باديس بن حبّوس وهزمه، وقتل بظاهرها سنة تسع وعشرين فصار ملكه للمنصور عبد العزيز صاحب بلنسية، وملكها من يده سنة سبع وخمسين. ولما هلك المأمون بن ذي النون وولى حافده القادر، ولّى على بلنسية أبا بكر بن عبد العزيز بقية وزراء ابن أبي عامر، فداخله ابن هود في الانتقاض على القدر ففعل واستبدّ بها، وضبطها سنة ثمان وستين حين تغلّب المقتدر على دانية. ثم هلك سنة ثمان وسبعين لعشر سنين من ولايته. وولي إبنه القاضي عثمان فلما سلم القادر بن ذي النون طليطلة زحف إلى بلنسية ومعه ألفنش كما قلناه، وخلع أهل بلنسية عثمان بن أبي بكر، وأمكنوا منها القادر خوفا من استيلاء النصرانيّ وذلك سنة ثمان وسبعين وأربعمائه. ثم ثار القادر سنة ثلاث وثمانين القاضي جعفر بن عبد الله بن حجاب، وقتله واستبدّ بها. ثم تغلّب النصارى عليها سنة تسع وثمانين وقتلوه. ثم تغلّب المرابطون على الأندلس، وزحف ابن ذي النون قائدهم إلى بلنسيه فاسترجعها من أيديهم سنة خمس وتسعين وأربعمائه. وأمّا معنُ بن صالح قائد الوزير ابن ابي عامر فأقام بالمريّة لما ولاّه المنصور سنة ثمان وثمانين، وتسمّى ذا الوزارتين. ثم خلعه وولّى ابنه المعتصم أبو يحيى محمد بن معن بن صُمادح، واستبدّ بها أربعاً وأربعين سنة، وثار عليه صاحب لورقة ابن شبيب، وكان أبوه معزولاً عليها فجهّز إليه المعتصم جيشا، واستمد ابن شبيب المنصور بن أبي عامر صاحب بلنسية ومرسية بالعدّو، واستمدّ المعتصم بباديس، ونهض عمّه صُمادح بن باديس بن صمادح فقاتلوا حصوناً من حصون لورقة، واستولوا عليها، ورجعوا ولم يزل المعتصم أميراً بالمريّة إلى أن هلك سنة ثمانين وولي إبنه، وخلعه يوسف بن تاشفين أمير
المرابطين سنة أربع وثمانين، وأجاز إلى العدوة ونزل على آل حمّاد بالقلعة، وبها مات ولده، والله وارث الأرض ومن عليها.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق